أحمد فايق يكتب: تفاصيل اجتماعات المجلس الاستشارى العلمى للسيسى

مقالات الرأي



مصر التى خارج  هرى السوشيال ميديا

■ مدارس للتعليم الفنى على النظام الألمانى والإيطالى فى 25 تخصصاً من «التمريض» إلى «ميكانيكا السيارات»

■ اقتراح بمنح رخص البناء والإنشاءات الهندسية من نقابة المهندسين بدلاً من الأحياء


يجيد الرئيس عبد الفتاح السيسى العمل، يتقن الإنجاز، يبرع فى الصمت، لكن حكومته لا تجيد تسويق هذا، لا تعرف متى تتحرك من أجل ترويج شىء إيجابى، لا تظهر سوى فى المصائب وبعدما تتوغل لتزيدها، الرئيس نفسه لا يجيد تسويق الإنجاز، يخشى دائما من قوى الشر، لكن هذه القوى تنفرد بالرأى العام، تصور كل شىء باعتباره الخراب القادم، يستسلم البعض لنظرية أن الإعلام يتحمل المسئولية كاملة، وهى طريقة سهلة أن تتبنى جُملاً من نوعية «إعلام متآمر»، لكن الاصعب هو أن توفر للإعلام معلومة يستطيع أن يصل بها للرأى العام، الصحفى رصيده فى البنك هو المعلومات والعلاقات مع مصادر الأخبار، كلما زاد الرصيد أصبح ثريا يمتلك مفاتيح مهنته وسرها، والبحث عن المعلومة فى مصر أصعب من البحث عن جثة فى المحيط، دائما تشعر مصادر الأخبار بالرعب قبل أن تفصح عن المعلومة لك، وهناك مصادر أخرى لا تمتلك المعلومة نفسها!

 بعض وسائل الإعلام تتحمل أيضا المسئولية فهى تحصل على المعلومة وتضعها فى سياق خاطئ أحيانا بحسن نية نتيجة جهل المحرر أو سوء نية لحسابات رأس المال.. هذه ليست قضيتنا الآن.. القضية هى الإنجاز.

من يتابع اجتماعات المجلس الاستشارى العلمى لرئيس الجمهورية شهريا سيتأكد أن هناك عملاً جادًا فى هذه الدولة، يضم المجلس الاستشارى العلمى نخبة من خيرة علماء مصر فى الداخل والخارج فى مجالات مختلفة من التربية والتعليم والطب والهندسة وعلوم الفضاء يتحدثون عن المستقبل فى الوقت الذى يزداد فيه «هرى» السوشيال ميديا عن الحاضر والماضى والمستقبل.

جميعهم أشخاص متحققة لا تريد سوى خدمة الوطن فقط، بينهم المهندس هانى عازر الذى بنى وصمم محطة قطارات برلين وبانى أنفاق ألمانيا، بينهم د. إبراهيم سمك رئيس مجلس إدارة الاتحاد الأوروبى للطاقة المتجددة سابقا والذى اخترع لمبة الشارع التى تعمل بالطاقة الشمسية، والذى أضاء البرلمان الألمانى والمستشارية بالطاقة الشمسية، بينهم البروفسور فيكتور رزق الله الذى صمم ونفذ مترو أنفاق هانوفر وكان أول نقيب للمهندسين الألمان من أصل أجنبى، بينهم العظيم مجدى يعقوب وخبير الاقتصاد العالمى د محمد العريان، بينهم د.نبيل فؤاد العالم المصرى الذى شارك فى عمل مواصفات البناء فى ألمانيا وصاحب موسوعة من أهم وأكبر الموسوعات فى عالم البناء، ومديرات أبو بكر عمر خبيرة التربية والتعليم العالمية والتى لها إنجازات ضخمة فى أمريكا، و د.هانى الكاتب أستاذ علم إحصاء الغابات فى ألمانيا وهو واحد من ثلاثة فى العالم فى محاربة التصحر. 

لقد فتح المجلس الاستشارى العلمى الكثير من الملفات فى مصر يعملون عليها فى هدوء شديد، يحتاجون إلى وقت حتى يتحول هذا إلى الواقع الذى نحلم به، تواجههم معوقات وجود التمويل لكنهم يعملون وفق أضيق الحدود والإمكانات، لا يمتلكون سوى خيال ودولة تريد أن تتقدم إلى الأمام.

الملفات المطروحة فى المجلس الاستشارى العلمى كثيرة بينها محاربة التصحر من خلال إقامة مناطق غابات مفتوحة فى الصحراء الغربية يتم ريها من مياه الصرف الصحى، وهذا يتسبب فى تغيير التركيبة الديمغرافية فى مصر وفى المستقبل كفيل بتغيير المناخ ونقل السكان إلى الغرب وخلق مناطق تنمية جديدة. 

اقترح المجلس الاستشارى العلمى أن تعمل مصر فى ملفات الطاقة وفقا للمقاييس العالمية فى الأمن القومى وهى تقسيم الطاقة إلى ٣ مصادر رئيسية وفقا لنسب مئوية متقاربة على أن تعتمد مصر على الطاقة المتجددة «رياح وشمس وطاقة نووية» ومصادر الطاقة التقليدية. 

يطرحون أفكارا الآن للخروج من خط الفقر المائى من خلال تحلية مياه البحار والاستفادة بخزان المياه الجوفية فى مصر، فقد قام العالم الكبير فاروق الباز بعمل عرض لما تمتلكه مصر من مياه جوفية فى مجرى  نهر النيل القديم، وتحديدا منطقة دلتا الصعيد من المياه الجوفية والقادرة على توفير المياه اللازمة لمشروع المليون ونصف المليون فدان. 

