كارثة.. "معهد الكلى بالمطرية" يتحول إلى "جزارة".. ننشر تفاصيل حكاية أب فقد زوجته وابنته داخلها.. (تحقيق)

تقارير وحوارات

معهد الكلى بالمطرية
معهد الكلى بالمطرية



"أب" يتألم لفقدان زوجته وابنته في نفس المستشفى: "مش عايز جثة بنتي تتشرح"
محلول غسيل الكلى ملقى بالطرقات داخل "جراكن".. والمرضى يصرخون من الإهمال
مدير المستشفى يطرد الطبيب المسؤول ويتوعد بشطبه من النقابة


ناقوس خطر يدق لينذر بتحول ملائكة الرحمة والأطباء إلى شياطين، تجسدوا من أجل إزهاق أرواح المرضى، فمؤخرًا تكررت حوادث الإهمال في المستشفيات والتي وصلت نتيجة بعضها إلى وفاة المرضى .


تجولت "الفجر" في معهد الكلى والمسالك البولية في المطرية، ثاني أكبر مستشفى لعلاج الكلى في مصر بعد مستشفى الدكتور  محمد غنيم بالمنصورة، حيث وجدنا حالة من الهرج والمرج كأن المرضى يعالجون داخل "سوق"، بالإضافى إلى أصوات الصرخات التي لم تقتصر على آهات المرضى فقط. 







كارثة محلول الغسيل الكلوي
في البداية وبدخولك بوابة المعهد ستجد مرضى جالسين في إحدى الطرقات، بالإضافة إلى بعض العمال يقومون بـ"لحام النوافذ"، لتخرج رائحة نفاذة تسببت في مضايقة جميع المتواجدين من المرضى والمنتظرين وشعورهم باختناق، ما يدل على عدم اهتمام مسئولي المستشفى بالمرضى سواء بإزعاجهم أو الأذى الذي يتعرضون له نتيجة هذه الأصوات والروائح.


وعلى بُعد خطوات قليلة من هؤلاء العمال وجدنا أحد الأبواب مفتوحًا على مصراعيه، وذلك على الرغم من وجود لاصقة على واجهته مكتوب عليها "ممنوع الدخول لغير العاملين"، لنتجاوز ذلك الباب الحديدي والدخول منه إلى الغرفة التي علمنا أنها "حجرة الغسيل الكلوي"، والتي يتواجد بها إثنتين من الممرضات.


وإلى جانب الأسِرة وتحديدًا أسفل جهاز الغسيل يتواجد إثنين من "الجراكن" البيضاء والتي يهيأ لك للوهلة الأولى أنها مليئة بالمياه لاستخدامها في التنظيف، لكن بالتدقيق فيها وجدنا أنها موصلة من خلال الخراطيم بأجهزة الغسيل، حيث أنها تحوي السائل المستخدم في غسيل كلى المرضى.


وبعد أن خرجنا من الغرفة اكتشفنا أن ممرضين وممرضات المستشفى يلقون هذه "الجراكن" المستخدمة في الغسيل الكلوي في الطرقات المليئة بالقمامة أو الهواء الغير نظيف والأتربة.










إهمال رعاية المرضى
وفي مشهد مؤسف آخر والذي يعبر عن فاجعة كبرى داخل هذه المستشفى، ذهبنا إلى غرف رعاية المرضى، الذين التقينا بهم وأكدوا لنا معاناتهم من نقص الأدوية، وعدم الاهتمام برعايتهم من قِبل الممرضات أو الأطباء الذين يتجاهلوهم تماماً، فوسط آهات المرضى مر أمامنا أحدهم معتمدًا على نفسه متكئا على السرير ليذهب متوجها إلى دورة المياه، بينما كان يجلس آخر مع أُسرته التي كانت في زيارة وأمامه أطعمة دسمة، وذلك دون وجود أي مراقبة أو اهتمام بهم.


الكشف الجماعي

لم يكن الكشف على المرضى في المستشفى فرديًا، لكن في غرفة واحدة يتواجد 6 أطباء، كل منهم يجلس أمامه عددًا من المرضى في انتظار دورهم لإجراء الكشف عليهم.






