أحمد فايق يكتب: مليارات قطر وجهات خفية للسيطرة على عقول المصريين

مقالات الرأي



■ 10 فضائيات جديدة تنهى عصر نجم التوك شو السياسى وعودة برامج الترفيه

■ انقسام السوق إلى 3 كيانات فى مواجهة bein القطرية ومحاولات لإنقاذ نايل سات

■ 3 كيانات مصرية أيقنت لعبة «الدوحة» مبكراً وقررت المواجهة


من يتحكم فى مستقبل الشعوب؟

هل هى الجيوش أن أنظمة الحكم أم أن اللعبة تغيرت تماما؟

هل أصبحت الحروب الآن بالبارود فقط أم تطورت وتحولت إلى طرق أكثر فتكا من القنابل النووية؟

من يحكم العالم؟

هل هى أمريكا وغريمها التقليدى الروسى؟

هل هى الصين والاتحاد الأوروبى والقوى الكبرى الجديدة؟

أيهما أكثر قوة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أم رئيس مجلس إدارة شركة مرسيدس بنز؟

أيهما أكثر تأثيرا الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند أم رئيس مجلس إدارة إيرباص؟

أيهما أكثر نفوذا الرئيس اليونانى أم رئيس مجلس إدارة يورو نيوز؟

لقد تغيرت موازين التحكم فى القوى، وتغير المشهد التقليدى.

فى تقرير للمخابرات البريطانية عن هرم السيطرة فى العالم ثبت أن هناك ٧ قوى تسيطر على قرارات الشعوب وترسم مستقبل أطفالنا.

فى قمة الهرم البنك الدولى الذى يضع السياسات المالية العامة ويحدد السياسة النقدية للدول والمحامى الأول عن رجال الأعمال فى العالم، ويتدخل فى توزيع أموال الموازنات العامة للدول، ومنها قرارات رفع الدعم فى الدول النامية.

القوة الثانية هى البنوك المركزية فى العالم، فلكل دولة بنك مركزى يتحكم فى سعر العملة المحلية، والمسئول عن رسم السياسة النقدية المحلية، وتوفير عملة صعبة للاستيراد، وحجم القروض وسعر الفائدة، ومراقبة البنوك الوطنية والخاصة. 

القوة الثالثة فى الترتيب هى البنوك الكبيرة التى أصبحت شبكة من العلاقات الاقتصادية المعقدة، ومتواجدة فى معظم بلاد العالم، لا تتحكم فيها دول بعينها أو منظمات، بل تخضع لمصالح مجموعة من رجال الأعمال والاقتصاديين الكبار، مصالح لها علاقة بالمكسب والخسارة ولا تخضع لأى معايير إنسانية أو حتى أخلاقية. 

القوة الرابعة الأكثر تأثيرا هى الإعلام والشركات الكبرى، أما القوة الخامسة طبقا للترتيب فهى المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والأحلاف العسكرية مثل الناتو والوكالات الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وغيرها.

القوة الخامسة هى الحكومات الوطنية التى تنفذ السياسات الاقتصادية التى وضعها البنك الدولى والبنوك المركزية وترضخ لمصالح البنوك الكبرى، وتلتزم بقرارات المنظمات الدولية واتفاقياتها.

فالمنظمات الدولية ايضا ترضخ لضغوط البنك الدولى والبنوك المركزية التى تتحكم فى سياسات الدول.

فى قاعدة مثلث القوى تأتى الشعوب المغلوبة على أمرها والتى تنفذ رغبات القوى السادسة الأخرى...

الإعلام هو القوة الرابعة فى هذا المثلث المرعب، ففى الفيلم الفرنسى لا «كونكيت» أو «الخديعة» نرى كيف صنع الإعلام فى فرنسا من الرئيس الفرنسى السابق  ساركوزى رئيس جمهورية، رغم أنه لم يكن يستحق سوى لقب «أحمق»، فى فيلم الرأسمالية قصة حب للمخرج الأمريكى العظيم مايكل موور نرى فى مشهد البداية لقطات لبيوت عشوائية وعشش صفيح فى أمريكا، ونسمع تعليقًا صوتيًا من مايكل موور يقول فيه لقد تعودت دائما فى الأفلام الأمريكية والإعلام أن ترى أمريكا عبارة عن ناطحات سحاب فخمة يتم تصويرها من طائرات هليكوبتر.. الواقع يختلف هذه ليست أمريكا التى نعرفها وبدأت أحداث الفيلم تتحدث عن أزمة الرهن العقارى فى أمريكا.

فى فيلم «جنوب الحدود» للمخرج أوليفر ستون نرى الجانب الآخر من حكام أمريكا الجنوبية، وكيف نجح الإعلام الأمريكى فى تحويلهم إلى شياطين، لقد حاولت المخابرات الأمريكية بمساعدة الإعلام شيطنة الزعيم الفنزويلى هوجو شافيز وفشلت كل محاولات الإطاحة به من على كرسى الحكم، لقد أبرز الفيلم زعماء ومناضلين حقيقيين فى فنزويلا والأرجنتين وكوبا وأورجواى يحاربون المخابرات والإعلام الأمريكى من أجل مصلحة شعوبهم.

وفى الفيلم الصربى «مارادونا» نرى تحفة للمخرج الكبير أمير كوستاريتشا تكشف كيف تم تشويه صورة أسطورة كرة القدم الارجنتينية مارادونا، لقد تعرض للشيطنة من الإعلام الأمريكى لأنه أصبح رمزا من رموز اليسار فى العالم ويدعم حكام أمريكا الجنوبية ضد الولايات المتحدة الأمريكية، رفض أن يقابل الرئيس الأمريكى، ووقف أمام عنجهية بريطانيا حينما وضع هدفا شهيرا بيده فى إنجلترا ولما سألوه قال إنها يدى أم يد الله؟ لقد كان يلمح للمجازر التى وقعت فيها وهى تحتل جزر الفوكلاند.

