خبراء عسكريون: مناورات درع الخليج 1 وفق إطار قانوني.. والرياض وجّهت رسائل واضحة

السعودية

جانب من المناورات
جانب من المناورات

أكد خبراء عسكريون لـ"سبق" أن مناورات درع الخليج 1 آتت أكلها، وطورت مهارات المشاركين بشكل كبير، مشيرين إلى أن هذه التدريبات منحت الفرصة لإيران، لتقارن بنفسها بين قدراتها وإمكاناتها العسكرية، وبين إمكانات القوات السعودية والخليجية، حتى تدرك الفارق الكبير الذي يصب في صالح دول الخليج، مشيرين إلى أن دول الخليج أعلنت من خلال هذه التدريبات أن لديها قوة رادعة، تعتمد عليها في رعاية مصالحها، وبالتالي هي ليست في حاجة إلى رعاية أي دولة أجنبية.

وأكدوا أن المملكة بعثت بعشرات الرسائل العاجلة إلى من يهمه الأمر في منطقة الشرق الأوسط والعالم، بأنها لن تتوانى في الدفاع عن حدودها ومصالحها في المنطقة، إذا ما تعرضت تلك المصالح لأي تهديد من أي نوع، مؤكدة أنها تمتلك القوة الرادعة للتصدي لأي اعتداء. وتجسدت رسائل المملكة في تدريب "درع الخليج 1" التي استمرّت ستة أيام، كما تجسدت في تدريبات القوات الجوية السعودية، التي شاركت في تمرين "صقر الجزيرة" مع بقية دول الخليج العربية.

وهدفت تدريبات "درع الخليج 1" إلى رفع الجاهزية القتالية، للقوات البحرية السعودية المتمركزة في مياه الخليج العربي، ومضيق هرمز وبحر عُمان، وضمّ التمرين تشكيلات من القوات البحرية في الأسطول الشرقي، تشمل السفن والطائرات ومشاة القوات البحرية ووحدات الأمن البحرية الخاصة. وأسفر التمرين عن رفع الجاهزية القتالية واكتساب المهارات اللازمة من خلال الدقة في التخطيط والاحترافية في التنفيذ والقدرة على ممارسة إجراءات القيادة والسيطرة على الوحدات المختلفة في مسرح العمليات. وذلك للدفاع عن حدود المملكة وحماية الممرات الحيوية والمياه الإقليمية، وردع أي عدوان أو عمليات إرهابية محتملة، قد تعيق الملاحة في مياه الخليج.

ويعدّ مضيق هرمز من أهم الممرات المائية، ويفصل بين الخليج العربي وبحر عُمان، وتمر عبره سفن تنقل كميات ضخمة من النفط المُصدّر من المملكة العربية السعودية والكويت والعراق وإيران. وتقع السعودية وإيران على طرفين متقابلين من الخليج، وسبَق لطهران أن لوحت بإغلاق المضيق في وجه الملاحة البحرية في حال أي مواجهة مع خصومها الإقليميين.

 

عاصفة الحزم

من جهته يقول اللواء الركن متقاعد حسين معلوي قائد حرب عمليات درع الجنوب ضد الحوثيين عام ٢٠٠٩ لـ"سبق": "عندما انطلقت عاصفة الحزم قبل أكثر من عام، أدرك الوسط المحلي والمحيط الإقليمي وكذلك المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول الكبرى، أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وإخوانه قادة دول الخليج، قد قرروا تفعيل القوة الخليجية الخشنة، وعدم الاكتفاء بالقوة الناعمة، للتصدي لأي أخطار تهدد الأمن الوطني لدولة الخليج، أو تهدد الأمن القومي العربي، وهذا يعني حق ممارسة استخدام جميع الوسائل المتاحة، لحماية الأمن القومي والسيادة الوطنية"، مضيفاً أن "هذا الحق مكفول للدول كافة، ومن هنا انطلقت عاصفة الحزم، وظهرت نتائجها الأولية، التي من أهمها لجم التدخل الإيراني في شؤون الدول الخليجية خاصة والدول العربية والإسلامية بشكل عام".

وتابع: "من نتائج عاصفة الحزم، إرسال رسالة إلى إيران ومن يساند سياساتها من الغرب أو الشرق أن "السيل قد بلغ الزبى"، وأن العربدة الفارسية في البلدان العربية أو في الخليج العربي، قد انتهت، وأنه لن يُسمح لها بعد اليوم بأي ممارسات غير منضبطة خارج حدودها الإقليمية، ولن يُسمح لها أن تلعب دور شرطي الخليج العربي، وفق ما أوحى لها من يريدون خراب الديار".

