مناضلات حرب أكتوبر المجيدة.. فنانات وراعيات أغنام حفرن أسمائهن بأحرف من نور

تقارير وحوارات

مناضلات في حرب أكتوبر
مناضلات في حرب أكتوبر - أرشيفية




مضى 43 عاماً على حرب أكتوبر المجيدة، وما زالت معظم معطيات الوسائل الإعلامية والتليفزيونية قاصرة على تسليط  الضوء على دور المرأة في الحرب كـ«أم الشهيد»، و«زوجة البطل»، ولم يتم تناول الأدوار البطولية التي قامت بها المرأة قبيل وأثناء الحرب.

وتزامناً مع الذكرى الـ43 لانتصارات أكتوبر، وتمجيداً للأدور البطولية النسائية، ترصد «الفجر» خلال السطور التالية بعض من النماذج المشرفة التي تستعرض دور المرأة في الحرب.


«نساء متطوعات»
أثناء الحرب توجهت السيدة جيهان السادات، زوجة الرئيس الراحل السادات، مع آلاف السيدات للخدمة العامة تعبيرًا عن عرفان وطن بأكمله نحو أبطالنا المقاتلين، ولأول مرة تكونت لجنة نسائية في نقابة المهن التجارية من 60 ألف عضوة لتشارك في العمل، والمساعدة بشتى الطرق في حرب أكتوبر، وأول خطوة كانت جمع تبرعات ثم تبني، ورعاية أسر الجنود، والشهداء ماديًا واجتماعيًا.

ويعتبر التبرع بالأجر أحد الوسائل التي قامت بها المرأة فكانت النساء تتبرعن من أجل أسر الجرحى والذين استشهدوا، في ذلك الوقت تبرعت العاملات بجزء من أجرهن الشهري للمجهود الحربي، كما اختفى الغياب وأصبحت طاقات وإنتاجية العمل مرتفعة حتى إن بعضهن عملن في فترة العيد.

ومن أبرز الأسماء التي كانت تتبرع بأجرها الكامل هي "أم كلثوم" التي تعتبر أبرز من تبرعوا بالمال والجهد كما أنها غنت للجندي المصري، واستحثت الشعراء لكتابة قصائد وطنية حماسية لتشد من عضد المواطن العربي، والجندي المصري.

ومن أحد سجلات التنظيمات النسائية سجلت الأرقام 13 ألف سيدة تم تدريبهن أثناء حرب أكتوبر على أعمال الإسعاف والتمريض للمساعدة في المستشفيات، وفي نفس الوقت كان هناك خمسة آلاف من النساء يتم تدريبهن بالفعل أما طابور الانتظار كان به ستة آلاف ينتظرن دورهن.

أما من تطوعن بالدم فهناك تسجيل حوالي تسعة آلاف سيدة بخلاف من يقمن بالحياكة وأعمال الديكور في خدمة المستشفيات، وهذا نموذجًا واحدًا من أحد التنظيمات النسائية بينما كانت تضم جمعيات الهلال الأحمر ألف عضوة أساسية مُدربة تدريبًا فنيًا عاليا على أهبة الاستعداد للمساعدة والمشاركة.


«راعيات أغنام برتبة لواءات»
وبالرغم من عاداتهم وتقاليدهم الصارمة في الظهور، خرجن سيدات الصحراء «البدويات» لمشاركة مصر في أصعب أيامها حتى تحقيق نصر أكتوبر.

فمنذ هزيمة 67 السيدات السيناويات البدويات نفَّذن بمفردهن العديد من العمليات المهمة والحساسة لمساعدة عناصر المخابرات كتشكيل مجموعات منهن تقوم برصد تحركات العدو، وحصر آلياته للقيام بمهام قتالية.

من بين أبرز أدوار البطولة للسيدات البدويات بسيناء ما قامت به "حمدة سعيد أبوزرعى"، وهى من قبائل منطقة الشيخ زويد، حيث كانت تقوم هي ورفيقاتها باستلام وثائق ومستندات من رجال المقاومة في سيناء، والتسلل بها إلى مناطق السويس وتسليمها للقيادات هناك.

وكانت هذه العمليات تتم تحت غطاء أنهن يمتهن التجارة والتجوال وبيع ملابس وسط القبائل والعشائر وحمل أكياس ملابس وفى حقيقة الأمر ينقلن معدات تصوير لتسليمها للمقاومين، بجانب تسليم وتسلم رسائل ووثائق يحصلن عليها أثناء تنفيذ المقاومين لعملياتهم.

وتقول سالمة عميرة البياضي، إحدى بطلات أكتوبر، في تصريحات صحفية إن دورها وأخريات، كان يتمثل في السير خلف "آثار" تحرك قوافل نقل الجنود وإخفاؤها وذلك عن طريق اقتياد قطعان الأغنام والماشية والسير بها، لإخفاء الأثر لأن قوات الاحتلال الإسرائيلي تقوم بتعقب آثار الجنود واستهدافهم.


«سيدات فدائيات»
والسيدة المصرية في السويس لم تكن أم البطل أو زوجة الشهيد أو مضمدة للجراح بل ناضلت كتفاً بكتف مع الرجل وشاركت بعض النساء في المقاومة الشعبية بالسويس.

ومن أبرز نماذج تلك السيدات، «الست فاطوم»، تلك المرأة المصرية العظيمة التي لم تكن تملك من الدنيا سوى عشر دجاجات ذبحتها كلها لرجال المقاومة، وكانت تعمل قدر استطاعتها رغم القصف الشديد على نقل الذخيرة وتضميد جراح الأبطال الشجعان.

أما فلاحة فايد فقد كلفها أحد الضباط أن تذهب إلى مكان تمركز آليات العدو ومجنزراته تختبئ بين الأشجار الكثيفة في منطقة فايد وسرابيوم ويريد أن تسبق خطته استطلاع جيد تقوم به هذه الفلاحة، فحملت الفلاحة ابنتها على كتفها زيادة في التمويه على العدو لتستطيع أن تؤدي مهمتها بكفاءة. 


«فنانات وطنيات»
وشهدت الفترة قبيل حرب أكتوبر من بعد نكسة 67، انتشار ظاهرة إنضمام الراقصات إلى الحركات الفدائية، لمساعدة الجيش المصري على مساعدة الفدائيين لتوصيل أسلحة لهم أو إستلام رسائل وتوصيلها للقيادات، أو معرفة أسرار من القيادات الإسرائيلية عن طريق إستدراج الراقصات لهم.

ولعل التليفزيون المصري استطاع أن ينقل لنا صورة من الوضع الحقيقي التي كانت تلعبها الراقصات ودورهم في حرب أكتوبر، ومن أبرز تلك النماذج الراقصة «تحية كاريوكا» التي تضم سيرتها جانباً مهماً في قصص العمل المسلح.

ونقلاً عن الكاتب سليمان الحكيم فى كتابه «تحية كاريوكا بين الرقص والسياسة»، يروي قصة مفادها بأن كاريوكا قدمت نفسها كمتطوعة للمشاركة فى قوات الفدائيين وطلب منها وجيه أباظة نقل أسلحة وطوربيد إلى الإسماعيلية ونفذت المهمة بنجاح.