هل تنجح اجتماعات خريف صندوق النقد والبنك الدوليين في استعادة ربيع الاقتصاد العالمي؟

الاقتصاد

صندوق النقد والبنك
صندوق النقد والبنك الدوليين- أرشيفية


انطلقت اليوم، الاجتماعات السنوية لمجموعة صندوق النقد والبنك الدوليين، والتي تنعقد خلال فصل الخريف من كل عام، ويناقش  مجلسا محافظي مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي خلال اجتماعاتهما الكثير من القضايا ذات الصلة بالحد من الفقر وبالتنمية الاقتصادية والتمويل الدوليين في محاولة  لاستعادة الربيع الذي افتقده الاقتصاد العالمي منذ سنوات. 

ويشارك في الاجتماعات وفود رفيعة المستوى تمثل الحكومة المصرية من وزارات المالية، والتعاون الدولي، والبنك المركزي المصري، حيث تعقد عدد من الاجتماعات الهامة مع نظيراتها على المستوى العالمي بهدف توفير التمويل للمشروعات التنموية المختلفة.

وتطرح الحكومة المصرية خلال الاجتماعات خطتها للإصلاح الاقتصاي والاجتماعى، والإصلاحات التشريعية، وأهداف السياسة النقدية للبلاد خلال الفترة القادمة خصوصاً في ظل الانفلات الذي يشهده سوق الصرف في مصر.


ورغم أن الاجتماعات ليست منوطة بالموافقة أو الرفض للقروض المنوحة من الصندوق للدول الأعضاء ، ورغم نفي الحكومة المصرية لوجود أية مشاورات حول قرض الصندوق البالغ قيمته ١٢ مليار دولار على ٣ سنوات، باعتباره أصبح مسألة منتهية ، إلا انه بالتأكيد سيشهد محاولات لتوفير التمويل لبعض المشروعات التنموية بما يساهم في سد الفجوة التمويلية البالغة ١٠ مليارات دولار سنوياً، بإجمالي ٣٠ مليار دولار خلال الثلاث سنوات والتي اشترط الصندوق سدها كشرط لمنح القرض.

وتتيح الاجتماعات السنوية منتدى للتعاون الدولي، وتسمح للبنك والصندوق بتحسين الخدمات المقدمة إلى البلدان الأعضاء فيهما.

وقد استقر العرف على عقد الاجتماعات السنوية في واشنطن العاصمة لمدة عامين من كل ثلاثة أعوام، على أن يتم عقدها في بلد عضو آخر في العام الثالث حتى يعكس ذلك الطابع الدولي للمؤسستين.

 وبالإضافة إلى اجتماعات مجلسي المحافظين، يجري رسمياً عقد اجتماعات لجنة التنمية واللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية. 

وتسدي لجنة التنمية (e) واللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية، المشورة إلى مجلسي المحافظين بشأن القضايا موضع الاهتمام العالمي، ومنها آفاق الاقتصاد العالمي، واستئصال الفقر، والتنمية الاقتصادية، وفاعلية المعونات.

وفي اجتماعاتهما السنوية، يقوم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بتنظيم عدد من المنتديات لتسهيل تفاعل الحكومات والمعنيين من خبراء البنك والصندوق مع منظمات المجتمع المدني والصحفيين ومسؤولي القطاع الخاص والأوساط الأكاديمية وممثلي المنظمات الدولية الأخرى. 

والحقيقة أن القائمين على تنظيم هذه الاجتماعات يبذلون قصارى جهدهم كي يضمنوا أن الاجتماعات السنوية تتيح منتدى فاعلاً لشرح أنشطة وتحديات ومنجزات المؤسستين سواءً مباشرة أو من خلال وسائل الإعلام. 

وتؤدي هذه الاجتماعات أيضاً إلى زيادة مشاركة المؤسستين من خلال أحداث ومناسبات مبتكرة والخلاقة مثل المنتدى المفتوح، مما يسهم إسهاماً كبيراً في تعزيز الانفتاح والشفافية.

ويحضر الاجتماعات السنوية زهاء 10 آلاف شخص، من بينهم حوالي 3500 من أعضاء وفود البلدان الأعضاء في هاتين المؤسستين، ونحو 1000 ممثل عن وسائل الإعلام، بالإضافة إلى ما يزيد على 5 آلاف زائر وضيف خاص، يأتون على نحوٍ رئيسي من شركات القطاع الخاص وأوساط العمل المصرفي والمنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى ذلك، يشارك خبراء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الاجتماعات مع المسؤولين من وفود الحكومات المشاركة.


وخلال اجتماعات الربيع والاجتماعات السنوية من كل عام، تجتمع لجنة التنمية المشتركة بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية التابعة للصندوق لمناقشة التقدم المحرز بشأن عمل البنك والصندوق. 


 5 قضايا رئيسية 

وتأتي على رأس أولويات المناقشات داخل ورش وجلسات المنتدى هذا العام خمسة قضايا رئيسية وهي:
 
1- خروج بريطانيا وتحديات الاقتصاد العالمى


رغم مراجعة صندوق النقد الدولى لتوقعاته بشأن الاقتصاد البريطانى، إلا أنه لا يزال مقتنعا أن تأثير الخروج سيكون سلبيا على المدى الطويل، خاصة أن حكومة رئيسة الوزراء تريزا ماى تجعل من السيطرة على الهجرة أولويتها أكثر من التركيز على استمرار الاحتفاظ بميزة الدخول إلى السوق الموحد.

