عندما اختار فؤاد حداد ان يحرمنا من عذوبته

منوعات

بوابة الفجر


كان معروف عن شاعر العامية العظيم فؤاد حداد عزوفه عن سوق الأغانى التجارى، ولم يكن يسمح لأحد التغنى بأشعاره، وهو ما لم يمنحه _ فى ظل تجاهل إعلامى _ شهرة الشاعر صلاح جاهين مثلاً، فقبع فؤاد حداد متوارياً عن الأضواء ولم تخرج أشعاره عن دائرة المثقفين من حوله  نا كان لنا أن نذكر موقف أورده الشاعر مجدى نجيب فى أحد كتبه.

"أقنعنى عبد الرحيم منصور بأنه لابد لشاعرنا الكبير فؤاد حداد من دخول مجال الأغنية لكى يعبر غيبوبة الإعلام ..عن مبدعيه ويومها اخترنا له أقرب موقع للغناء المحترم الذى يراعى ذوق المستمع ويرقى به من خلال صوت المطرب محمد منير .. وبألحان أحمد منيب. 

قلت لعبد الرحيم ونحن نهبط سلالم منزل فؤاد حداد: يا صديقى ما الذى فعلناه .. إن فؤاد حداد شاعر عملاق .. وكلنا خرجنا من عباءته ، فكيف دفعناه للموافقة ونحن نعرف وسط الغناء الملئ بالسوء.

قال: وماذا استفاد هو بخروجنا من عباءته وأنه أستاذنا ها نحن نقرأ أشعاره فى لهفة واستمتاع ، بينما هو قابع فى بيته بعيداً عن الناس .. لا يعرفه غير المثقفين . والحكومة تصادر الأشعار .. بينما الأغنية لا يمكن أن تصادر .. ومن خلالها يمكننا قول ولو جملة واحدة مفيدة للمستمعين وأسعادهم ، بدلاً من الأغانى التي تشيع ..الإحباط وتجعلهم يكرهون حياتهم وقد كان مولد أغنية فؤاد حداد الليلة يا سمرة وهى من الأغانى التى حققت شهرة واسعة فى مجال الأغنية" وكانت ضمن البوم شبابيك لمحمد منير 

وهكذا أقتطف محمد منير واحمد منيب ومعهم عبد الرحيم منصور بعض الأبيات من قصيدة "الليلة يا سمرا" المنشورة فى ديوان "رقص ومغنى" لفؤاد حداد رغم أن كان معروف عن فؤاد حداد عدم سماحه لأحد بإقتطاف أبيات دون أخرى فى قصائده!

وهكذا ولدت "الليلة يا سمرا" ولازال يذكر من حضر فترة الثمانينات الشهرة الواسعة التى حققتها تلك الأغنية فى مصر وخارجها، وأصبحت ألحان الأغنية التى وضعها الملحن النوبى احمد منيب ووزعها موسيقياً العبقرى يحيي خليل وفرقته تصدح من كل مكان تقريباً وقتها.

هكذا ربح الشاعر عبد الرحيم منصور الرهان، وخرجت كلمات فؤاد حداد من دائرة ضيقة جداً إلى الإنتشار الواسع وأكسبته الأغنية قاعدة جماهيرية عريضة.
ولا يخفى على أحد الخلفية السياسية للأغنية، فقد صدرت الأغنية فى ألبوم يحمل أسم "شبابيك" عام 1981 أى وقت إسترداد طابا من العدو الإسرائيلى.
"البنت قالت فستانى     منشور على الشط التانى
خدنى المراكبى وعدانى     ورجعت فى القمرة الليلة"
يشار هنا إلى مصر بإعتبارها فتاة فستانها منشور على الشط الثانى أى الضفة التى أحتلها العدو الإسرائيلى. 
"العنجريب(*) اللى جنيته     سبع سنين أستنيته
على الجريد اللى رميته    هاتزهر الثمرة الليلة"      
(*) العنجريب: سرير من الجريد.
يقال أن فؤاد حداد قصد بالسبعة سنوات هى الفترة ما بين النكسة وحرب أكتوبر.