الطبيب الجزار!
وأثناء مرورنا في طرقات المستشفى تفاجأنا بأصوات عالية وصرخات، في مكان يتجمع فيه العديد من الأشخاص، وحينما اقتربنا منه وجدنًا رجلًا خمسينيًا يصرخ قائلًا "عايز حق بنتي"، وهنا استوقفنا لمعرفة سبب صرخاته ووجهه الحزين وعينه التي تكاد أن تُدمع، لسؤاله عن تداعيات ذلك.

وكشف لنا الرجل الخمسيني الذي يدعى "م.ف"، أن ابنته "ر.م"  والتي يبلغ عمرها 27 عامًا، كانت تقوم بإجراء غسيل كلوي بالمستشفى وتوفت، متهمًا طبيب يدعى "د.حسام" بالتسبب في ذلك.


وحينما سألناه عن تفاصيل قصته مع المستشفى قال "م.ف": "أنا بأتعامل مع المعهد منذ 8 سنوات وخلالهم فقدت زوجتي وابنتي التي فارقت الحياة منذ أيام في 19 من سبتمبر الجاري، بسبب إهمال الأطباء الموجودين بالمعهد"، لافتًا إلى أن زوجته كانت تعالج من المرض نفسه وتوفت إثر نزيف منذ ستة أشهر، مشيرًا إلى أنه أثناء فترة تواجدها في المستشفى كانت تعاني من نقص الأدوية وسوء معاملة الأطباء والممرضين مع الحالة.


وأكد "م.ف" أن ابنته توفيت بعد دخولها للمعهد بـ24 ساعة، حيث كان يجرى لها الغسيل للمرة الثانية، والذي استمر لمدة ساعة ونصف بالرغم من أن مدته الطبيعية 4 ساعات، مشيرًا إلى أن دكتور "حسام" المتابع لحالتها برر هذه المدة لأنها الأولى لها.


وعن الساعات التي سبقت وفاة "ر.م" يقول والدها بصوت مختنق وعين تملؤها الدموع: دخلنا المستشفى يوم 17/9 لإجراء غسيل كلوي لابنتي فطلب مني دكتور حسام قسطرة، واشتريتها من صيدلية خارج المستشفى، وقام بتركيبها في مدة تزيد عن النصف ساعة، بالرغم من أن مدة تركيب القسطرة تستغرق 10 دقائق فقط، وبعدها خضعت ابنتي للغسيل لمدة ساعة ونصف."

وتابع: "بعد الغسيل وبسبب تأخر الممرضة في نقل قسطرة الغسيل منها نزفت ابنتي، مما جعل حالتها تتدهور، فطلب بعدها الطبيب أن أشتري دم لينقله لها، لعدم وجود دم كافي بالمستشفى، ذهبت لشرائه وبعد عودتي فوجئت بتورم غريب في رقبة ابنتي، لاحقه قرار الدكتور حسام بإجراء عملية شق حنجرة لها لخياطة الوريد الذي قُطع برقبتها دون علمنا، وبعد العملية نقلت إلى الرعاية ولم يتوقف النزيف إلى أن فارقت الحياة بنفس اليوم، لكنهم لم يكتبوا تقرير الوفاة إلا الساعة الـ6 صباحاً رغم أنها توفت قبلها بساعات".



طرد الطبيب من المستشفى
وبالتواصل مع أحد مسئولي المستشفى، وسؤاله عن حقيقة الحالة، أكد أنها وقعت بالفعل، موضحًا أن مدير المستشفى دكتور شريف صوار، طرد الطبيب المسؤول عن الواقعة من غرفة الطواريء، وإحالته إلى التحقيق بالإضافة إلى وقفه عن العمل، لتحويله إلى مجلس تأديبي بنقابة الأطباء الذي بدوره قد يقوم بشطب اسمه منها .



وقال والد المتوفية أنه لم يتقدم بمحضر رسمي بالشرطة، حتى لا يكون مصير جثة ابنته هو التشريح، موضحًا: "لو وصلت المرحلة دي هتنازل عن حق بنتي لأني مش عايز تشريح لجثتها.. واللي بأتمناه الطبيب يتحاسب عشان ميكررهاش مع مرضى تاني".