مُحلل أردني: العرب والسعودية ضدّ "جاستا".. وأمريكا ستتلقى وعدها من ضحايا "الذريتين"

السعودية

مُحلل أردني
مُحلل أردني

قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني المهندس عبدالرحمن "محمد وليد" بدران؛ لـ "سبق": في تعليقه على إقرار قانون مجلس الشيوخ الأمريكي لما يُعرف بقانون "جاستا" أخيراً،  وعن إمكانية الترافع ضدّ الولايات المتحدة حول جرائمها الحربية منذ الحرب العالمية الثانيةً بعد إقرار القانون: "سيكون ذلك ممكناً بكل تأكيد في حال شجعّ إقرار مثل هذا القانون الكثير من ضحايا الولايات المتحدة حول العالم لمطالبة الجهات التشريعية في بلدانهم إقرار قوانين مماثلة، وهو ما سيحصل بكل تأكيد".

 

وأضاف: "عندها ستشعر الولايات المتحدة بفداحة ما قامت به، وأنها لن تكون بعيدةً عن أضرار مثل هذه القوانين، خصوصاً عندما يترافع ضحايا القنبلتين الذريتين من اليابانيين وضحايا حروبها في فيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها الكثير، خاصة مع انتشار أنباءٍ، أخيراً، عن استعداد البرلمان الياباني لإقرار قانون يسمح لعائلات ضحايا كارثة قنبلتَي هيروشيما وناجازاكي بمقاضاة الدولة الأمريكية من جرّاء الأضرار الاقتصادية والإنسانية التي لحقت بهم. بحسب صحيفة "سبق"

 

وحول نسب نجاح مطالبات ضحايا 11 سبتمبر، في ظل إثبات التحقيقات الأمريكية براءة المملكة من ارتباطها بالإرهابيين، بيّن "بدران"، أنه إن سارت المطالبات في مسار قانوني منصف ونزيه، فمن المؤكّد سيكون مصيرها الفشل، فالإدارة الأمريكية تعرف قبل غيرها، أن المملكة العربية السعودية لم تدعم يوماً الجماعات الإرهابية في أيّ مكان في العالم، وأقرّت بذلك المحاكم الأمريكية وأصدرت بوضوح براءة السعودية من أيّ ادعاء أو اتهام باطل بارتباطها بالتنظيمات الإرهابية أو دعمها، بل كانت من أكثر الدول التي تعرّضت للأذى والإساءة والأعمال الإرهابية من قِبل هذه الجماعات، وهو أمر معروف للأمريكان قبل غيرهم.

 

وحول مستقبل العلاقات السعودية - الأمريكية، بعد إقرار القانون، أوضح المحلل السياسي لـ "سبق"، قائلاً: "من المعروف والملاحظ تراجع العلاقات السعودية - الأمريكية أخيراً، وذلك لأسباب عدة منها التفكير الأمريكي الواضح بالتوجّه إلى آسيا بدلاً من الشرق الأوسط، عدا عن الاختلاف الكبير في وجهات النظر فيما يتعلق بأزمات سوريا والعراق والتدخّل الإيراني في الشؤون العربية وقبل كل ذلك ما يتعلق بتسوية القضية الفلسطينية وإحلال السلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

 

واستدرك: "لكن ذلك لا ينفي حقيقة متانة العلاقات السعودية - الأمريكية منذ اجتماع الملك المؤسِّس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - مع الرئيس الأمريكي روزفلت في عام 1945م، وتجاوزها الكثير من العواصف التي عصفت بالمنطقة والعالم من قبل، وبيان مجلس الوزراء السعودي بالأمس يدلل على ذلك، خصوصاً فيما يتعلق باستمرار الأمل بأن تسود الحكمة مجلس الشيوخ الأمريكي، وأخذ الخطوات اللازمة من أجل تجنب العواقب الوخيمة والخطيرة التي قد تترتب على سن مثل هذا القانون قبل فوات الأوان".

 

وتابع: "لكن وفي الوقت ذاته المملكة العربية السعودية ليست دولةً ضعيفةً أو عاجزة؛ بل هي قلب العالم العربي والاسلامي، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام قانون مجحف كهذا، خصوصاً إذا ما قامت الإدارة الأمريكية الجديدة بدعمه والإصرار على المُضي فيه، وقد رأينا إعلان مرشحَي الرئاسة ترامب؛ وكلينتون؛ دعمهما للقانون، ووعدهما المُضي فيه للنهاية بعد وصولهما لكرسي الرئاسة، وهو الأمر الذي سيرتب على الولايات المتحدة تحمُّل نتائج وخيمة لذلك بكل تأكيد".

 

وعن تداعيات القانون على مستوى العلاقات الدولية بين الولايات المتحدة وحلفائها، أردف "بدران"؛ قائلاً: "من الواضح أن القانون سبّب إحراجاً كبيراً للمسؤولين الأمريكان قبل غيرهم، وقد تجلى ذلك في تعليق المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست؛ على تصويت مجلس الشيوخ ضدّ فيتو أوباما؛ وإقرار القانون، بقوله إنه "الشيء الأكثر إحراجاً الذي فعله مجلس الشيوخ منذ عام 1983م".

 

وبيّن: "وهذا يثبت أن القانون يعد سابقةً خطيرةً وانتهاكاً سافراً لكل المواثيق الدولية، وتحديداً للإعلان الصادر عن الأمم المتحددة بتاريخ 21 ديسمبر 1965م؛ القاضي بضرورة احترام الدول وعدم جواز التدخّل في شؤون الدول الداخلية وحماية استقلالها وسيادتها"، وكلك الإعلان الصادر عنها في 24 أكتوبر 1970م، حول مبادئ القانون الدولي الخاصّة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفق ميثاق الأمم المتحدة؛ ما سيكون له أسوأ الأثر على العلاقات الودية التي جمعت الولايات المتحدة مع كثير من حلفائها لعشرات السنين، وسارعت دول حليفة لواشنطن إلى رفض مثل هذا القانون، مثل فرنسا وهولندا وروسيا والاتحاد الأوروبي وتركيا والبحرين ومصر.

 

وأكّد المحلل الأردني، أن "المملكة الأردنية الهاشمية التي أعلنت رفضها التام للقانون على لسان سفيرها في السعودية جمال الشمايلة؛ الذي صرح أن الأردن ليس مع القرار لا شكلاً ولا مضموناً؛ بل ينظر إليه على أنه قرارٌ ينضوي على ضرر كبير وتدخّل سافر في سيادة الدول، ولا يتطابق بأيّ شكل من الأشكال مع الأعراف والمواثيق الدولية المعروفة المتفق عليها ولا مع القانون الدولي الثابت والممارس حالياً، وتأكيد السفير الأردني وقوف الأردن إلى جانب السعودية بقوة ودعمها أي قرار تتخذه بشأن قانون جاستا، كاشفاً عن أنه سيكون هناك موقفٌ عربيٌّ موحّد من هذا القانون، وأن الأردن سيكون مع الإجماع العربي الرافض له عندما يناقش في الجامعة العربية".

 

وأوضح: "كذلك الأمر صدر عن الجزائر التي أعلنت رفضها التام للقانون والوقوف مع المملكة من خلال الحزب الحاكم فيها؛ حيث سيؤدي تطبيق القانون المذكور إلى انتهاك الأعراف الدبلوماسية بين الدول نتيجة لجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى محاكمة بعض الدول، وبالتالي صدور أحكام غيابية ضدّها ومصادرة أموالها، وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى تدهور العلاقات الأمريكية مع جميع حلفائها وانهيار الثقة فيما بينها على المديين القريب والبعيد".