"قانون بناء الكنائس" يعود إلى الصفر.. ومخاوف من صدام بين الدولة والأقباط

تقارير وحوارات

الرئيس السيسي والبابا
الرئيس السيسي والبابا تواضروس


وعدنا إلى نقطة البدء.. هذا هو حال قانون بناء الكنائس، بعد أن خاضت الدولة والكنيسة شوطاً كبيراً فيه، هذا بسبب بعض الاعتراضات على نصوص وجمل داخل مواد القانون ترا الكنيسة أنها غير واضحة ويجب إعادة النظر فيها من جديد وطرح صياغة أفضل لهذا القانون تليق بمادئ المواطنة.

البداية جاءت من إعلان  المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، القس بولس حليم، أن ممثلى الكنائس المصرية حضروا اجتماعاً مهماً يوم الأربعاء، ضم ممثلى جهات عديدة بالدولة لمناقشة مشروع قانون بناء الكنائس المزمع إصداره.

سيسبب خطراً على الوحدة الوطنية

وأضاف، أن الكنيسة فوجئت بتعديلات غير مقبولة وإضافات غير عملية ستسبب خطراً على الوحدة الوطنية المصرية بسبب التعقيدات والمعوقات التى تحويها وعدم مراعاة حقوق المواطنة والشعور الوطني لدى المصريين اﻷقباط، كان ذلك خلال بيان رسمي صادر من "حليم".

واعتبر أن "مشروع قانون بناء الكنائس يحتاج إلى نية خالصة وحس وطني عالٍ ﻷجل مستقبل مصر وسلامة وحدتها".


الحكومة تقرر الانتهاء من القانون بعد أسبوع 

من جانبه رد مجدى العجاتى، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، على هذه التصريحات بأن الدولة المصرية حريصة كل الحرص على الوحدة الوطنية المصرية ولا تبغي سواها فهي المحرك الرئيس".

واضاف وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، في تصريحات صحفية، أن الاختلاف فى الرؤى لا يجب أن يفسد للود قضية. 

وتعارضت تصريحات العجاتي بين الاختلاف في الروئ وبين الصوت الواحد، فهو أكد أن المناقشات مستمرة وأنه سيتم الانتهاء من مشروع القانون الأسبوع المقبل تمهيدا لإرساله لمجلس النواب ومجلس الدولة.


الدستور يكفل حرية ممارسة شعائر المسيحيين الدينية

نص الدستور المصري في المادة 64 على أن "حرية الاعتقاد مطلقة. وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون".

كما نصت المادة 235 على أن "يصدر مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانوناً لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية".


نائبة برلمانية: التصريح يكون للمنزل وليس للكنيسة 

قالت النائبة البرلمانية نادية هنري، إن قانون بناء الكنائس، يخص أزمة تنظيم الدستور وممارسة الشعائر الدينية، منوهة إلى أن قانون بناء الكنائس محوري وهام للغاية.

وأشارت، في مداخلة هاتفية على قناة الحدث اليوم، إلى أن 90 % من الكنائس المتواجدة غير مرخصة، مشددًة على أن دور العبادة لا يجب أن تدخل تحت طائلة الترخيص، لأن الترخيص يكون للمباني السكنية.

وأكدت هنري، أن في حالة إذا تسبب قانون بناء الكنائس، في تقسيم الوحدة الوطنية في مصر سيرفضه المجلس، مشددًة على أنه لا يقبل بأن يصدر قانون يحارب الدولة المصرية، وأن قانون بناء الكنائس مسؤولية الدولة والرئيس عبد الفتاح السيسي، لأنه قانون له شأن وطني يخص الأخوة الاقباط.


التيار المسيحى العلمانى: المشروع ليس صياغة إلزامية

فيما اعتبر كمال زاخر، مؤسس التيار المسيحى العلماني وأحد المشاركين بمؤتمر تنسيقية المواطنة الذي أظهر احتجاجا على مشروع قانون بناء الكنائس، أن تأجيل الحكومة مناقشة القانون والعودة للنقاش مع الكنائس مرة أخرى استجابة لما طرح فى مؤتمر تنسيقية المواطنة الأسبوع الماضى بعدما طالب بضرورة إعادة النظر فى هذا القانون مرة أخرى وطرح بدائل للمواد المختلف عليها.

وتوقع مؤسس التيار العلمانى، أن تجري الحكومة تغييرات على مشروع القانون الذى لم يعتمده مجلس الوزراء حتى اليوم، خاصة أنه مجرد مشروعا، وليس صياغة إلزامية تتطلب إجراءات تشريعية لتعديلها.

قانون غير واضح

وفي هذا الصدد، قال نادر شكري، الباحث في الشأن القبطي إن القانون بالشكل الحالي يشكل أزمة،  لعدم وضوح بعض نصوصه بشكل كافٍ، بالإضافة إلى تجاهله الكنائس المغلقة منذ عقود.

وأضاف في تصريح لـ"الفجر" أن القانون الحالٍ يسمح ببناء كنائس بناءً على عدد الأقباط في المنطقة، هذا بالرغم من عدم وجود أي إحصاء للأقباط داخل مصر بشكل واضح.

ولمح إلى أن نقطة بناء كنيسة واحدة في قرية لها تعداد معين فهذا ظلم للطوائف الأخرى، وفسر ذلك على كيفية صلاة الطوائف الأخرى فقال: "كيف سيصلي أرثوذوكسية، وكاثوليكية، وإنجيلية، في كنيسة واحدة".

