"سبتمبر" الأسود.. الحكاية الكاملة لغرق مركب الهجرة غير الشرعية برشيد.. والحصيلة 202 غريقًا (صور)

محافظات

بوابة الفجر


استيقظت محافظة البحيرة وتحديدًا مدينة رشيد "الأثرية" يوم الأربعاء الموافق 21 سبتمبر 2016 علي نبأ غرق مركب للهجرة غير الشرعية وعلى متنها أكثر من 350 فرد من جنسيات "السودان وأريتريا والصومال ومصر" تحركت من قرية مسترو الواقعة بين مركزى بلطيم ومطوبس بمحافظة كفر الشيخ وغرقت علي بعد 12 كيلو متر من ساحل برج رشيد.

تم الدفع بـ 15 سيارة إسعاف علي شاطيء برج رشيد لنقل المصابين وجثث الضحايا فور انتشالهم من جانب قوات حرس الحدود والبحرية والصيادين، كما تم إنقاذ 164 شخص من مستقلي المركب وطاقمها وتحويلهم لمركز شرطة رشيد للتحقيق، وتم اعلان حالة الطوارئ بكافة مستشفيات المحافظة.

ففي اليوم الأول استقبلت مستشفيات محافظة البحيرة عدد 42 جثة، وعدد 7 مصابين وانتقل فريق من النيابة العامة برئاسة المستشار على حسن، للتحقيق معهم، وأكد المصابين المصريين الناجين أن سبب غرق المركب هو الحمولة الزائدة، وأن قائد المركب أصر على الإبحار بها، واتهموه بالتسبب في غرقها وتعريض حياتهم للخطر.

من جانب آخر تجمهر أهالي الضحايا أمام مشرحة مستشفي رشيد العام بمحافظة البحيرة، للتعرف على جثث ضحاياهم، وناشدوا وزير الداخلية بالبحث عن جثث الضحايا المفقودين، قائلين "إذا بقي الوضع كما هو عليه في البحر لن نتمكن من انتشال أي جثث أخرى، ولو كان فيه مواطن صهيوني وسط هؤلاء الضحايا كانت الدولة وقفت على رأسها، وننتظر حتى الآن بمستشفى رشيد بالبحيرة، ولا يوجد أي مسؤول نتحدث معه، لهذه الدرجة المواطن المصري أرخص مواطن في الدنيا".

وأكد "أحمد درويش" 27 عامًا ومقيم بشبرا اليمني زفتى بالغربية، أحد الناجين أنه قام بالتوقيع على إيصال أمانة بمبلغ 20 ألف جنيه مقابل الهجرة لإيطاليا، مضيفًا أنه أستقل منطقة مسترو وهي على حدود بلطيم مع مطوبس قارب صغير نقله وآخرين داخل البحر ثم تم نقلهم قارب أخر ومنة لقارب ثالث ثم إلى المركب الغارقة التى كانت تنتظرهم في عرض البحر، حيث فوجىء بوجود أشخاص عليها أكثر من اللازم مؤكدا على حدوث مشاجرة بينهم وبين قائدها ولكنة أصر على الإبحار مما أدى إلى غرقها.

وأضاف "سامح محمد أحمد عبدالدايم" 18 عامًا - طالب ومقيم بالجزيرة الخضراء بمطوبس بكفرالشيخ، أنه فوجىء بتمايل المركب وانقلابها على مقدمتها وقام بالقفز داخل المياه حيث قام أصحاب مراكب الصيد المارة بانتشالهم من المياه وتم نقلهم للمستشفى للعلاج أثر إصابتهم بجروح وكسور، مشيرًا أنهم فوجئوا بوجود عدد كبير من السودانيين في قاع المركب واعترضوا على وجودهم لخطورة الوزن الثقيل عليها ولكن قائد المركب أصر علي الإبحار.

وفي اليوم الثاني "الخميس" 22 سبتمبر 2016 تم انتشال جثث 13 شخص من ضحايا مركب الهجرة غير الشرعية ليرتفع حصيلة الضحايا إلى 55 شخصا، وتم التصريح بدفن 15 جثة منهم بعدما تم التعرف عليهم من قبل ذويهم.

