مصطفى ثابث يكتب: شعب مصر.. كل حاجة وعكسها

مقالات الرأي

مصطفى ثابت رئيس تحرير
مصطفى ثابت رئيس تحرير موقع جريدة الفجر


قليلة هي المرات التي تجاوزت فيها كلمات أغنية ما حدود الخيال لتُصيب قلب الواقع، بنفس القدر الذي وصلت إليه المؤلفة نور عبدالله في أغنيتها بالورقة والقلم وافتتحتها بـ "يا بلد معاندة نفسها.. يا كل حاجة وعكسها".

فمنذ طرح الأغنية وحتى الآن أرى أنها تُمثل حقيقة وواقع الشعب المصري، وليست مجرد كلمات مُصمته تتغنى بها الشفاة دون واقع راسخ تستند عليه، فكلنا يفعل الشئ وعكسه، نرفض الاستقرار ونطالب به، ننتقد أفعال الأشخاص ونقوم بها، نحمدالله على الفقر ونحسد – في الوقت نفسه - الأغنياء. 

يوميًا نصرخ من الدروس الخصوصية عبر معظم الشاشات والمواقع والإذاعات، وكل ما هو ممكن ومتاح من وسائل إعلامية، وعندما تتخذ الدولة إجراءات على الأرض تجد المظاهرات رافضة للقرارات.

حدث ذلك أمامي بالفعل في محافظات عدة، ولعل أبرزها محافظة الفيوم التي وجدت فيها هجومًا كبيرًا على محافظها بعد صدور قرار بغلق كافة المقرات الخاصة بالدروس الخصوصية والتي كانت تستهلك جيوب أبناء المحافظة ويشكون منها ليلًا ونهارًا، لأتوقع تجاوبًا كبيرًا مع القرار، لكن ما حدث كان العكس تمامًا.

فبعد القرار انتفضت المحافظة ليُصبح مكتب المحافظ غرفة اجتماعات يومية مع أهالي المحافظة ونوابه لمناقشة كيفية العدول عن القرار الذي أصبح العدول عنه هو الخبر الأهم و"الأسعد" بالنسبة لمواطني المحافظة. 

ويتواصل مسلسل التناقض بشكل مثير للاهتمام، فتتعالى الأصوات برفض الإعلامي الفلاني والمطالبة بوقف برنامجه، وفي الوقت نفسه يحتل برنامجه تصنيف "الأكثر مشاهدة"، ويجري استنساخ طريقه التفكير في الأفلام السنيمائية والمسلسلات التلفزيونية والصُحف وشتى مناحي الحياة، حتى أننا كـ "شعب متدين" نُصنف من أكثر الدول مشاهدة ومُتابعة للأفلام الإباحية وكذلك التحرش بالنساء، وغيره مما نشاهده يوميًا، مما يجعل لدي يقين راسخ بأننا فعلًا أصبحا كل حاجة وعكسها، وأصبح شعبنًا معاندًا نفسه كما أبدعت الفنانة نور عبدالله في كلمات أغنية "بالورقة والقلم".

وأصبحنا في حاجة إلى تحليل نفسي دقيق لهذة الظاهرة والتي جعلت من حكم مصر أمرًا صعبًا، كما قالها الملك فاروق للرئيس محمد نجيب قبل خروجه من مصر.