"تدافع منى".. أسوأ حادث يقع في الحج منذ 26 عاما أبكى المسلمين ووضع المملكة في مأزق

عربي ودولي

الحجاج في منى - أرشيفية
الحجاج في منى - أرشيفية


لم يكن موسم الحج في العام الماضي موسمًا عاديًا، حيث شهد الموسم، حوادث أليمة بدءًا بحادثة سقوط رافعة في الحرم المكي، مرورًا باشتعال حريق بأحد فنادق مكة، وصولًا إلى مقتل أكثر من 700 شخص جراء التدافع بين الحجيج في منى صبيحة عيد الأضحى.

وقعت حادثة التدافع من قبل الحجاج، يوم 24 سبتمبر من العام الماضي 2015، وخلفت 769 شهيدًا على الأقل و934 جريحًا حسب التقارير الرسمية الصادرة عن الديوان الملكي السعود، بينما وصل عدد الوفيات إلى أكثر من 2121، حسب تعداد أجرته وكالة أنباء أسوشييتد برس، وهو أعنف حادث يحدث في الحج منذ التدافع الأخير عام 1990 الذى أدى إلى مقتل 1426 شخص.

وكانت الحادثة سبقها بإسبوعين سقوط رافعة في الحرم المكي أودت بحياة أكثر من 100 شخصا، وقد أثار الحادث توترات طائفية بين غريمي المنطقة السعودية السنية وإيران الشيعية، والتي أثيرت بالفعل بسبب الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، مثل الحرب الأهلية السورية والحرب الأهلية اليمنية.


حادثة التدافع
أعلن المتحدث الرسمي للمديرية العامة للدفاع المدني، في تصريحات صحفيه، أنه عند الساعة التاسعة من صباح يوم الخميس الموافق 10 ذو الحجة، وأثناء توجه حجاج بيت الله الحرام الى منشأة الجمرات لرمي جمرة العقبة حدث ارتفاع وتداخل مفاجيء في كثافة الحجاج المتجهين الى الجمرات عبر شارع رقم (204) عند تقاطعه مع الشارع رقم (223) بمنى، مما نتج عنه تزاحم وتدافع بين الحجاج وسقوط أعداد كبيرة منهم في الموقع. 

وبادر رجال الأمن وهيئة الهلال الاحمر السعودي على الفور في السيطرة على الوضع بمنع حركة المشاة بإتجاه موقع التزاحم والتدافع وتنفيذ إجراءات إسعاف الحجاج وإنقاذ المحتجزين منهم. ونتج عن الحادث مئات الوفيات والإصابات.


سبب حادث التدافع
 أوضح المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية منصور التركي أن حادث التدافع في مشعر منى كان نتيجة تعارض الحركة بين أفواج الحجيج في شارع 204 وشارع 223، مضيفاً أن ارتفاع درجات الحرارة ساهمت في سقوط الضحايا، مؤكدًا أنه بانتظار تحقيقات اللجنة التي أمر بها ولي العهد بتشكيلها.

وروى شهود عيان أن أعدادًا كبيرة من الحجاج بمختلف جنسياتهم توجهوا نحو جسر الجمرات، وحين وصولهم منتصف شارع العرب (شارع 204) توقفوا عن المشي بسبب أعدادهم الكبيرة، وما هي إلا دقائق معدودة حتى قدمت دفعات أخرى، وهي مَن سَبّب التدافع وسقوط الحجاج بعضهم على بعض.


موقف السعودية من حادث تدافع منى
دافعت السلطات السعودية عن نفسها ضد الانتقادات التي وجهت إليها بسبب التدافع الدامي الذي حدث في منطقة منى بالقرب من مدينة مكة، وأدى إلى مقتل 717 شخصا وجرح 863 شخصا.

وقالت وزارة الصحة السعودية في بيان إن المأساة التي حدثت "ربما تسبب فيها حجاج لم يلتزموا بالتعليمات الرسمية"، متعهدة بسرعة استكمال التحقيق في الحادث.

وفي تصريح للبي بي سي نفى المتحدث الرسمي لإمارة مكة سلطان الدوسري، التصريحات التي نسبت إلى الأمير خالد الفيصل رئيس لجنة الحج المركزية، التي ذكرت أنه أنحى باللائمة غي حادثة التدافع على بعض الجنسيات الإفريقية.

وأكد الدوسري لبي بي سي أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وجه بتشكيل لجنة للتحقيق في الكارثة، وستعلن نتائج التحقيق فور تووفرها.

وقال الملك سلمان "وجهنا السلطات المعنية لمراجعة خطة العمليات ورفع مستوى التنظيم والإدارة لضمان أن يؤدي ضيوف الرحمن مناسك الحج في راحة ويسر".