وأمر المستشار علي حسن، رئيس النيابة الكلية، بالإفراج عن عدد 110 محتجز مصري تم إنقاذهم من غرق مركب الهجرة غير الشرعية أمام سواحل مدينة رشيد، وذلك بعد اتخاذ كافة الإجراءات الأمنية حيالهم، وتم تسليمهم إلى ذويهم الذين تجمعوا أمام قسم شرطة رشيد، كما وصل السفير محمد الصغيرون، قنصل عام السودان لإنهاء إجراءات المحتجزين السودانيين وتم الإفراج عن عدد 43 من المحتجزين عبارة عن 26 سوداني و14 أريتربي و2 صومالي وسوري، وذلك بضمان وثائق السفر الخاصة بهم.

حيث شهد مركز شرطة رشيد موقفا مؤثرا بعد سماع كلمات "ابني.. ابني.. ابني" ودموع منهمرة، استقبل والد أحد الشباب الذين نجوا من غرق مركب الهجرة غير الشرعية قائلا "الحمد لله انك عايش.. ما تبعدش عني تانى.. أحمدك يارب".

وفي صباح اليوم الثالث "الجمعة" 23 سبتمبر 2016 قطع أهالي المفقودين من ضحايا المركب الغارقة برشيد، الطريق الدولي الساحلي بمنطقة برج رشيد، احتجاجًا على تأخر انتشال جثث المفقودين وتجمعوا في حالة غضب عارم وافترشوا الأرض علي الطريق مانعين مرور السيارات مما أدى إلى تكدسها وتعطل مصالح المواطنين وحدوث شلل مروري، الأمر الذي دفع القيادات الأمنية بمركز رشيد لمقابلتهم وإقناعهم بفتح الطريق مرة أخرى مع وعدهم بتحقيق مطالبهم في تسريع عمليات انتشال الضحايا.

ونجحت القوات البحرية ورجال حرس الحدود في انتشال 107 جثة من ضحايا غرق مركب الهجرة غير الشرعية، ليرتفع حصيلة الضحايا إلى 162 شخصا وتم نقلهم إلي مستشفيات أبو قير وصدر المعمورة بالإسكندرية ومطوبس وبلطيم وبيلا وفوة وجمصة بكفر الشيخ.

وألقت مباحث قسم شرطة رشيد بالبحيرة برئاسة النقيب محمد السيسي، رئيس المباحث القبض على "سميحة أ.أ" 60 عاما - صاحبة مركب صيد ونجلها "محمد ع.أ" 32عاما - صياد ومقيمان رشيد، لقيامهما بالاشتراك مع باقي المتهمين بنقل 100 من المجني عليهم إلى مركب الموت من ميناء بوغاز رشيد، وأمرت النيابة العامة بحبسهم 4 أيام علي ذمة التحقيقات.

وفي صباح اليوم الرابع "السبت" 24 سبتمبر 2016 تجمهر أهالي الضحايا المفقودين أمام مبني قوات حرس الحدود برشيد مطالبين باستكمال البحث عن أبنائهم الغرقى، ورددوا هتافات "عاوزين عيالنا" الأمر الذي دفع الدكتور محمد سلطان، محافظ البحيرة، للوصول إلى مقر تجمهر الأهالي وطالبهم بالهدوء، ووعدهم بتسليم جميع الجثامين فور انتهاء الإجراءات والعمل على انتشال باقي الضحايا.

كما تم العثور علي جثتين جديدتين ليرتفع عدد الضحايا إلي 164 غريقًا ووصل الدكتور أحمد عماد الدين راضى، وزير الصحة، لمستشفى رشيد العام لمتابعة الإجراءات الخاصة باستقبال الجثامين وتسليم حالات الوفاة التي تم التعرف عليها إلى ذويهم، وتفقد غرفة حفظ الموتى بالمستشفى، وأشاد بمدى جاهزية الأطقم الطبية والمفتشين الصحيين في التعامل مع الحادث واستقبال ورعاية المصابين وكذا حالات الوفاة، وأكد أن كافة الإمكانيات متاحة لاستقبال جثث الضحايا المفقودين.

وأكد الدكتور محمد سلطان، محافظ البحيرة، انه تم تسليم عدد 70 جثة إلى ذويهم لإنهاء إجراءات الدفن وتوزيع عدد 94 آخرين على المستشفيات المركزية بالمحافظة.