وتابع اللواء "معلوي": "من هنا أقول إن تدريبات درع الخليج 1 وصقر الجزيرة، يؤكدان أن المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومِن وراءه إخوانه حكام الخليج وشعوب دول الخليج العربي، قد عقدوا العزم على عدم التهاون مع من يتطاولون على السيادة العربية والدين، سواءً على مستوى الأفراد أو الجماعات أو العصابات أو الدول". وقال: "أستطيع التأكيد على أن مناورات درع الخليج 1 في مضيق هرمز، والتمرين الجوي المشترك "صقر الجزيرة" كانت لهما أبعاد عسكرية مهمة في هذا التوقيت بالذات، حيث تعوّدت إيران أن تسرح وتمرح في مياه الخليج العربي، وتنفّذ مناورات عسكرية، تستعرض فيها قوتها ضد دول الخليج العربي، معتقدة أن هذه الدول لا تملك القدرات العسكرية لمجاراتها ومنازلتها عند تجاوز الخطوط الحمراء للأمن الوطني، وهذه التمارين والمناورات تُعدّ أبلغ الرسائل للردّ على هذا الاعتقاد، سواء من إيران أو من تلك الدول التي تدّعي أنها مهتمة بأمن الخليج العربي وثرواته البترولية، وهي لا تفعل شيئاً، بل ربما إنها أعطت إيران الضوء الأخضر لممارسة دور شرطي الخليج".

وأضاف "معلوي": "التدريبات البحرية والجوية، تضمّنت رسالة إلى إيران، بأن مطالبات دول الخليج بحقوقها التاريخية في الخليج العربي، وإزالة احتلال الجزر الإماراتية، وهو حق مشروع، يراد تحقيقه بالمفاوضات والتحكيم الدولي، ولكن هذا الحق لا بد أن تسانده قوة رادعة وليس ضعفاً، إلى جانب ضرورة إيقاف العربدة والمضايقات والتهديدات الإيرانية في مضيق هرمز، من حين لآخر، والتي بلا شك تؤثر على حرية الملاحة في هذا المضيق الحيوي للتجارة والاقتصاد العالمي"، موضحاً أن "التاريخ سجّل أكثر من مرة في الماضي والحاضر، تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية".

وتابع اللواء "معلوي" في تصريحه لـ"سبق" بأن "تدريبات درع الخليج 1 وصقر الجزيرة، حملت رسالة قوية لكل دولة عربية تتخاذل في المشاركة لردع الهجمات الإعلامية والاقتصادية والعسكرية الإيرانية، بأنه من الواجب القيام بواجبها الوطني والقومي لحماية مقدرات ومستقبل وسيادة شعوبها، إلى جانب رسالة أخرى مماثلة للدول الأجنبية الأخرى، بأن دول الخليج العربي قادرة على حماية أراضيها وثرواتها وشعوبها بنفسها، إلى جانب الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية"، مشيراً إلى أن "إيران تستطيع اليوم أن تقارن بين قدراتها العسكرية الجوية والبحرية، وبين القدرات المماثلة في دول الخليج، لتدرك أن قوتها مجرد نمر من ورق، وأنها لا تعرف إلا العصابات والميليشيات، التي تحارب عنها بالوكالة"، مؤكداً أن "الجيوش الخليجية التي تمتلك أحدث التقنيات العسكرية صممت للدفاع عن أوطانها، ولم تصمم للدفاع عن مذهب ولاية الفقيه، وهذا ما يجعل جنودها يتطلعون لطلب الشهادة للدفاع عن أوطانها".

 

تعزيز القدرات

ومن جانبه، أوضح الخبير العسكري إبراهيم آل مرعي لـ"سبق" أن مناورات درع الخليج 1، وتمرين صقر الجزيرة، جاءا في قت تشهد فيه منطقة الخليج العربي توترات غير مسبوقة. وقال: "المناورات جاءت لتعزيز القدرات العسكرية البحرية والجوية، ورفع الكفاءة القتالية، وهي جاءت في خضم تطوير واستكمال تدريب "سيف عبدالله"، الذي يقام على ثلاث جبهات، وهي الشرقية والشمالية والجنوبية".

ويضيف "آل مرعي": "يبعث هذا التدريب برسالة إلى أي دولة، سواء إيران أو غيرها، بأن المملكة العربية السعودية، لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تهديد لأمن المياه الإقليمية، وأنها قادرة على حماية أمنها، وتأمين حدودها بنفسها".

وأضاف: "بالنسبة للتهديدات الإيرانية، التي صاحبت التدريبات البحرية، فهي غير منطقية، ولا يحالفها الصواب، خاصة إذا عرفنا أن من حق كل دولة أن تجري مناورات في مياهها الإقليمية، وفق نصوص القانون الدولي، ما لم تقترب هذه الدولة من المياه الإقليمية لأي دولة أخرى"، مشيراً إلى أن "إيران نفّذت 26 مناورة لها في العام في مياه الخليج، والغريب أنها تعترض على المناورة السعودية".

وتابع "آل مرعي": القوات البحرية السعودية تعرف الإطار القانوني الذي يجعلها لا ترتكب أي خطأ من أي نوع"، مشيراً إلى أن "مناورات درع الخليج 1 ليست الأولى من نوعها، ولكنها الأوسع بأنواعها وتدريباتها المختلفة، مثل الحرب الإلكترونية، وتدريبات كاسحات الألغام، وعمليات الرماية الحية، وعملية الإبرار، وهي عمليات متكاملة، يتم فيها التنسيق على مستوى عالٍ جداً بين القيادة في القوات البحرية والقوات الجوية".