«ألاعيب الحكومة» فى ضريبة القيمة المضافة

العدد الأسبوعي

شريف إسماعيل رئيس
شريف إسماعيل رئيس الوزراء - صورة أرشيفية


القانون أعفى أباطرة التصدير والمناطق الحرة.. وفرض الضريبة على خدمات الموظفين

■ 5% ضرائب على أدوية الفقراء وإعفاء بنزين الأغنياء.. ونواب: الأسعار سترتفع 300٪


وسط حالة من الغضب والرفض الشديد من جانب نواب البرلمان، تتوقع الحكومة المصرية أن تنتهى مناقشة قانون ضريبة القيمة المضافة فى مجلس النواب نهاية الشهر الحالى، وتستعد لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان لإصدار تقريرها النهائى حول القانون خلال أسبوع.

الضريبة الجديدة التى سيكون المواطن على موعد معها فى القريب العاجل، تم إرسالها للبرلمان بدون تحديد سعر ضريبى واضح، لكن وزارة المالية وخلال جلسات الاستماع التى عقدتها لجنة الخطة والموازنة، كشفت عن السعر والذى يبلغ 14%.

الحكومة من جانبها تقود حملة لتسويق الضريبة على رأسها إزالة التشوهات الموجودة فى القانون الحالى لضريبة المبيعات والذى يفرض ضريبة على السلع المصنعة و17 خدمة فقط، لكن الحقيقة أن الهدف الحقيقى هو دعم موارد الدولة، وسد عجز موازنتها.

وستوفر الضريبة بحسب تقديرات وزارة المالية 30 مليار جنيه، هذا الرقم جعل النائب عصمت زايد، عضو لجنة الخطة والموازنة يتساءل: من أين تأتى كل تلك الزيادة فى الحصيلة؟، أما ثانى التطمينات التى تروجها الحكومة على غير الحقيقة، هى أن متوسط زيادة التضخم بعد تطبيق القانون الجديد سيكون 1.3% فقط، لكن نواب البرلمان يرون أن الأسعار ستزيد بمعدل ثلاثة أضعاف، فى وقت يعانى فيه المستهلك بالفعل.

جلسات الاستماع التى عقدها البرلمان مؤخرًا كشفت عن كوارث وألاعيب حكومية متعددة، مارستها الحكومة فى مشروع القانون، حيث دست وزارة المالية السم فى العسل، فبعد أن كان عدد السلع المعفاة فى القانون يبلغ 23 سلعة، تمت زيادة حجم الإعفاءات فى المسودة الأخيرة للقانون لتشمل 52 سلعة، وهو ما تستخدمه الحكومة لتثبت أن أغلب السلع معفاة، وأن السلع الأساسية لن ترتفع أسعارها.

الغريب أن الاعفاءات، والسلع والخدمات التى فرضت عليها الضرائب، لا تخضع لأى معايير اجتماعية أو اقتصادية، بل تسير بمنتهى العشوائية، وكالعادة تخدم وتحابى الأغنياء، وكبار التجار، فالضريبة رمزية فيما يخصهم، على أن يتحمل العبء الأكبر لها المواطن العادى والمتوسط، ولم تنس الحكومة أن تبرر القانون بأنه ليس بدعة، ومطبق فى أكثر من 150 دولة على مستوى العالم، مؤكدة عدالة الضريبة، حيث تتناسب مع قدرات المواطنين، فكلما زاد الإنفاق زادت الضريبة، والعكس.

وهو حق يراد به باطل، فالقانون لا يوجد به توحيد لسعر الضريبة، لكن يحمل جداول مختلفة للسلع، كما كان الحال بقانون ضريبة المبيعات السائد، ومقارنة الحكومة لسعر الضريبة المقترح 14% بالمتوسط العالمى الذى يتراوح بين 17% إلى 20% هى مقارنة ظالمة، ولا أساس لها من الصحة، فهى لا تضع هذا السعر أمام متوسط معدل التضخم فى مصر، خاصة أن ضرائب السلع والخدمات تمثل ما يوازى 40% من حصيلة الضرائب مقابل حصيلة ضعيفة من الضرائب المباشرة على الشركات، بدعوى حماية وتشجيع الاستثمار.

وبقراءة سريعة لمشروع القانون، تتضح التوجهات الحكومية، حيث تم الإبقاء على إعفاء السلع والخدمات التى يتم تصديرها، حتى الموجودة فى سلع الجدول فى ضريبة المبيعات الحالية، بحيث بلغ سعر الضريبة «صفر»، ومن المعروف أن هذا الإعفاء الحكومى يستفيد منه مجموعة محددة من رجال الأعمال من كبار المصدرين، وهو ما حدث أيضا بالنسبة لسلع وخدمات مشروعات المناطق والأسواق الحرة، التى يتم تصديرها إلى خارج البلاد، ما عدا السيارات.