جنسيات ضحايا حادث التدافع
أعلنت عدة دول حصيلة ضحاياها الذين قضوا في حادث التدافع في منى خلال موسم الحج إلى الديار المقدسة هذا العام بعد التأكد من هوياتهم، فيما زال العشرات في عداد المفقودين.

ولم تصدر السلطات السعودية حتى الآن لائحة تفصيلية بجنسيات الحجاج الذين توفوا في حادث التدافع في الـ24 من سبتمبر، الذي أدى إلى وفاة 769 حاجا على الأقل.

وحسب حصيلة الدول فإن العدد الأكبر من الضحايا كان من إيران حيث توفي 464 حاجًا إيرانيًا، وتأتي بعدها مصر بـ 75 حالة وفاة، ثم نيجيريا بـ64 حالة وفاة، وهذه لائحة بأعداد الضحايا:

- إيران: 464 حالة وفاة
- مصر : 75 حالة وفاة
- نيجيريا: 64 حالة وفاة
- مالي : 60 حالة وفاة
- إندونيسيا: 57 حالة وفاة
- باكستان : 46 حالة وفاة
- الهند : 45 حالة وفاة
- النيجر : 22 حالة وفاة
- الكاميرون: 20 حالة وفاة
- ساحل العاج: 14 حالة وفاة
- تشاد : 11 حالة وفاة
- الجزائر:11 حالة وفاة
- السنغال : 10 حالة وفاة
- المغرب : 10 حالة وفاة
- الصومال: 8 حالة وفاة
- ليبيا : 4 حالة وفاة
- تنزانيا : 4 حالة وفاة
- كينيا : 3 حالة وفاة
- تونس : حالتي وفاة
- بوركينا فاسو : ضحية واحدة
- بوروندي : ضحية واحدة
- هولندا : ضحية واحدة


ردود الفعل
السعودية: رأس محمد بن نايف ولي العهد السعودي اجتماعاً طارئاً للقيادات الأمنية المشاركة في أعمال الحج لبحث موضوع حادثة تدافع منى، ووجه ولي العهد بتشكيل لجنة تحقيق عليا لتتولى التحقيق في هذا الحادث ومسبباته، والرفع بما يتم التوصل إليه من نتائج إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز. 

وفي نفس يوم الحادثة قال الملك سلمان بن عبد العزيز، إنه قد تم توجيه الجهات المعنية للتحقيق في ملابسات حادث التدافع، وقال "وجهنا الجهات المعنية بمراجعة الخطط المعمول بها في موسم الحج"، وقدم العزاء في ضحايا حادث التدافع في مشعر منى. 

نقل وزير الصحة السعودي خالد الفالح تعازي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلي المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي والحكومة الإيرانية وأسر ضحايا حادث التدافع الذي وقع في مشعر منى يوم عيد الأضحي المبارك.

روسيا: أكد رئيس الهيئة الفدرالية الروسية لشؤون القوميات أن الجانب الروسي عمل كثيرًا خلال السنوات الأخيرة لضمان أمن أداء فريضة الحج وأعرب بارينوف عن أمله في أن تتخذ السلطات السعودية في المستقبل جميع الخطوات اللازمة لرفع مستوى الأمن أثناء موسم الحج، معبرا عن تعازيه لعائلات وذوي ضحايا حادثة منى.

إيران: حمّل مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الحكومة السعودية مسؤولية حادث تدافع الحجاج في منى، وأعلن عبد اللهيان أن الخارجية الإيرانية ستسدعي المسؤول في السفارة السعودية بطهران، لإبلاغه احتجاج إيران وتقديم التوضيحات اللازمة عن أسباب الحادث، بعدما أعلن رئيس منظمة الحج والزيارة الإيراني عن وفاة 41 حاجا إيرانيًا وإصابة 60 آخرين. 

وصرح علي خامنئي أنه يتعين على الحكومة السعودية تحمل مسؤولية كارثة حادث التدافع الذي حدث في مشعر منى، وقال: "يتعين على الحكومة السعودية أن تتحمل مسؤولية هذا الحادث المحزن، سوء الإدارة والأفعال غير الملائمة تسببت في هذه الكارثة". 

وأعلنت الحكومة الإيرانية الحداد الرسمي لثلاثة أيام، ومن على منصة الأمم المتحدة، طالب الرئيس حسن روحاني بالتحقيق في هذه الحادثة وحوادث أخرى خلال حج هذا العام. 

وعلى صعيد التحركات الشعبية، تظاهر مئات الإيرانيين في 27 سبتمبر أمام السفارة السعودية في طهران احتجاجًا على مقتل الحجاج الإيرانيين. 