وفي اليوم الخامس "الأحد" 25 سبتمبر 2016 أكد الدكتور محمد سلطان، محافظ البحيرة، على تحرك مركب عملاقة تابعة لإحدى شركات البترول من منطقة أبو قير بالإسكندرية إلى موقع غرق مركب الهجرة غير الشرعية برشيد، للمساعدة في انتشال مركب رشيد وباقي جثث الضحايا، وأن القطعة البحرية عليها ونش 100 طن و10 غطاسين.

كما تم انتشال 5 جثث جديدة إحداها لطفل عمره 3 سنوات وشاب من الغربية وتم التعرف عليهما وتسليمهما إلى ذويهما بعد إذن النيابة بالإضافة إلى عدد 3 جثث لأفارقة أحدهما سوداني وتم إيداعهم بمستشفيات رشيد والدلنجات، ليرتفع عدد الضحايا إلى 169 جثة، ودخل والد أحد الضحايا في نوبة صراخ وبكاء عقب انتشال جثمان ابنه من سواحل البحر المتوسط، وتم نقله عبر سيارة الإسعاف إلى المشرحة.

وقرر المستشار على حسن رئيس نيابة شمال دمنهور الكلية، إخلاء سبيل "حسن ح.ر" صاحب مركب تدعى "موكب الرسول1" بعد ثبوت عدم تورطه في حادث الهجرة برشيد، وكشفت تحقيقات النيابة أن مركب موكب الرسول 1 قامت بتحميل أفراد هجرة غير شرعية من سواحل مدينة كفر الشيخ لتسفيرهم إلى دولة إيطاليا بحمولة زائدة لجشع تجار الهجرة الغير شرعية، ما تسبب في غرقها أمام سواحل مدينة رشيد على حدود المياه الإقليمية لجمهورية مصر العربية، غير أن مفاجأة كشفتها التحريات مفادها أن هناك مركب تحمل الاسم ذاته، ما زالت موجودة بميناء دمياط.

وفي صباح اليوم السادس "الاثنين" 26 سبتمبر 2016 تمكنت الأجهزة الأمنية بمحافظة البحيرة، برئاسة اللواء محمد خريصة، مدير المباحث، والعقيد أحمد البنا رئيس قسم الأموال العامة، من القبض على 8 من المتورطين في 4 وقائع هجرة غير شرعية برشيد وإدكو، وذلك تنفيذًا لقرار النيابة العامة، بضبط كافة المتورطين في غرق مركب الهجرة غير الشرعية برشيد.

وقام الدكتور محمد سلطان، محافظ البحيرة، بتفقد أعمال البارجة وأكد أن العمل يجرى على قدم وساق لرفع المركب، حيث تتمركز بارجة ضخمة تابعة لشركة رشيد للبترول في الموقع وتقوم بأعمال تجهيز المركب الراسية في قاع البحر تمهيدا لعملية رفعها وانتشال ما تبقى فيها من جثث للضحايا، وأشار أن رئيس الوزراء وجه بتحرك بارجة إضافية من هيئة قناة السويس بقدرة رفع من 300 إلي 500 طن بالتنسيق مع الفريق مهاب مميش للمساعدة في عملية انتشال المركب الغارقة.

وفي ظهر اليوم السابع "الثلاثاء" 27 سبتمبر 2016 والأخير، تمكنت البارجة من انتشال مركب رشيد المنكوبة، وتفريغ المياه وتعويمها للبحث عن جثث الضحايا المفقودين، وتم العثور علي عدد 33 جثة بداخل المركب ليرتفع العدد النهائي لـ 202 ضحية، وتم نقلا المركب إلى بوغاز رشيد لفحصها من قبل فريق النيابة للتعرف على أسباب الغرق، وأدى ذلك إلى اطمئنان بعض الأفراد من أهالي الضحايا الذين لا يزالون ينتظرون عند البوغاز بحثا عن ذويهم.

من جانبها قامت مديرية أمن البحيرة بمواصلة ضرباتها للقبض علي المتورطين في حادث غرق مركب رشيد وكذا القائمين علي تسفير الشباب في العديد من الهجرات الغير شرعية، حيث نجح ضباط مصلحة الأمن العام من ضبط (يوسف م.ا) الشهير بـ "يوسف باشا" أحد أباطرة الهجرة غير الشرعية، والمتهم الرئيسي في حادث غرق مركب رشيد "مركب الموت" والذي راح ضحيته 202 شخصًا مختبئا بمنطقة زاوية غزال التابعة لمركز دمنهور.