"داعش" والحرب المنتظرة

قالت صحيفة الحياة اللندنية، إن «داعش» يحاول  ضرب الانتصارات التي حققها الجيش العراقي باستعادته معظم المدن التي سيطر عليها التنظيم، خصوصاً الفلوجة التي كانت أحد أهم معاقله بعد الموصل، وذلك من خلال تنفيذ تفجيرات مدروسة لإثارة المشاعر المذهبية والتحريض بهدف استعادة الحرب الأهلية وإعاقة جهود التطبيع في المناطق المحررة.

 

فقد شن «داعش» الليلة قبل الماضية هجوماً انتحارياً نفذه ثلاثة من عناصره بينهم امرأة، استهدف مزاراً شيعياً في قضاء بلد جنوب صلاح الدين، سقط بنتجته 40 قتيلاً على الاقل وذلك بعد أيام على تفجير دامٍ استهدف منطقة الكرادة وسط بغداد، وأسفر عن قتل وإصابة نحو 400 شخص.

 

من جهة أخرى، تثير هذه التفجيرات غضباً شعبياً عارماً يستغله السياسيون للهجوم على رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي أقال قائد العمليات في بغداد وعدداً من كبار الضباط، ويتهمونه بالتقصير، و «التهرب من المسؤولية»، على ما أعلن وزير الداخلية المستقيل محمد الغبان، وهو من منظمة «بدر»، التي أثارت جدلاً واسعاً ووضعت أميركا فيتو على مشاركتها في القتال خلال تحرير الفلوجة.

 

وتأتي هذه التفجيرات لتعرقل جهوداً دولية ومحلية لإعادة تطبيع العلاقات في المناطق المحررة من «داعش» في صلاح الدين والأنبار، وإتاحة الفرصة لعودة مئات آلاف النازحين إلى مدنهم وقراهم وإزالة القلق من أنباء عن محاولات تغيير ديموغرافي. وحذر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ورئيس البرلمان سليم الجبوري من محاولات لإشعال الفتنة الطائفية في البلاد.

 

إلى ذلك، أقال رئيس الوزراء حيدر العبادي أمس، قائد العمليات في بغداد الفريق عبد الأمير الشمري ومسؤولي الأمن والاستخبارات، على خلفية التفجير الذي ضرب منطقة الكرادة. وجاء قرار العبادي في محاولة لامتصاص موجة الغضب الشعبي، إذ يتجمع مئات البغداديين يومياً عند مكان التفجير، مطالبين بمحاسبة المسؤولين.

 

وشن وزير الداخلية المستقيل هجوماً شديداً على العبادي واتهمه بالتهرب من المسؤولية الأمنية. وقال في بيان: «لا يمكن ان يبقى ملف الأمن الداخلي في هذا الإرباك والتخبط، تشرف عليه قيادات عسكرية وأجهزة لا تعمل وفق رؤية ولا خطة، ولا تنسيق بينها، مع استمرار نزيف العراقيين من دون معالجة الخلل». وأكد أن «رئيس الوزراء بات هو المسؤول عن ملف الأمن، يصدر الأوامر والتوجيهات في كل صغيرة وكبيرة، ففي العاصمة منح الفريق عبد الأمير الشمري صلاحيات واسعة وهو يتحكم بموارد وزارتي الداخلية والدفاع، من دون أن يقدم أي حل لمعالجة الخلل، ما أفقد القطعات مبدأ القيادة والسيطرة التي على أساسها شكلت قيادة العمليات».

 

وزاد: «كتبت إلى رئيس الوزراء رسالة مفصلة بينت له كل ما ذكرت أعلاه، مذكراً بمسيرة عام ونصف العام من محاولات الوزارة تحسين الأمن (...) ولكن العبادي لم يكترث. ولم يكلف نفسه حتى الاتصال (بي) لذلك قررت إطلاع الشعب على الحقائق». وتابع «عقدت مؤتمراً صحافياً حضره معظم القنوات الإعلامية وكان من المقرر أن يتم نقله مباشر عبر قناة «العراقية». ولكن قبل المؤتمر فوجئت بأن العبادي أوعز بعدم تغطية المؤتمر، حتى إجاباتي على أسئلة مراسل القناة، ولم يبث سوى شريط إخباري، وهو استقالة وزير الداخلية بعد تفجير الكرادة».