وقال مسئول أمور أهل السنة لبعثة علي خامنئي، أن 32 شخصا من حجاج أهل السنة الإيرانيين قد لقوا حتفهم في هذه الحادثة و53 شخصا منهم في عداد المفقودين. ورئيس بعثة الحج الإيرانية رفض القول بأن "موكب ولي ولي العهد السعودي يسبب الكارثة" فاعتبره شائعة.

باكستان: قال النائب في البرلمان الباكستاني، "طارق فاضل جوديري"، الذي عينه رئيس الوزراء الباكستاني لمتابعة ملف الحجاج الباكستانيين القتلى والمصابين في الحادث، أن السلطات السعودية، وزعت صور 1100 شخص فقدوا حياتهم في حادثة التدافع بمنى، على البعثات الأجنبية في جدة، من أجل تحديد هويات أصحابها. وأوضح جوديري أن "تلك الصور موجودة لدى القنصلية الباكستانية في جدة". 

وأعلن جوديري في مؤتمر صحفي باسلام آباد، الثلاثاء، ارتفاع عدد الضحايا الباكستانيين في الحادث إلى 40 شخصاً، فضلا ًعن 63 آخرين ما زالوا في عداد المفقودين، وأن 228 باكستانياً عُثر عليهم، وتم تأمين تواصلهم مع أسرهم، في حين لا يزال 35 حاجاً باكستانياً يخضعون للعلاج في مستشفيات مكة وجدة.

المغرب: أعلنت الخارجية المغربية، اليوم الأربعاء، ارتفاع عدد ضحايا حادثة التدافع بمشعر "منى" بالسعودية، إلى 10 وفيات و8 جرحى، في حين ما يزال 29 حاجاً مغربياً في عداد المفقودين. 

وقال بيان للوزارة، إن العاهل المغربي الملك محمد السادس أمر بإرسال بعثة مكونة من ممثلين لوزارات الخارجية والداخلية والأوقاف والشؤون الإسلامية والصحة المغربية، لمواصلة البحث، بالتعاون مع السلطات السعودية، عن مآل الحجاج المغاربة المفقودين، وتتبع حالاتهم، نظراً للصعوبات في مسطرة تحديد هوية المفقودين من طرف السلطات السعودية المختصة.

إندونيسيا: اتهمت أندونيسيا السلطات السعودية، بعرقلة جهود دبلوماسييها للتوصل إلى معلومات بشأن الضحايا والمصابين في كارثة تدافع الحجاج في مشعر "منى". 

بدوره ذكر رئيس الشؤون الدينية في أندونيسيا لقمان حكيم سيف الدين، أن السلطات السعودية لم تسمح للحجاج الإندونيسيين، بالتوجه إلى المستشفيات من أجل العثور على ذويهم المصابين خلال حادث "منى"؟

الفاتيكان: عبر البابا فرنسيس عن تضامنه مع مسلمي العالم بعد مصرع مئات الحجاج في تدافع منى، وقال في كلمة خلال صلاة مسائية في كاتدرائية القديس باتريك في نيويورك: "إنني أود أن أعبر عن الشعور بالتضامن مع أخواتي وإخوة المسلمين إزاء المأساة التي وقعت اليوم في مكة".

تركيا: دعا رئيس الشؤون الدينية التركية، محمد قورماز، إلى عقد اجتماع دولي يهدف لمناقشة تأمين أمور الحج، وقال: "هناك مشكلة واضحة في إدارة الحج، ونعتقد أنه أصبح من الضروري عقد اجتماع دولي لمناقشة تأمين أمور الحج". 

في حين رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحميل السعودية مسؤولية حادث التدافع في منى، وقال: "إنه من الخطأ توجيه الاتهام الى السعودية التي تفعل ما بوسعها لضمان حسن سير مناسك الحج"، وأضاف: "إن اجراءات ستتخذ على الأرجح لتجنب تكرار مثل هذه المأساة".

ائتلاف دولة القانون العراقية: قال زعيم الائتلاف، إن تكرار الحوادث خلال موسم الحج ووفاة اعداد كبيرة من الحجاج هو برهان على عدم كفاءة المشرفين على تنظيم موسم الحج، ويستدعي ذلك وضع شؤون الحج تحت تخطيط وإدارة منظمة المؤتمر الإسلامي لضمان إنسيابية سير مناسك الحج، ومنح الحق لجميع المسلمين من أداء هذه الفريضة بعيدًا عن المواقف السياسية فضلا عن مسؤولية الحفاظ على أرواح الحجاج وعدم تكرار حصول ماحدث خلال هذا الموسم والمواسم السابقة.