علي الكسار.. الحضور المبهج والغياب المُر

منوعات

بوابة الفجر


"علي بابا والأربعين حرامي، سلفني 3 جنية، ألف ليلة وليلة، نور الدين والبحارة الثلاثة، رصاصة في القلب، عثمان وعلى، محطة الأنس، التلغراف، الطنبورة، أمير الانتقام"، تلك هي أهم أعمال بربري مصر الأول، الفنان الكبير علي الكسار .

على الكسار الذي قال عنه أسطورة الكوميديا الفرنسية "دني دينس" حين شاهده يقدم دور البخيل في مسرحية " سرقوا الصندوق يا محمد" المأخوذ عن رواية "البخيل" لموليير : "لقد شاهدت "بخيل موليير" مصر في شخصية عثمان افندي أعظم مما شاهدتها في فرنسا".

فنان حقيقي تحمل قصة حياته الشخصية كفاحاً ومثابرة تشبه الأساطير، لم ينل حقه في التكريم، لأنه لم يعتن طول حياته ولم يهتم إلا بمسرحه الذي عشقه، متجاهلاً المظاهر و"البروباجندا "، فقط راهباً وعاشقاً لفنه. 

اسمه الحقيقي على خليل سالم، أما الكسار فهو كنية عائلة والدته، فاتخذه كلقب له تكريماً لها، وُلد في 13 يونيه عام 1887، بحي البغالة بالقاهرة، امتهن في بداية حياته مهنة "السروجي" التي كان يمتهنها والده، ولكنه لم يستمر فيها، ولم يتمكن من احترافها، فاتجه للطبخ.

وقد عمل كمساعد طباخ لخاله، وهو في التاسعة من عمره وقد أتاح له ذلك فرصة الاختلاط مع النوبيين من بوابين وسفرجية وتعلم لهجتهم وطريقة كلامهم مما جعله فيما بعد يبدع في شخصية "عم عثمان عبد الباسط "و لما كان علي الكسار يحب التمثيل فقد كون فرقة تمثيل عام 1907 وسماها "دار التمثيل الزينبي"، ثم انتقل إلى فرقة دار السلام "بحي الحسين".

اشتهر الفنان الكوميديان، وذاع صيته خاصة بعد نجاح شخصية الخادم البربري "عثمان عبد الباسط" التي نافس بها شخصية "كشكش بيه" التي كان يجسدها الممثل الراحل نجيب الريحاني. 

وقد كان التنافس شديدا بين فرقة "علي الكسار" وفرقة "نجيب الريحاني" حيث وجهت الفرقتان لبعضهما البعض الانتقادات من خلال أسماء المسرحيات، فمثلا عندما عرض نجيب الريحانى مسرحيته "حمار وحلاوة" أعلن على الكسار عن تقديم عمل مسرحى جديد بعنوان "عقبال عندكم" فرد عليه الريحانى بمسرحية "قولو له" فرد عليه الكسار مرة أخرى بمسرحية "قلنا له" . 

ومن خلال مسرح الكسار، قام سيد درويش بتلحين 11 لحن لمسرح علي الكسار وتوفى سيد درويش وهو يقوم بتلحين لحن لمسرحية الكسار الجديدة "الانتخابات" ولم يكمله .

زاد نجاح فرقة الكسار بعد انضمام الشيخ زكريا أحمد لها، وقد قدم لها مجموعة من الألحان المسرحية، ولم يقتصر نجاح علي الكسار على مصر فقط ، بل سافر إلى الشام وقدم مسرحياته هناك، ولاقت نجاحاً كبيراً، وقد قدم 160 عرضا مسرحيا لكن الفنان مر بأزمة ادت الى اغلاقه مسرحه بالقاهرة ليمر بعدها بأزمة تؤدي إلى إغلاق مسرحه بالقاهرة .

واتجه الكسار الى السينما، وفي عام 1935م و قد قدم “الكسار” أول أدواره السينمائية من خلال فيلم “بواب العمارة” لتصبح السينما بعد ذلك هي المحطة الأكثر إبهاراً في مشواره الفني حيث بلغ رصيده على مدار 19 عاماً حوالي 37 فيلماً سينمائياً كلها تدور حول شخصية الخادم البربري ذو البشرة السمراء.

وما لا يعرفه الكثيرون ان علي الكسار لم يكن أسمر البشرة، ولكن كان يقوم عمل خلطة سرية يصبغ بها وجهه حتى يكون مثل أهل النوبة في سمار بشرتهم.

وفي حياته الشخصية وبعيداً عن الفن كان الكسار ذو شخصية مهابة لا تكثر من الهزار وضحكته خفيفة ولكنه كان يعيش حياة بسيطة غير متكلفة فكثيرا ما كان يدخل المطبخ بمنزله لاعداد بعض الاطباق المفضلة لديه مثل العاشوراء والفتة باللحم .

وفي يوم 15 يناير عام 1957 يلفظ الفنان علي الكسار انفاسه الأخيرة وهو يرقد في سرير من الدرجة الثالثة في مستشفى قصر العيني وحوله أولاده الخمسة وزوجته، بعد صراع طويل مع المرض وكان يبلغ من العمر 70 عاماً.

رحم الله "عم عثمان عبد الباسط" الذي امتعنا بفنه الراقي و أدخل السرور و الفرح في قلوبنا .. رحم الله علي الكسار .

"الصورة للفنان علي الكسار وصورة لفاتورة الفراشة الخاصة بمصاريف دفن علي الكسار والصيوان والميكروفون".