مختصون: نظام الإفلاس صمام أمان لتعزيز الثقة في المعاملات التجارية

السعودية

المعاملات التجارية
المعاملات التجارية - أرشيفية


شبه مختصون اقتصاديون وقانونيون نظام الإفلاس المزمع إصداره في السعودية بصمام الأمان، الذي يعزز الثقة في المعاملات التجارية، كما يتيح النظام للشركات المفلسة الاستمرار عبر تنظيم الديون وحماية التجار من العقوبات الجنائية.

 

وقالوا إن غياب المحاكم التجارية وتفعيل القوانين الخاصة بالقضايا التجارية، يعتبر أبرز العقبات التي تواجه تطبيق القانون في المستقبل، خاصة أن التوجيه الأخير نص على نقل القضايا ذات الاختصاص التجاري من الدوائر التجارية في ديوان المظالم إلى المحاكم التجارية، اشترط إيجاد مبان لتلك المحاكم ليتم نقل الاختصاص إليها.

 

وكانت وزارة التجارة والاستثمار قد انتهت من طرح مسودة نظام الإفلاس الجديد على موقعها الإلكتروني لعموم رجال الأعمال والمختصين لإبداء مرئياتهم وملاحظاتهم عليه وسط توقعات أن تمر مراحل إصدار هذا النظام مراحل متعددة، تبدأ بمرحلة اقتراح النظام وعرضه على العامة ثم مرحلة رفعه لمجلس الوزراء وإحالته إلى اللجنة الوزارية وهيئة الخبراء لمراجعته، أي مرحلة المراجعة والدراسة، ثم يحال النظام إلى مجلس الشورى للدراسة والتصويت مرحلة التصويت ثم مرحلة المصادقة ويكون بمرسوم ملكي ثم مرحلة النشر وهذه تستغرق كل تلك الخطوات وقت قد يتجاوز السنة أو السنتين وفقا خبراء في المجال.

 

وفصّل المستشار القانوني عسير القرني، المحامي المتخصص في القضايا التجارية القول حول النظام، أن هناك بعض الثغرات في مسودة النظام يجب تلافيها، وقد أحسنت وزارة التجارة صنعا عندما دعت المهتمين لإبداء الرأي والمقترحات حول مشروع النظام.

 

واستطرد "على وزارة التجارة تنظيم مبادرات تهدف إلى التعريف بالنظام في الأوساط الاقتصادية على وجه الخصوص، كما يجب إصدار اللائحة التنفيذية للنظام في أمد قريب لصدور النظام لتوقف بعض أحكام النظام على التفصيل الذي سيرد في اللائحة".

 

وزاد: "يجب مراعاة استكمال كافة الجوانب المتعلقة بالنظام التي تضمن حسن تطبيق النظام كالقواعد والإجراءات الخاصة بعمل لجنة الإفلاس بوزارة التجارة وإعداد قاعدة بيانات بأمناء الإفلاس، وفقا لما ورد في نص المادة السابعة من مشروع النظام".

 

ولفت إلى أن المادة 117/2 نصت على أن للمدين منازعة الدائن في الدين ولو كان الدين ثابتا بموجب سند تنفيذي، وهو ما يناقض نصوص نظام التنفيذ والحجية الممنوحة للسندات التنفيذية المنصوص عليها في المادة الثالثة من نظام التنفيذ.

 

وزاد "كما نصت المادة 143 على تأمر المحكمة ببيع أصول المدين في مزاد علني أو بالثمن والشروط التي تقررها"، وليس هناك مبرر لورود عبارة بالثمن والشروط التي تقدرها، باعتبار أن القضاء قد لا يتمكن من التقدير الدقيق للأصول المبيعة على اختلافها وتنوعها، فضلا عن أن القضاء قد استقر على ندب خبير لتقدير القيمة في مثل هذه الحالات تحريا للثمن العادل".

 

وبين القرني، أن النظام يهدف إلى زيادة كفاءة الاقتصاد من خلال إتاحة الفرصة للمنشأة المتعثرة من تجاوز الصعوبات المادية التي تواجهها والاستمرار في ممارسة أعمالها عن طريق إجراءات التسوية الوقائية أو إعادة التنظيم المالي لتلك المنشأة، كما يهدف النظام إلى حماية دائني المنشأة المتعثرة أو المفلسة عن طريق إجراءات التصفية، وذلك بحصر مطالبات الدائنين كافة وأصول المدين ومن ثم بيعها وتوزيع حصيلتها على الدائنين وفي المحصلة النهائية فإن النظام يعد محفزا للبيئة الاستثمارية وجاذبا للاستثمارات الأجنبية بسبب توفير الضمانات القانونية للدائنين والمدينين.

 

أما بشأن إقراره في هذا التوقيت، ذكر القرني أن صدوره جاء متأخرا كثيرا، إلا أن الحاجة الماسة إلى تعزيز القدرة الاقتصادية دعت إلى التعجيل بصدوره، إضافة إلى تحقيق التكامل المطلوب مع أهداف "رؤية المملكة 2030".