لقد نجح برلسكونى أن يصبح رئيسا لوزراء إيطاليا من خلال إمبراطوريته الإعلامية، فقد تحكم فى إيطاليا من خلال إمبراطوريته الإعلامية والاقتصادية.

المشهد الإعلامى فى مصر يجرى الآن صياغته من جديد سواء من صناع الإعلام أنفسهم أو من بعض رءوس الأموال أو من بعض الجهات الوطنية.

فى نفس الوقت الذى تستعد فيه المليارات من الخارج للدخول فى المشهد وإعادة صياغته، لقد أيقنت قطر أن عصر قنوات الجزيرة انتهى، فلم يعد لها مصداقية ولم تعد تؤثر فى الشارع، لذا اتجهت إلى قنوات «بى أن» سبورت الفرنسية، استحوذوا على كل البطولات، واشترت قطر هـذه القنوات، وأصبح عددها فى منطقة الشرق الأوسط ١٦ قناة، هل تتخيل أن «بى أن» سبورت الأصلية فى فرنسا ٣ قنوات فقط، وفى مصر والدول العربية ١٦ قناة.

وضعت قطر هـذه القنوات على قمر قطرى جديد وذلك لسحب البساط من النايل سات، قررت قطر أن توسع نطاق السيطرة من خلال إطلاق ٥ قنوات ترفيهية جديدة تحمل اسم «بى أن» أيضا ستنطلق فى شهر سبتمبر المقبل، يتفاوضون الآن مع الشيخ صالح كامل والأمير الوليد بن طلال لشراء نيجاتيف ٣٠٠٠ فيلم مصرى، يشترون فورمان برامج عالمية وذلك لجذب كل المشاهدين المصريين لهم.

عليك أن تتخيل إذا نجحوا فى سحب المشاهد المصرى من النايل سات إلى القمر القطرى الجديد فإنه سيجد أمامه كل بطولات كرة القدم الإفريقية والأوروبية والأفلام المصرية القديمة كلها وبرامج منوعات فيها كل النجوم المصريين والعرب والقنوات الإخبارية ستكون الجزيرة بالطبع، لو نجحوا فى هذا المخطط فإنهم بذلك يسيطرون على عقول المصريين بالكامل، واقتصاديا سيستطيعون النزاع على التورتة الإعلانية فى مصر والتى تصل إلى ٢ مليار و٧٠٠ مليون جنيه.

التحرك القطرى واجهه هذه المرة تحرك مصرى مبكّر، فقد انقسم أباطرة الميديا فى مصر إلى ثلاث جبهات الأولى هى «جبهة الصنايعية» التى تضم علاء الكحكى ووليد العيسوى قنوات النهار  وسى بى سى، يطلق على الاثنين فى سوق الإعلام «الصنايعية» لأنهما لا يمتهنان مهنة أخرى غير الإعلام وصناعته، وبناء عليه حدث الاندماج بين النهار والسى بى سى، الهدف الأساسى من الاندماج هو الحصول على اكبر قدر من تورتة الإعلانات، والدخول إلى سوق الخليج والحصول أيضا على جزء من الإعلانات الخاصة به، بالاضافة إلى محاولة وقف حالة المبالغة فى أسعار النجوم والدراما والمحتوى، فقد وصلت أسعار المحتوى بسبب دخول دول ورجال أعمال فيه إلى أرقام تهدد صناعة الإعلام فى مصر بالانهيار. 

الجبهة الثانية ستظهر على الساحة فى شهر أكتوبر المقبل من خلال افتتاح تجريبى لقنوات «دى أم سى» والافتتاح الحقيقى سيكون فى شهر يناير المقبل، «دى أم سى» هى قنوات ستخرج من مؤسسة دهب للإعلام، وهى مؤسسة وطنية محترمة يديرها المهندس طارق اسماعيل، ومن إنتاجها إذاعة ٩٠٩٠ التى حققت طفرة ونجاحا كبيرا، وموقع «مبتدأ» ونجحت فى الحصول على قناة «الناس» لتتحول من قناة سلفية متطرفة إلى قناة معتدلة ووسطية.

دى ميديا تعاقدت مؤخرا مع الإعلامى رامى رضوان والإعلامية إيمان الحصرى والفنان اشرف عبد الباقى، ومن المتوقع أن تخرج ٥ قنوات تليفزيونية ما بين عامة وقنوات ترفيه، كما وقعت مؤسسة دى ميديا مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون على شراكة.

الجبهة الثالثة هى قنوات «أون تى فى» بعد شراء رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة لها والتى تمتلك الآن حقوق الدورى وتصفيات كأس العالم بالإضافة إلى تحالفها مع شركة «سينرجى» لتامر مرسى والتى وقعت تعاقدات مع عادل إمام وغادة عبد الرازق ومصطفى شعبان وعمرو دياب.

تظهر أيضا فى الصورة شركة مصر للسينما بعد توقيع شراكة بين رجل الأعمال كامل أبو على وبين أحمد أبو هشيمة وتهدف إلى إنتاج ٥ أفلام و٥ مسلسلات.

حتى الآن الثلاث جبهات فى مصر لا تعمل بالتنسيق فيما بينها وربما هناك حالة من الصراع بينها، لكن وجودها مهم جدا فى مواجهة الإعلام القطرى الذى يمتلك المليارات ولا يمتلك المهارات والكفاءات خاصة فى مجال الترفيه.