ما الاعتراضات على هذا القانون ؟

ويتابع "شكري": المادة الأولى عرفت الكنيسة، ولا أحد يريد أن يعرف ما هي الكنيسة فهذا تعريف مبهم أيضًا، فهي في القانون "مبني مستقل محاط بسور"، وهناك بعض الكنائس خاصة في القرى بلا أسوار، بالإضافة إلى تجاهل القانون لبعض الكنائس التي يرفض المتشددين في القرى والنجوع أن يتم إعادة فتحها من جديد.

كما قال إن أهم نقطة تستمر معنا في المشروع الجديد هي وجود لفظ الجهات المعنية، ولم يتحدد ما هي هذه الجهات، وتساءل لماذا نظل في بوطقة الجهات الأمنية وتحكمها في بناء دور العبادة أو حتى إعادة ترميمها؟


ألفًا و326 كنيسة

وقد نشرت جريدة البديل في احد إعدادها في العام 2012 أرقاما قالت أنها حصلت عليها من أحد الكتب التي توزع داخل الكنيسة بعنوان "دليل الكنائس" ويرصد مجموعة من البيانات حول عدد الكنائس الأرثوذكسية في مصر. البيانات الواردة في الدليل تؤكد أن عدد الكنائس الأرثوذكسية بلغ ألفًا و326 كنيسة. 

فيما كشفت الكنيسة البروتستانتية أن عدد كنائسها بلغ 1100 كنيسة في حين بلغ عدد الكنائس الكاثوليكية 200 كنيسة، وهو ما يعني أن مجمل عدد الكنائس في مصر بلغ 2626 كنيسة. 

وقد أكد الإحصاء أن الكنيسة الأرثوذكسية لديها 405 كنيسة في الوجه البحري و796 كنائس في الوجه القبلي. 

وجاءت محافظة القاهرة في المركز الأول بين محافظات الجمهورية فيما جاءت محافظة الجيزة في المركز الثاني، بينما جاءت محافظة الإسكندرية في المركز الثامن، فيما جاءت محافظتا شمال سيناء وجنوب سيناء- في المركز الأخير باعتبارهما أقل المحافظات التي تضم كنائس أرثوذكسية وبإجمالي ما يزيد عن 1200 كنيسة علي مستوي الجمهورية. 

ومما يؤكد ما سبق هو تصريحات البابا تواضرس الثاني راعي الكنسية الأرثوذكسية وبطريرك الكرازة المرقسية والذي أكد أن عدد المسيحيين في مصر يتجاوز 15 مليون مواطن وان الكنيسة الأرثوذكسية تمتلك ما يزيد عن 1000 كنسية بخلاف ما يزيد عن 50 دير في مختلف أنحاء الجمهورية.


ويعتبر عدد الكنائس في مصر هو الرقم الأصعب والأكثر إثارة للجدل منذ سنوات عديدة ، فالدولة لا تقدم أي إحصائيات رسمية حول عدد الكنائس في مصر باعتبارها بيانات تقوم على أبعاد طائفية وهو ما لا يتفق مع سياسة الدولة طبقا للمسئولين الحكوميين، لكن مسيحيي مصر ينظرون إلى الإعلان عن عدد كنائسهم باعتباره مؤشراً واضحاً يشرح مدى تسامح أو تعسف الدولة في التعامل مع قضية بناء كنائس جديدة.

إلا الكنيسة المصرية تمتلك حصرا  دقيقا للكنائس التابعة لها، لكنها دائما ما تتردد في الإفصاح عنه خشية ردود الأفعال الحكومية الرافضة تماما لأي تعداد رسمي أو حتي صادر عن الكنيسة، وذلك بحسب تصريحات كثير من الحقوقيين.


قانون "العزبي" 

وبعد ما ذكرناه سلفاً، فيجب أن نعرف أنه في شهر فبراير ١٩٣٤ أصدر العزبي باشا وكيل وزارة الداخلية شروطاً عشرة للتصريح ببناء الكنائس، يحتم عليها استيفاء البيانات التالية: مستندات الملكية للأرض وحالتها "زراعة أو فضاء" مقدار بعد الكنيسة عن المساجد والأضرحة الموجودة بالناحية، وجود الأرض في منطقة المسيحيين أو المسلمين، هل توجد للطائفة المذكورة كنيسة أخري في هذه البلدة، عدد أفراد الطائفة الموجودين بهذه البلدة، إذا تبين أن المكان المراد بناء الكنيسة عليه قريب من جسور النيل والترع والمنافع العامة، يؤخذ رأي المصلحة المختصة في ذلك، يعمل محضر رسمي عن هذه التحريات ويبعث به إلي الوزارة، يجب علي الطالب أن يقدم مع طلبه رسماً عملياً يوقع عليه من الرئيس الديني العام ومن المهندس المختص وعلي الجهة المنوطة بالتحريات أن تتحقق من صحتها.

كيف نخرج من هذا المأزق؟ 

منظمة "ماعت" أصدرت ورقة بحثية حول هذا القانون، وعرضت توصية من شأنها تحسين الوضع، فاعتبرت المنظمة أنه يجب توحيد جهة الحصول علي ترخيص بناء لدور العبادة عن طريق إنشاء هيئة موحدة لبناء دور العبادة في كل محافظة تتبع المحافظ ويرئسها بنفسه وتتشكل كل أربع سنوات ويجوز تمديد عملها لمرة واحده فقط وينتدب العاملين فيها من كافة الصادرات والهيئات المنوط بها استخراج تصاريح البناء أو الهدم أو الترميم لدور العبادة جميعها  علي أن تنعقد كل شهر لمناقشة الطلبات المقدمة من قبل المسئول القانوني داخل تلك المحافظة علي أن يتم البت في القرار في غضون 90 يوم من تاريخ استلام طلب مستوفي الشروط.