"ليلة الليث المرعبة".. أحد الناجين يروي قصة غرق صديقيه

السعودية

بوابة الفجر


كانت هي المرة الأولى التي أشاهد فيها البحر بأم عيني عن قرب ، بل هي أول مرة تلامس فيها قدماي مياه البحر منذ نعومة أظفاري ، بهذه الكلمات بدأ الشاب عبد الله صالح المالكي -23 عاماً- يحكي لـ"سبق" قصة غرق صديقيه "سالم 21عاما، طالب بالكلية الجامعية بالليث ، وعبد الله -30 عاما- عاطل عن العمل" ،رحمهما الله، في بحر الليث ،الخميس الماضي، ونجاته هو واثنين آخرين "نواف -22 عاما ،ووافد من الجنسية التونسية".
 
وتفصيلاً،  قال لـ"سبق": "قدمت أنا وصديقي عبد الله  من مركز الجائزة بمحافظة أضم إلى محافظة الليث ووصلنا عند الساعة الثامنة من مساء يوم الأربعاء واتجهنا مباشرة لمقر سكن الصديقين سالم الذي يدرس بالسنة الأخيرة ونواف  بالسنة الثانية وكلاهما بقسم الفيزياء بالكلية الجامعية بالليث ، في صباح يوم الخميس اتجهنا نحن الأربعة إلى بحر الليث ورافقنا صديقنا الخامس وهو وافد من الجنسية التونسية ؛ ذلك بغرض الصيد والسباحة".
 
وأضاف: "بعد وصولنا إلى البحر لم نجد أي لوحات إرشادية تحذرنا من عدم السباحة في هذا الموقع ، ما شجعنا على النزول نحن الأربعة لممارسة السباحة عند الساعة 10 ص ؛ بينما صديقنا التونسي انشغل بصيد الأسماك ، لكننا لم نلبث كثيراً حتى قرر عبد الله الخروج من البحر بعد شعوره بالتعب ، بينما نحن نسبح ثم خرجنا بعد ذلك".
 
وتابع: "أثناء خروجنا ذهب سالم باتجاه سنارة الصيد داخل البحر والتي يمسك بها صديقنا التونسي ، وفجأة جرفه الموج فقفز خلفه عبد الله ليجرفه الموج هو الآخر ، عندها لحق بهما التونسي الذي يجيد السباحة وأمسك بـعبد الله لأنه كان الأقرب ، وقام بإخراجه بالقرب من الشاطئ وفي مكان آمن لكنه لم يكن خارج مياه البحر ، ثم عاد التونسي محاولاً اللحاق بـسالم ، لكنه كان قد اختفى عن الأنظار داخل مياه البحر ، فعاد التونسي مسرعاً مرة أخرى إلى عبد الله للاطمئنان عليه إلا أن عبد الله  أخذ يسبح إلى الخلف داخل البحر في طريقه للجهة المقابلة رغم أنه كان على حافة الشاطئ وقريب من النجاة وفي مكان آمن ، ما جعل التيارات تجرفه سريعاً إلى داخل البحر ليختفي عن الأنظار".
 
ويستطرد "المالكي": "قمت مباشرة بإبلاغ حرس الحدود الذي وصل على الفور ، وبدأ البحث في موقع سقوط الشابين منذ الساعة 11 ظهراً وحتى المغرب ، عندها توقف البحث بسبب حلول الظلام وذهبنا برفقة حرس الحدود لمقر القيادة أنا وصديقي نواف والتونسي ؛ لإكمال بعض الإجراءات ، وأيضاً نمنا لديهم ، بعد طلوع الفجر عدنا لموقع الحادثة وبدأ البحث وتم العثور على جثمان الشابين ،ولله الحمد".
 
وعبر رئيس مجلس إدارة المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بمركز الجائزة بمحافظة أضم التابعة لمنطقة مكة المكرمة ،أحمد الأعفر المالكي، عن ألمه على فراق شقيقه "عبد الله" ، من خلال قصيدة شعرية عنونها بـ "ليلة الليث" وصف من خلالها ليلة الانتظار على شاطئ البحر للعثور على جثمان أخيه ، مشيراً إلى أنها كانت الليلة الأطول في حياته رغم تجاوزه للعقد الرابع من عمره ؛ حيث كانت قاسية ومؤلمة ، فهي ليلة لم يذق فيها طعماً للنوم ، رغم أنه داهمته مصائب كثيرة ؛ لكنها لم تهزه مثل ليلة بحر الليث. 
 
وقال "المالكي" في مرثيته "ليلة الليث":
يـا ليلة اللـيـث لا جـادتك غـاديةٌ
             من الغـمام ولا نسنس بك الـذاري
 
أذهبتِ نفسي شُعاعاً بعد غبطتِها
              تجري مع البحرِ في تيارِه الجاري
 
كم ليلة أرّقت عيني وما برحت
              تعزف على كوخ أحـزاني بأوتارِ
 
حملتها وكتمتُ النار في كبدي
              رحماه للصبر من كبدي ومن ناري
 
وليلة الليث لم تُبقِ على وطرٍ
               كأنـها قـد تـقـضـّت كل أوطـاري
 
لكنها سـحـقـت قلبي بـعـاصـفةٍ
                من الهموم وأفشت كل أسـراري
 
كأنها عاصـفة (سلمان) في يـمـنٍ
                لنصُرة القوم من خلٍ ومن جاري