وقام الجراح العالمى السير مجدى يعقوب بعمل عرض لتصوره حول إصلاح منظومة الصحة فى مصر، وضع من خلالها حلولا لتوفير تأمين صحى محترم لكل المصريين وعلاقة المستشفيات الخاصة بالحكومة، وطريقة لتمويل البرنامج من خلال القادرين مثلما يحدث فى كل بلاد العالم. 

المهندس هانى عازر يعمل بكل قوته فى أنفاق سيناء من خلال ستة أنفاق للسيارات والقطارات والخدمات، ويعملون أيضا على أن تتولى مصر حفر أنفاق المرحلة الرابعة من مترو الأنفاق بالكامل. 

المشروع الأهم الذى اهتم به المجلس الاستشارى العلمى للرئيس منذ اجتماعه الأول هو التعليم، وحقق الرئيس ما يتمناه المجلس الاستشارى العلمى بعمل وزارة للتعليم الفنى. 

هل تعلم أن هناك عجزًا فى سوق العمل فى ألمانيا قدره مليون ومائتا ألف عامل من التعليم الفنى؟ 

هل تعلم أن ٢. فى المائة فقط من المتعلمين فى المانيا هم تعليم جامعى والبقية تعليم فنى؟ 

هل تعلم أن تقريبا عكس هذه الأرقام فى مصر؟ 

لهذا السبب ألمانيا تتقدم ونحن نعانى، لأن سوق العمل فى مصر يحتاج إلى ٤ ملايين عامل خريج تعليم فنى، لذا فقد عمل المجلس على هذا الملف من خلال د.فيكتور رزق الله وقدم عالمنا الكبير التجربة الألمانية التى أصبحت أفضل بلد فى العالم من ناحية الاقتصاد والتكنولوجيا بسبب التعليم الفنى. 

التعليم الفنى يتسبب فى تشجيع الشركات المتوسطة والصغيرة، وفى دولة مثل ألمانيا هناك ١٢٥ شعبة فى التعليم الفنى بينها التمريض والزراعة والميكانيكا والسياحة وغيرها، لا تستطيع أن تعمل سمكرى سيارات مثلا دون أن تكون حاصلاً على شهادة من التعليم الفنى تتيح لك هذا ودون أن تكون قد حصلت على دورات تدريبية مؤهلة لذلك. 

فى مصر تعمل وزارة التعليم الفنى بالتنسيق مع المجلس الاستشارى العلمى على توفير مدارس فنية متوسطة لمدة ثلاث سنوات، هذه المدارس تتيح لأبنائها فرصة إكمال التعليم فى الكليات فى حالة التفوق، المدارس الجديدة تخضع لأحدث نظم التعليم الفنى فى العالم من ألمانيا وكندا وإيطاليا وستشمل الأقسام تخصصات جديدة مثل ميكانيكا السيارات ومدارس التمريض. 

وهناك مناقشات حول شروط من يلتحق بهذه المدارس؟ 

وهل ستقتصر فقط على الحاصلين على الإعدادية؟ 

أم سيتم إنشاء مدارس إعدادية فنية أيضا؟ 

هذه المدارس حصلت أيضا على منح اليونسكو وجار البحث لها عن تمويل أيضا من ميزانية مكافحة الهجرة غير الشرعية من الاتحاد الأوروبى، حيث تدفع الكثير من دول الاتحاد الأوروبى المليارات لتركيا لأنها تستضيف آلاف اللاجئين السوريين وتمنع هجرتهم إلى باقى دول الاتحاد، وفى المقابل تستقبل مصر ملايين من اللاجئين السوريين والسودانيين والليبيين والعراقيين وغيرهم، وتمنع هجرتهم إلى أوروبا، ولا تحصل على مقابل ذلك. 

هناك أيضا مشروعات مطروحة لتطوير مستوى المدرسين وإقامة دورات تدريبية إجبارية للمعلمين، وسيتم عمل نظام يربط استمرارية المعلم وحصوله على الامتيازات المالية بالتدريب المستمر وتطوير القدرات. 

هناك أيضا مناقشات حول نظام ترقية الأساتذة فى الجامعات والذى لا يسمح بالمنافسة، ويحوّل البحث العلمى إلى عملية بيروقراطية تعتمد على الترقيات الإدارية فقط، ففى معظم بلاد العالم لا يتم تعيين المعيد مباشرة إلا بعد أن يلتحق بالحياة العملية أولا ويلتحق بسوق العمل ثم يعود بعدها إلى الجامعة أو لا، والنظام الحالى للتعليم لا يسمح بالمنافسة بين الأساتذة ويجعلهم جميعا يتفوقون بالأقدمية وعمل أبحاث بيروقراطية عادية لا تقدم شيئا مهمًا للبحث العلمى. 

وهناك مناقشات واقتراحات تقدم بها المجلس الاستشارى العلمى حول تفعيل دور النقابات المهنية بشكل أكبر وذلك من خلال إعطائها سلطات أكبر مثل التى تمنح لهم فى الخارج، ودوراً أكبر فى المجتمع المدنى، نقابة المهندسين يمنح لها سلطة منح تراخيص المبانى والإنشاءات الهندسية، ويكون للنقابة سلطة الإشراف الهندسى على هذه الإنشاءات، بدلا من احتكار هذا الحق للأحياء فقط. 

ومثل نقابة المهندسين تتولى النقابات المهنية أدوارًا أخرى فى المجتمع المدنى مثل نقابة الصحفيين ونقابة الإعلاميين حيث تتولى كل نقابة قواعد تنظيم المهنة ومنح التراخيص ومثلها نقابة المحامين.