العرب اللندنية: "الداخلية" استثمرت طلب "السيسي" ووضعت قيودا جديدة

أخبار مصر

الداخلية - أرشيفية
الداخلية - أرشيفية




قالت صحيفة العرب اللندنية، إنه بعد أن تحسنت العلاقة تدريجيا بين رجال الشرطة والإعلام في مصر، على خلفية واقعة اقتحام قوات الأمن نقابة الصحافيين في مايو الماضي، بدأت القطيعة بين الطرفين تأخذ منحنى جديدا، بعد إقرار البرلمان قانونا يحظر على رجال الشرطة التحدث لوسائل الإعلام بجميع أشكالها.

وافق مجلس النواب المصري، الثلاثاء، على تعديلات قانونية تمنع ضباط الشرطة من الإدلاء بالمعلومات المتصلة بعملهم إلى أي من وسائل الإعلام المختلفة، حتى لو تركوا الخدمة الشرطية وأحيلوا إلى المعاش.

ووصف صحافيون وإعلاميون هذه الخطوة بـ”الخطيرة” لأنها تفرض قيودا متزايدة على تداول المعلومات في مصر، وتحاصر وسائل الإعلام بإبعاد مصدر مهم للمعلومات عنها، وهو ما يحول دون الوصول إلى الحقائق الكاملة في الملف الأمني.

ووفقا للتقرير الذي أعده الزميل أحمد حافظ، فالتعديلات الجديدة حظرت على رجل الشرطة أن يفضي، بغير إذن كتابي من وزير الداخلية، بمعلومات أو إيضاحات عن المسائل السرية بطبيعتها أو بمقتضى تعليمات كتابية صادرة عن الجهة المختصة، أو يفشي المعلومات الخاصة بالوقائع التي تتصل بعمله أو ينشر وثائق ومستندات وصورها المتعلقة بنشاط هيئة الشرطة أو أساليب عملها، في مجال المحافظة على سلامة وأمن الدولة.

وضاعف البرلمان من القيود المفروضة على علاقة رجال الشرطة بالإعلام، بأن أضاف مادة تتضمن عقوبة الحبس والغرامة المالية على كل من يخالف التعليمات، في مشهد أعاد إلى الأذهان الخطوة المماثلة التي اتخذها النائب العام المصري، المستشار نبيل صادق، في مايو الماضي، بفرض قيود صارمة على رجال النيابة ومنعهم من التواصل مع وسائل الإعلام أو استقبال الصحافيين داخل مكاتبهم أو التحدث معهم بشأن القضايا المنظورة أمامهم.

وأعرب صحافيون عن أن التعديلات “تمثل صدمة في ملف تداول المعلومات، وإغلاق الطريق أمام نشر الحقائق التي تتعلق بالوضع الأمني، وسوف تكون نقمة على الصحافيين، ويتحول محررو الحوادث والقضايا إلى عاطلين أو موظفين يستقبلون بيانات الجهات الأمنية فقط”.


كما اعتبروها نقمة أخرى على وزارة الداخلية التي تمنع رجالها من التواصل مع الإعلام حتى نفي معلومات خاطئة، ما قد يؤثر على الوضع الأمني ويزيده التباسا، لأن هناك أمورا أمنية تتطلب الرد عليها سريعا ولا تحتمل التأخير إلى حين صدور تصريح للضابط المسؤول بالتحدث فيها مع الإعلام.

ويمثل رجال الشرطة في مصر أحد مصادر المعلومات المهمة للصحافيين، والكثير منهم يسارع بإبلاغ الصحافي عن القضايا التي بحوزته لإظهار أنه “شرطي مجتهد”، ما ساعد على تكوين علاقات صداقة قوية بين الضباط والصحافيين، وكلاهما يفيد الآخر.

ومع التعديلات الأخيرة يبدو أن دخول الصحافي إلى قسم الشرطة أو حتى الوصول إلى المعلومة سريعا سيكون مسألة صعبة للغاية، لأن الاستمرار في هذه السياسة قد يعرض رجل الشرطة إلى عقوبات قاسية ربما تهدد مستقبله الوظيفي.

وعلمت الصحيفة أن التعديلات التي أقرها البرلمان على قانون الشرطة، رسمت خطوطها الرئيسية وزارة الداخلية وليس النواب، استجابة لطلب الرئيس عبدالفتاح السيسي بسرعة صدور تشريع “يحكم علاقة ضباط الشرطة مع رجل الشارع ويحد من تجاوزات بعضهم”، وقد استثمرت وزارة الداخلية فرصة وجود تعديلات فعلا، وأضافت مواد خاصة بعلاقة ضباط الشرطة مع الإعلام للسيطرة على الائتلافات والحركات غير الرسمية التي تأسست داخل جهاز الشرطة من بعض الضباط والأمناء، منها من هاجموا سياسات وزارة الداخلية، ووضعوها أحيانا في مأزق مع الرئاسة والحكومة والرأي العام.

ويرى مراقبون أن حركة التغييرات الأخيرة التي أقرها اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية، وأفضت إلى إقالة نحو 500 ضابط من رتب مختلفة، قد تكون السبب الرئيسي في منع ضباط الشرطة من التحدث إلى الإعلام “حتى بعد الخروج من الخدمة”، لأن الوزارة تتخوف من تواصل البعض ممن أطيح بهم مع وسائل إعلام لكشف خبايا الجهاز الأمني للرد على قرار إقالتهم. وبينهم ضباط “ربما يشعرون بالظلم من استبعادهم في سن صغيرة”، وقد يبوحوا بأسرار ويفصحوا عن تفاصيل ملفات تمثل خطورة على جهاز الشرطة والوضع الأمني في البلاد، ما يدفع بعض الجماعات المناوئة للنظام إلى الاستفادة منها.

كانت تصريحات إعلامية صدرت من قبل ضباط تسببت في حرج جهاز الشرطة، بعدما أقر بعضهم ضلوع قيادات شرطية في قضايا فساد وتكوين علاقات مع عصابات لتجارة المخدرات والسلاح، وهو ما لم تنفه الوزارة بعد نشر مستندات تثبت وجود تحقيقات موسعة مع ضباط كبار بمديرية أمن القليوبية المتاخمة للقاهرة، تورطوا في الاستفادة من تشكيل إجرامي لتجارة السلاح.

ويرى اللواء مجدي البسيوني، مساعد وزير الداخلية سابقا، أن تقنين تواصل ضباط الشرطة مع الإعلام، يحول دون الإدلاء بمعلومات “تبدو غير مقصودة”، لكن يمكن أن يساء استغلالها من جانب جماعات تستهدف الدولة وأجهزتها.

وقال لـ”العرب” إن دور ضابط الشرطة “أمني بحت”، وهناك ملفات وقضايا ومستندات أمنية “غاية في الحساسية”، ونشرها يمثل ضربة لاستقرار الأمن، وتوجد إدارات خاصة تتحدث في ما يمكن التطرق إليه إعلاميا، وما يجب حجبه “إعلاء لمصلحة الدولة”.

وأضاف أن “الأمر لا يتعلق بتكميم أفواه، أو فرض قيود على حرية تداول المعلومات، بقدر ما يشي بالمزيد من التنظيم في علاقة رجل الشرطة بالإعلام، فالتعديلات لم تحرم أحدا من الكلام، شريطة أن يحصل على تصريح مسبق بخصوص الملف الذي يتحدث فيه، لأن هناك أمورا لا يجوز التطرق إليها أو إذاعتها”.