منال لاشين تكتب: دولار عبدالناصر

تزامنت ذكرى ثورة 23 يوليو مع أزمة الدولار.. وقد وجد بعض خصوم الثورة فى هذه الأزمة فرصة لتوجيه السهام لجمال عبدالناصر وثورته.

تسمع أو تقرأ من يسخر من أزمة الدولار أيام عبدالناصر.

ومن يعدد مآسى عدم السفر لأوروبا لزوم الفسح قضاء شهور الصيف فى الريفيرا وشواطئ أوروبا، ومشكلة الشوبينج.. واختفاء الماركات العالمية من المحلات و(فاترين) وسط البلد. والشوق للبضائع المستوردة من الملابس والأحذية والحقائب. وصعوبة الحصول على ماركة العطر الفرنسى الذى لا يمكن العيش بدونه، وآلام مكابدة رائحته التى تطاردك فى صحوك ومنامك.

واختفاء السيارات الفاخرة، صعوبة التكيف مع العربية 131 والـ 125 والانتظار فى طوابير للحصول على دولار للسفر. وانتظار سنوات للعمرة أو الحج، وممكن تموت قبل ما تحج. وكان المبعوثون يعيشون حياة (الضنك) خلال سنوات البعثة.

وكل ما يقال عن دولار عبدالناصر صحيح وأكثر. لأن الدولار أيام عبدالناصر لم يذهب للشوبينج والسفر والعطور وماركات الملابس.

الدولار فى أيام عبدالناصر ذهب إلى مكانه الاقتصادى الصحيح.

عبدالناصر وفر الدولار لاستيراد الخامات والأجهزة والمعدات، وذلك فى وقت لم تكن مصر تنتج الكثير من السلع والأجهزة. ولم تعرف البنية الصناعية المتنوعة الموجودة الآن.

دولار عبدالناصر فى مصر بنى السد العالى والذى حمى مصر لأكثر من 40 عاما من الجفاف ومد الكهرباء حتى لريف مصر.

دولار عبدالناصر شيد أكثر من 375مصنعا ومراكز صناعية وبنى أكثر من عشر جامعات وأكبر عدد من المدارس بجميع أنواعها، وأضاف لمصر مئات المستشفيات وآلاف المراكز الصحية فى القرى ومساكن الإسكان الشعبى. واستورد أجهزة ومعدات لكل هذه المشروعات.

دولار عبدالناصر ذهب لمستحقيه وخدم ملايين المصريين، وامتدت آثاره لأجيال، ولا تزال آثاره حتى الآن.

دولار عبدالناصر أرسل أكبر نسبة من المبعوثين للخارج مقارنة بعدد الشعب المصرى فى ذلك الوقت.

دولار عبدالناصر بنى مصانع الأدوية التى توفر حتى الآن وبعد أكثر من 50 عاما الأدوية الأقل ثمنا للمصريين. وعلى الرغم من رفع سعر هذه الأدوية فلولاها لمات ملايين المصريين من المرض بالمعنى الحرفى، وليس مجرد مجاز.

دولار عبدالناصر بنى أكبر بنية ثقافية وإبداعية فى مصر. فلم يبخل عبدالناصر على الثفاقة بالدولار.

الآن ورغم الأزمة الطاحنة فإن الدولار أكثر وفرة فى مصر من زمان عبدالناصر.

الآن وعلى الرغم من توقف النشاط الاقتصادى فإن دخل مصر من الدولار أعلى من أيام عبدالناصر .

ولكن دولار اليوم يستخدم فى كل شىء إلا البناء.

نشترى بـ3.3 مليار دولار سيارات ونشكو من هم انتظار الحصول على سيارة مرسيدس لستة أشهر.

ونشترى تفاحا بـ450 مليون دولار، ونضع أيدينا على قلوبنا خوفا من يوم اختفاء الكمثرى الأمريكانى من السوبر ماركت فى مصر.

اليوم نستورد مجوهرات بـ600 مليون دولار ونخزن سبائك الذهب.

اليوم نشترى المغفرة والسلع برحلات حج وعمرة بـ1.7مليار دولار. ونحن لم نكن أبعد عن الدين مثل هذه الأيام.

الآن الدولار صار إلها، ودولار عبدالناصر كان مجرد سلم نصعد عليه لنبنى بلدنا.

الدولار الآن يشترى الذمم ويؤمن المستقبل لكام ألف، ودولار عبدالناصر كان مجرد وسيلة لبناء المستقبل.

ولن نبنى مستقبل مصر أو حتى نضمن حاضرها إلا باستعادة روح وطريقة دولار عبدالناصر.