 

وأبان القرني أن النظام يتناسب مع طبيعة بيئة الأعمال في االسعودية وكذلك متناسق مع الأنظمة التجارية في كل دول العالم النامية والمتقدمة، أخذا في الاعتبار تأثير منظمة التجارة العالمية على الدول الأعضاء بما يضمن توافق أنظمتها مع المعايير المنظمة.

 

ولفت إلى أن الدراسة المقارنة التي تم إعدادها من قبل بيت الخبرة وشملت ثماني دول متميزة في التشريعات الخاصة بالإفلاس وعلى ما اشتمله مشروع النظام من مواءمة بين المعايير المختلفة للمدارس القانونية العالمية وما تضمنه مشروع النظام من توازن بين حقوق المدين والدائنين على خلاف بعض الأنظمة التي توفر ضمانات أكبر لمصلحة طرف دون الآخر، فإن كل تلك العوامل تعد مؤشرات إيجابية وفق فيها المعنيون بإعداد الدراسة إلا أن الدراسة لم تتعمق في الشأن المحلي فيما يخص طبيعة بيئة الأعمال والأنظمة المحلية.

 

وشدد القرني على أن مشروع النظام يحقق الموازنة في حفظ حقوق الدائنين من جهة ويكفل الحلول النظامية في معالجة أوجه القصور عند المدين المتعثر أو المفلس، ومن غير المتوقع أن يكون النظام مدخلا للتحايل من قبل المدينين عطفا على الضوابط الواردة في النظام والعقوبات التي قد تلحق بالمتحايل إلا أن لكل أصل استثناء.

 

وأشار القرني إلى أن المحاسبين القانونيين والمستشارين الماليين سيكونون أكثر المستفيدين لأنهم يعدون ركيزة أساسية يعتمد عليها القضاء في تقدير تعثر المدين أو إفلاسه أو إعادة التنظيم المالي له، بناء على التقارير الصادرة منهم للقضاء، بالتالي فإن الدور المنوط بهم دور رئيس وهو ما سيؤثر إيجابا في بيئة أعمال هذه الشريحة.

 

وذكر أن الدور المطلوب من المصارف سيكون المبادرة إلى تمويل المنشآت التي يقرر القضاء الموافقة على حصولها على تمويل جديد، فضلا عن أن نظام الإفلاس يهدف إلى تعزيز الثقة في التعاملات التجارية ما يشجع المصارف على زيادة أنشطة الإقراض والتمويل.

 

من ناحيته، يرى المحامي بندر العمودي؛ المحامي المختص في القضايا التجارية، أن تطبيق قانون الإفلاس يتطلب تطبيق آليات عدة تستلزم توفير الأرضية اللازمة من خبراء وقضاة ومنظومة أو دائرة قضائية ربما تنشأ داخل إحدى المحاكم التجارية في السعودية لاحقا، وفقا لتصورات القائمين على مشروع القانون، ما يفتح الباب عريضا أمام الآليات التنفيذية التي ستجعل من هذا القانون في حال رأى النور قابلا للتطبيق والممارسة على أرض الواقع.

 

وأبان أنه يمكن أن يتصف مشروع القانون بأنه "مهم جدا في إطار منظومة القوانين المتعلقة بالتجارة"، ونرجع أسباب تعثر صدور مثل هذا القانون على مدى 25 عاما مضت إلى عدم وجود أرضية تشريعية تجارية.

 

وشدد على أنه عند توافر الأرضية التشريعية لهذا القانون، عبر إقرار قانون الشركات الجديد، أصبح من الطبيعة الحتمية وجود تشريع ينظم الإفلاس في السعودية، مؤكدا وجود القابلية والجاهزية لدى شركات ومؤسسات القطاع التجاري في المملكة لمثل هذا القانون هي أهم في الواقع في عملية الاستفادة منه، فوجود ثقافة وقيم مؤسسية تسمح بوضع أطر للإفلاس هي عنصر حاسم في تطبيق مثل هذا القانون.

 

وأضاف، أن "الخلاف الوحيد في جدوى استنباط القانون من قوانين دول متقدمة، كونها تختلف في بيئتها التجارية والتشريعية عما هو معمول به في المملكة، لكنني أساند وجهة النظر القائلة بإفساح المجال للتدخل أكثر لمؤسسات المجتمع المدني الاقتصادي ومنها الغرف التجارية". من جانبه، يرى فضل سعد بوالعينين؛ المختص الاقتصادي، أن الهدف الأساسي من قانون الإفلاس هو معالجة أوضاع الشركات المتعثرة وحماية أموال الدائنين والمساهمين بما يحقق الحماية للأنشطة الاقتصادية وبالتالي بيئة استثمار جاذبة وآمنه، مشيرا إلى أن هناك معايير عالمية مطبقة لتقييم قوانين الإفلاس المطبقة تعتمد على الإجراءات وزمن المعالجة والتصفية أيضا، ومن المتوقع أن يسهم القانون الجديد حال تفعيله في معالجة الأخطاء السابقة وتطوير منظومة التعامل مع قضايا الإفلاس بطريقة أكثر احترافية نقلًا عن صحيفة الإقتصادية.