إيمان كمال تكتب: مصر.. (الحل رومانسى)

مقالات الرأي



(غلبت الأرواح على حب الأوطان).. أدرك تماما بأن الله خلق لنا العالم بأوسعه كى نحيا فيه.. قسمنا الثروات والأراضى ورسمنا الحدود كأمور طبيعية وبديهية كى نتقاسم الحياة سويا على الأرض ..بكل ما فيها وما عليها.

ولكن دوما أتساءل بعد كل هذه السنوات لماذا احب مصر تحديدا؟ لا أجيد العيش خارجها لسنوات؟ لماذا أؤمن بكلاشيه (مصر هى أمى) الذى حفظته عن ظهر قلب فى أناشيد المدرسة؟ هل مصر فعلا أمى؟ هل إذا شاخت أمى وابتلاها الله بالمرض أقرر التخلى عنها؟ اتركها تواجه مصيرها الشقى وحدها؟!

لم نخير فى اختيار الوطن.. ولا الأب والأم.. فكم من أخطاء تقبلناها فى أهالينا.. وإن كانوا بالنسبة لنا هم الأكثر محبة فهم ليسوا الأفضل فى المطلق..

بين القوة والضعف والشباب والشيخوخة تواجه مصر تقلبات الزمن ..تواجه وتواجه وتواجه دون أن تضيع أو تنكسر ..لم تنسحق أمام الآخرين..

قد تبدو كلمات عاطفية تحمل فى طياتها الكثير من الرومانسية.. لكن بكل تأكيد لست مع المدينة الفاضلة تلك التى تصورها أفلاطوني.. لأنها مجرد خيال ولكنى مع الحلول الرومانسية التى قد تعيد للوطن بريقه.

فمصر (الوطن) بحاجة للحب.. فمع كل موقف وكل أزمة جديدة تظهر ،مثل البنزين والسكر والزيت يظهر عنف الشماتة.

الدول تواجه الأزمات.. ليست مصر وحدها ولكن الحل يبدو فى غاية البساطة والرومانسية أيضا.. قد يبدو حلا سطحيا أو تافها من وجهة النظر المقعرة إلا أن مصر فى مخيلتى بحاجة للحب والاحتواء بحاجة للصبر والحكمة بحاجة للشفافية والنزاهة..مصر بحاجة إلى شعب وحكومة يحبونها ويدركون قيمتها (يحطوها فى عينهم) وقت الكرب، يتذكرون أفضالها قبل أن يلعنوها.

فى الأزمات تظهر المواقف الحقيقية وبدلا من أن نستمر فى تجاهلها لماذا لا يوجد هناك محاورة حقيقية وواضحة وشفافة بين المسئولين وبين الشعب؟ إذا كنا فعلا نواجه كارثة مثلا لماذا لا نتحدث عنها سويا ونحاول الخروج منها بشكل عقلانى محترم؟.بدلا من الفجوة التى تتسع وتتسع بين الشعب والحكومة والضحية مصر.

مصر لن تصبح ضحية ولن تنمحى من التاريخ لكننا وصمنا بأننا من أسوأ الحقب التى مرت بها.. بأننا لم ندرك خيرها بأننا الأكثر فسادا والأكثر سوءا .. فقد يأتى بعدنا من يغيرها للأفضل ..

إذا كنا نراها جميلة لماذا لا نسعى للحفاظ على جمالها؟ لماذا لا نغير الذوق والثقافة والشكل المقزز الذى أصبح مثار سخرية العالم؟ لماذا لا نحافظ على أمنها؟لماذا نتحدث عنها بكل هذا القبح؟ وهى التى خلقها الله آية فى الجمال؟

وفى شيخوختها مصر هى الروح الحلوة التى لن تجدها فى أقصى الشرق ولا الغرب.. وفى ضعفها مصر هى القوة الناعمة التى تفعص القلب وتبكينا بالدموع أما فى قوتها فهى الكل.

لماذا لا نستعير من الشعب اللبنانى محبتهم للبنان؟ لماذا لا نسير على دربهم ونشعر بالغيرة على مصر؟..فى الماضى وقبل سنوات الكرب كانت مصر هى الأم الحاضنة لكل مواهب العرب فى السينما والغناء ،كانت الأرض التى يحتمى بها الجميع فى مواجهة الأزمات.. كانت مصر وستبقى لأنها ببساطة أقوى من مجرد معارك وهمية يعيشها كل منا فى ذهنه.. من أجل إثبات نظرية أنا الأصح.. دون إدراك أن هناك طرفا آخر يرى الحياة بشكل مختلف.