سيرة القديسة "كاترين" من الإسكندرية إلى جنوب سيناء

محافظات

بوابة الفجر

ولدت القديسة كاترين في آواخر القرن الثالث الميلادي في مدينة الإسكندرية باسم "ذروثيا" من "أبوين وثنين" من سلالة الملوك يتمتعان بثروة وشهرة واسعة، وفي الخمسة عشر من عمرها فقدت والدها "كمونستاس"، الذي كان حاكماَ لمدينة الإسكندرية، فتولت أمها "سابينلا" تربيتها وتعليمها.

ودرست كاترين مؤلفات كبار الفلاسفة والشعراء، وعلم البلاغة والمنطق، وعلوم الطب، وأجادت الكثير من اللغات في مدينة الإسكندرية، تلك المدينة المحبوبة، بجانب أنها كانت تحظى بقدر كبير من الجمال، ما جعل الكثيرون من الأغنياء والنبلاء يطلبون الزواج من كاترين لما تتمتع به من مواهب وعلم وجمال جسدي، إلى جانب فضائلها، ولكنها رفضتهم جميعاَ، لأنها أرادت أن ترتبط بشاب يماثلها فى الحكمة والموهبة والعلم، وليس بمن يتفوق عليها في أشياء أخرى كالغنى والمركز. وهو ما أكده الدكتور فكري نجيب أسعد.

في كتابة سيرة القديسة الشهيدة كاترين الإسكندرانية، كما أسعد في كتابه أصدر الإمبراطور الأمبراطور الروماني الوثني مكيسمانيوس منشورًا بأن يقدم الجميع بما فيهم المسيحيون ذبائح لللآلهة، فى حفل هائل للأصنام، ولكن الشابة كاترين اخترقت الصفوف فى شجاعة فى يوم الآحتفال، ورفعت طالبها إلى الأمبراطور بواسطة الحراس تعلن رغبتها فى أن تقابله، وأتت الموافقة. بدأت كاترين تتحدث إليه في اتزان وهدوء وقالت له: "هناك ملكاَ فى السماء هو خالق السموات والأرض، وهو الذى الذى يجب الخضوع له"، فأجابها بأنه غير ملم بعلوم الفلسفة ليرد على كلامها، وأنه سيرسل إلى علماء الفلسفة ليسمعوا حديثها ويهدموا أفكارها وعقيدتها.

وجمع الإمبراطور 50 من أكابر الفلاسفة من أنحاء الأمبراطورية ليناظروا القديسة كاترين فى اجتماع حضرته الأمبراطورة " فاوستينا " زوجة الأمبراطور مكيسمانيوس، وعقب لقائها بهم فى حوار هادىء، أفادوا الفلاسفة الإمبراطور بأن الفتاة لم تقل إلا الصواب، وأن إيمانها بالله هو الحقيقى، وأنهم لن يعبدوا الأوثان مرة أخرى، فانقلب الإمبراطور عليهم وتحولوا فى عينيه إلى أعداء، بعد أن كانوا أقرب الناس إليه، رافضاَ فى كبرياء أن يحاورهم فى إيمانهم الجديد بالمسيح وأمر بحرقهم.

أما بالنسبة لـ"كاترين" فقد أمر بأن تجلد بالسياط ووضعها فى السجن وتعذيبها ثم أمر بعد ذلك بأن تعذب كاترين بواسطة عجلات غرزت بدوائرها الخارجية مسامير تنهش فى لحم جسمها عندما تدار ذات اليمين واليسار. وهو ما أكده الأنبا داميانوس - رئيس أساقفة سيناء للروم الأرثوذكس، ورئيس دير سانت كاترين عن القديسة كاترين.

وأضاف الأنبا "داميانوس" - في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، اليوم السبت - أن القديسة كاترين تعرضت للاضطهاد والتعذيب حيث تم تقطيع جسدها إلى أجزاء. وتم اكتشاف جسدها أعلى قمة جبل في جنوب سيناء ولذلك سمي دير سانت كاترين على اسمها.

وفسر "توني كازامياس" مستشار الأنبا داميانوس أيقونة القديسة كاترين- لـ"الفجر" - قائلًا؛ "الأيقونة ترمز إلى العجلة والريشة والصليب"، موضحا أن الريشة رمز الثقافة الخاصة بالقديسة، لافتا الى أننا لو عادلنا تعليمها من القرن الثالث حتى الآن فسوف تكون حاصلة على دكتوراه في الطب والهندسة والعلوم والفيزياء والكيمياء والتاريخ والموسيقى والدين، معللا بأنها كانت على درجة كبيرة من الثقافة رغم صغر سنها.

وأضاف "توني" أن القديسة كاترينا كانت على درجة كبيرة من الغنى بحكم والدها الذي كان يحكم الإسكندرية آنذاك، بجانب أنها كانت تحظى بقدر كبير من الجمال، مشيرًا إلى أن القديسة كاترينا أقنعت 40 شخصية من اعظم علماء عصرها بالحياة الرهبانية، رغم أنهم جاءوا لإقناعها بالحياة الدنيوية ولكنها حدث العكس وعاش الـ 40 عالما هنا بسيناء وكانوا أول شهداء لهذا المكان.

وأوضح "توني" أن العجلة بالسكاكين ترمز لآلة تعذيب القديسين في هذا العصر، مشيرا إلى أن هذه العجلة بسكاكينها كانت تمشي على جسد القديسة كاترينا لذلك كان جسدها مجموعة من القطع، مؤكدًا على أن الصليب يرمز للرؤية التي رأتها القديسة كاترينا، وهي خطوبة كاترينا للسيد المسيح روحانيا، وأنها كانت تحظى بمكانة عالية بين القديسين.