د.دينا أنور تكتب: زويل "لا يزال" وليس إلى "زوال"..!

مقالات الرأي

د.دينا أنور
د.دينا أنور



لم نشعر بالحزن عندما سمعنا بهذا الخبر الأليم بقدر ما شعرنا بالمباغتة، هل حقاً مات الدكتور زويل الذي أبهر العالم كله بأبحاثه وإنجازاته في مجالات العلوم المختلفة قبل أن يحقق شيئاً من إنجازاته تلك على أرض وطنه الذي ظل يحمل له حنيناً وأنتماءً برغم كل العواصف السياسية والإقتصادية والفكرية؟ كيف مر هذا الرجل العظيم علينا هكذا كمرور الكرام؟ كيف لم نسمع عن دور حيوي له في مؤسسات التعليم والبحث العلمي؟

هكذا قدر أبناء مصر النوابغ، يعانون الأمرين على أرضها وينحتون في الصخر دون جدوى ودون ذكر، ثم يأخذهم الطموح والرغبة على إثبات الذات إلى الخروج خارج حدودها والبحث عن النجاح في الدول التي تقدس العلم  وتعطي العلماء قدرهم الذي يستحقون، ثم ينجحون ويتميزون ويبهرون من حولهم وزملائهم بل وأساتذتهم بما حققوه، ثم تتوالى نجاحاتهم حتى تصبح عالمية، وفور تكريمهم عالمياً أو فوزهم بأي جائزة دولية، تستيقظ فرقة "مزيكا حسب الله" المصرية لتهلل و"تاخد ع الجاهز"، عالم مصري حلاوة ونقاوة وواخد جايزة نوبل والعالم كله بيقول إنه عمل حاجات مهمة قوي!! لكن مش مهم عمل إيه وإزاي هنستفيد من اللي عمله، المهم إننا عملنا الواجب وباركنا له، وعقبال عندكم يا حبايب وكل اختراع وكل عالم وإنتم طيبين!!!؟

هكذا عاش زويل طيفاً جميلاً لم نكد ننعم بنسيمه، عاش ومات غريباً في الوطن الذي ظل قلبه متعلقاً به وتمنى أن يخدمه بعلمه ولكن القدر لم يمهله، طلب أن يدفن في الأرض التي خرج منها باحثاً عن ذاته ولم يجدها سوى خارجها، تمنى أن يشهد دفن جثمانه الأشخاص الذين لم يسمعوا باسمه سوى بعد تكريم الغرب له وحصوله على جائزة نوبل العالمية، وعندما أوصى لم يوص سوى بمدينته المصرية "مدينة زويل" التي هاجموها أكثر مما دعموها، وحاربوها أكثر مما مولوها، وماذا تنتظر غير ذلك في دولة تنتهج أسلوب العرض والطلب دون أي خطط مستقبلية للتقدم والتطور والإهتمام بالعلم، الناس دماغها كورة إديهم كورة، دماغهم بلطجة إديهم ناصر الدسوقي، دماغهم مخدرات إديهم فن عشوائيات وإدمان وبلاوي سودا !!!

أتذكر جيداً كيف تمت محاربة فقيدنا العظيم زويل إبان ثورة يناير عندما إنتشرت مجرد إشاعة بإحتمالية ترشحه في الإنتخابات الرئاسية، كيف تم تخوينه وتغريبه وإتهامه بالعمالة والسعي للسلطة برغم أن أمثال الدكتور زويل في الخارج يعاملون بلياقة وإحترام تفوق معاملة مسؤولي الدولة وحكامها، ورغم علم الجميع بأنه ليس في حاجة لسلطة أو مال أو شهرة أو مجد، إلا أنهم مارسوا عليه هوايتهم العقيمة في "تطفيش" الكفاءات، إلى حد اعتبر الكثيرون أن القرار الذي صدر بمنع ترشح أي مواطن مصري له زوجة أجنبية لخوض إنتخابات الرئاسة قراراً تم تفصيله خصيصاً للعالم الدكتور أحمد زويل خشية التفاف الجماهير المتعطشة للتقدم حوله.

فلترقد في سلام يا عالمنا الكبير، كل المجد والعزة لروحك النقية، لا أستطيع أن أعدك أنك ستظل صرحاً خالداً في وطنك، فوطنك حالياً لا يمجد العلماء ولا من يخدمون الإنسانية ويساهمون في رفعتها، ولكن قلبي يحمل أملاً  لا حدود له في أن تعي الأجيال القادمة عظمة ما حققته وما كنت تسعى لتحقيقه على أرض وطنك، وربما يستطيعون أن يطبقوا علمك ويخدمون به البشرية، سلام على روحك في مثواك الأخير، وسلام على ذكراك إلى كتب التاريخ.