 

وستدعو كريستين لاجارد، مدير صندوق النقد الدولى البنك المركزى البريطانى وزارة المالية على تحفيز الاقتصاد، كما ستحذر من إمكانية وجود اضطرابات جديدة لكل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى مع بداية إجراءات الانفصال بموجب المادة 50.

 

ومن المرتقب أن يسلط تقرير الاستقرار المالى العالمى الذى يصدره الصندوق على مشكلات البنوك الأوروبية، وعلى رأسها بنك دويتشه بنك الألمانى، و يخشى الصندوق أن تتسبب خسارة رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينزى فى الاستفتاء على إصلاح مجلس الشيوخ فى ديسمبر المقبل فى أزمة اقتصادية وسياسية، تصل صداها إلى جميع أرجاء منطقة اليورو.

 

ويراقب الصندوق دول مثل الولايات المتحدة، التى من المتوقع أن تحقق نموا أقل فى 2016 بالمقارنة بما كان متوقعا قبل ستة أشهر، بينما تسعى الحكومة الصينية إلى إعادة توازن الاقتصاد دون اعتمادها على الصادرات.

 

2- توقف النمو

منذ عشرة أعوام، كان الاقتصاد العالمى ينمو سريعا، فبين عامى 2003 و2006، وصل النمو العالمى لأكثر من 5% فى العام الواحد، وهو أقوى أداء منذ بداية السبعينات، ولكن الأوقات تغيرت، وأصبح النمو جامدا فى حدود الـ3% سنويا نظرا للأداء الضعيف المستمر من قبل الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان.

 

وقالت لاجارد فى خطاب الأسبوع الماضى، إن "الانتعاش العالمى كان ضعيفا وهشا على مدار الأعوام الماضية حتى الآن خاصة بالنسبة لاقتصادات الدول المتقدمة، ورغم وجود مؤشرات جيدة، إلا أن توقعات النمو بوجه عام لا تزال منخفضة".

 

3- اتجاه البنوك المركزية لرفع أو خفض سعر الفائدة

رغم جهود البنوك المركزية الجادة، لا يزال النمو العالمى ضعيفا. وقاموا بتخفيض أسعار الفائدة إلى أرقام قياسية وحاولوا تعزيز الطلب بشتى الطرق، ولكن بلا فائدة واضحة.

 

وسيجتمع محافظو البنوك المركزية ووزراء المالية وسط تكهنات متزايدة أن الاحتياطى الفيدرالى سيرفع سعر الفائدة قبل نهاية العام الجارى، بعكس بنوك مركزية أخرى، مثل بنك إنجلترا والبنك المركزى اليابانى والأوروبى الذين يتحركون فى الاتجاه المعاكس بتوفير المزيد من التحفيز.

 

ورغم أن لاجارد احتفظت بموقف محايد تجاه رفع الولايات المتحدة لأسعار الفائدة، ولكنها تخشى الآثار غير المتوقعة التى يمكن أن يخلقها رفع سعر الفائدة.

 

وتعتقد لاجارد أن البنوك المركزية يطلب منها أن تفعل الكثير، وأن خلق مستويات أعلى من النمو يتطلب العمل على ثلاثة محاور: التحفيز النقدى وخفض الضرائب أو زيادة الإنفاق من قبل وزارات المالية والإصلاح الهيكلى.

 

4- أهمية التجارة الحرة فى العالم

أنشئ صندوق النقد بسبب الاضطرابات التى خلقتها الأزمة المالية فى الثلاثينات، وعندها  تبنى الجميع سياسة الحماية الاقتصادية كجزء من آثار الركود العظيم، ومنذ نشأته عام 1944، يسعى الصندوق لتقليل الحواجز أمام التجارة.

 

وينظر الصندوق الآن بعين الحذر إلى مد العولمة الذى يمكن أن يرى فى الخطاب المعادى للتجارة الحرة الذى يستخدمه دونالد ترامب، وجمود المفاوضات بين واشنطن وبروكسل حول الشراكة الاستثمارية، والاستفتاء على الخروج.

 

وسينضم المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، إلى لاجارد فى واشنطن للتأكيد على أهمية التجارة الحرة، فهما يخشيان بشأن تأثير زيادة تدابير الحماية الاقتصادية على مدار الأعوام السابقة.

 

5- أزمة الديون 

خلال العقد الأخير، غطت أنشطة صندوق النقد على المنظمة الشقيقة "البنك الدولى"، التى تعقد اجتماعها السنوى هذا الأسبوع أيضاً، وكان التركيز على مشكلات العالم المتقدم، فيما يتعلق بانهيار البنوك الوشيك، وتهديدات أمام اليورو والخروج البريطانى من أوروبا، بدلا التركيز على الدول الفقيرة، وبعضها شهد نموا متزايدا بسبب ازدهار أسعار السلع.

ولجأت العديد من الدول الفقيرة للاقتراض عندما كانت الأوقات جيدة، ولكنهم يجدون البيئة الآن أكثر عدوانية، لاسيما مع تراجع الطلب فى الدول المتقدمة والذى أدى إلى تراجع أسعار السلع وتأخر النمو فى الدول النامية.