وبحسب القانون، ستفرض الضريبة على فوائد السلع المباعة بالتقسيط بعد خصم قيمة سعر الائتمان المعلن من البنك المركزى فى تاريخ البيع، وهو ما سيزيد أعباء المواطنين، سواء كانوا من محدودى الدخل أو من الطبقة المتوسطة، فمعظم مشترياتهم ستكون بالتقسيط فى ظل ارتفاعات الأسعار مقابل تدنى قيمة المرتبات، هذا فى الوقت الذى يتم فيه إعفاء البنوك من الضريبة، ووفقا للجداول المرفقة بالقانون الذى أعدته وزارة المالية، فإن هناك سلعا وخدمات تخضع لضريبة الجدول فقط، وهى التى يفرض عليها ضريبة ثابتة على كميات محددة من السلعة تتناسب مع طبيعتها، مثلا: بنزين 90، يفرض على اللتر منه 48 قرشا ضريبة، وتشمل التبغ بأنواعه، المعسل، ومنتجات النفط -البنزين بأنواعه-.

ولم ترفع الحكومة الضريبة على البنزين 92 أو 95، والذى يستخدمه أصحاب السيارات الفارهة، ومن السلع الأخرى التى ستخضع لضريبة الجدول فقط، مثل: الزيوت بأنواعها، المقرمشات، المنتجات المصنعة من دقيق ما عدا الخبز بجميع أنواعه، البطاطس المصنعة، الأسمدة، المبيدات الزراعية، الجبس، وأعمال المقاولات والتشييد والبناء، بالإضافة إلى الأدوية، التى ستخضع لضريبة بنسبة 5%، ولم تقم الحكومة باعفائها بالرغم من معاناة وخسائر الصناعة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن النقل المكيف بين المحافظات، سواء الأتوبيس أو السكة الحديد سيخضع هو الآخر لضريبة 5%، وأيضا الخدمات التعليمية التى تقوم بها المدارس والجامعات الدولية لم تحملها الحكومة أعباء إضافية، بالرغم من أن روادها من الأغنياء، هذه الجداول دفعت النائب هشام عبد الواحد، عضو لجنة الخطة والموازنة، للمطالبة بإعفاء المنتجات المصنعة من الدقيق، الأسمدة، المبيدات الزراعية، المقرمشات، والشيبسى من الضريبة، قائلا: «القانون سيؤثر على المواطن العادى، وهنضرب فى دوايرنا».

وهناك سلع وخدمات تخضع لضريبة الجدول، بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة، وهو ما علق عليه كثير من النواب بأنه نوع من الازدواج الضريبى، الذى سيقضى بعدم دستورية القانون، وقيمة الضريبة عليها 8%، وبإضافة نسبة ضريبة القيمة المضافة ستتراوح نسبة الضريبة من 22% إلى 44 %، وتشمل: المياه الغازية، البيرة غير الكحولية، البيرة الكحولية، مستحضرات التجميل والعطور، منتجات العناية بالشعر والجلد، الأجهزة الكهربائية، والسيارات بأنواعها، والتى سيصل سعر ضريبتها إلى 44%، وهو نفس السعر الحالى فى ضريبة المبيعات، ولم تقم الحكومة بزيادتها.. وأعفى القانون أيضًا الخدمات الصحية تماما من الضريبة، وتشمل عمليات زراعة الشعر، السيليكون، والتجميل، ولم تخضع العمليات التى يتم إجراؤها فى المستشفيات الفاخرة للإعفاء، وحسب تعريف القانون للخدمة، فإن خدمات الموظفين الذين يعملون لدى جهات يجب أن تخضع للضريبة، أما خدمات التليفون المحمول والتى يستخدمها ملايين المواطنين من جميع الطبقات سترتفع الضريبة عليها بنسبة 7% عن وضعها الحالى، حيث ستخضع لضريبة الجدول بنسبة 8%، بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة 14%، وستصل نسبة ضريبتها إلى 22%، وهى التى كانت فى قانون ضريبة المبيعات نسبة الضريبة عليها 15%، أما خدمات التليفون الثابت والتليغراف سترتفع بنسبة 9%، من 5% إلى 14%، وسترتفع خدمات تأجير السيارات الملاكى، وخدمات البريد السريع، وشركات النظافة، والحراسة الخاصة، وخدمات استخدام الطرق، وخدمات الوساطة لبيع العقارات والسيارات، بنسبة 4% بعد أن كانت ضريبتها 10%.