إيمان كمال تكتب: «الحلوة»

مقالات الرأي



اسمها وحده كفيل ليؤكد لى بأن المثل الأعلى ليس دوما الأطغى فى عالم الميديا، فعلى الرغم من أن بنات جيلها سعاد حسنى وهند رستم كانتا دائما فتيات الأحلام لأنوثتهما الطاغية، إلا أن نادية لطفى حققت بنفسها ولنفسها مكانة جعلتها my» idol» أو النموذج الذى أضعه أمامى دائما فى نجاحاتى وانكساراتى مثلها تماما.

نادية تمردت على ملامحها الشقراء الرقيقة والتى تحصر صاحبتها دائما فى أدوار الفتاة الرومانسية الحالمة أو بنت الأكابر مثلما الحال مع مريم فخر الدين أو ليلى فوزى واللتان كسرتا القاعدة على استحياء إلا أن موهبتها وحدها طغت على أى ملامح رقيقة ميزتها فى بدايتها حينما اكتشفها المنتج رمسيس نجيب فى فيلم (سلطان) فى عام 1959، لتصبح النجمة الأكثر تغيرا ونضجا على الشاشة.

فى جيلها كانت البطلات دائما تبحثن عن الشخصيات المثالية التى تلاقى إعجاب الجمهور إلا أن بداية نجاح نادية الحقيقى فى أوائل الستينيات كان من خلال فيلم (النظارة السوداء) والذى تخطت خلاله كل الحدود، قصة لإحسان عبدالقدوس الذى اختارت نادية لطفى أو (بولا محمد شفيق) اسمها من روايته الشهيرة (لا أنام)، إلا أنها فى الفيلم قدمت الفتاة التى تستهتر بالتقاليد والقواعد والقوانين فلا ثوابت لديها ولا حماسة إلا للشهوات حتى تنقلب حياتها وتتعمق إنسانيا بتجربة حب كانت ثمرتها هذه النقلة.

فى الخائنة اقتربت من النساء اللاتى يعانين الإهمال من الزوج الذى يسيطر عليه طموحه المهنى، لتفاجئنا بامرأة جديدة ومختلفة تقع فى فخ الخيانة.

ولأن المرأة ليست حشرة ولا هى كمالة عدد قدمت نادية فيلم (عدو المرأة) و(للرجال فقط) ففى حين كانت عشرات الأفلام فى هذه المرحلة تقول: إن المرأة مهما وصلت من موهبة وجسارة إلا أن مكانها الطبيعى هو منزلها لكن نادية كسرت القاعدة فى (للرجال فقط)لتؤكد بأن المرأة تستطيع أن تنافس الرجال فى المهن الأكثر صعوبة ولا تقل كفاءة عن الرجل ولكن الأجدر بها الجلوس فى المنزل ورعاية أبنائها مثل فيلم (الأستاذة فاطمة) و(الأفوكاتو مديحة) وغيرهما من الأعمال التى حاولت كثيرا التأكيد على هذه الأفكار ولكن نادية لطفى وحدها استطاعت أن تكون المختلفة بين فنانات تلك المرحلة.

كثير من الفنانات تستهوين تقديم فتاة الليل بصورة أو بأخرى لما تتميز به الشخصية بجرأة واختلاف عن النماذج التقليدية ولكنها فى (السمان والخريف) قدمت فتاة الليل لتقفل الباب على أى فنانة أخرى يمكنها أن تقدم هذا النموذج بعدها، وحتى فى (بين القصرين).

حماسة لا تقل عن حماستها فى حياتها الحقيقية بعيدا عن الكاميرات فنادية صورت بكاميرتها الخاصة جدا المجازر على الحدود اللبنانية الفلسطينية لتنقلها على المحطات العالمية فى وقت لم يكن للميديا ويوتيوب والفيديوهات هذه السطوة الحالية، ولا تقل عن الجدعنة والشهامة التى تمتعت بها بين زملائها فى الوسط لتساند المخرج حسن عبدالسلام فى تجربته المومياء فى مشهدها الذى حفر فى تاريخ السينما المصرية، فنادية لطفى هى حلوة السينما المصرية كما غنى لها عبدالحليم حافظ فى «الخطايا».