رامى رشدى يكتب: البحث عن عدالة السماء فى برج العرب

مقالات الرأي

رامى رشدى - أرشيفية
رامى رشدى - أرشيفية


من قلب مدينة موسكو الساعة تقترب من الــ8 مساء بتوقيت روسيا والسابعة بتوقيت القاهرة، فى صيف  يوليو 2018، الشوارع فارغة من المارة لا توجد سيارة واحدة تسير على الطريق، المقاهى مكتظة بالمصريين بمختلف الأعمار يتابعون أول مباراة لمنتخب مصر فى كأس العالم مع منتخب  إيطاليا، «بعد غياب 28 عامًا عن المونديال»، الذى أوقعتنا قرعة كأس العالم معه فى نفس المجموعة، بالإضافة لمنتخبى أوروجواى واليابان، حلم نتمنى أن يتحول إلى حقيقة على أرض الواقع ولا يخذلنا المنتخب مرة أخرى ونظل نحلم بالصعود فى بطولة 2022 وبهذا يكون مر على آخر صعود لنا 32 عاما.

يجلس المسن شاهدًا على جيل ربيع ياسين وشوبير ومجدى عبدالغنى وهما يرفعون اسم مصر فى باليرمو بإيطاليا، بجوار الشاب الأربعينى اللى تغني  بفريق حسن شحاتة وفرحة المصريين اللى نسوا كل هموهم وتغنوا 3 مرات متتالية فى سابقة هى الأولى فى تاريخ البطولات القارية وفوزهم فى 2006 عندما رفع حسام حسن» آخر لاعب فى الجيل الذى لعب باسم مصر فى كأس العالم، بطولة إفريقيا فى القاهرة.

وفى 2008 كان أحمد حسن يرفع كأس إفريقيا للمرة الثانية على التوالى، وتكرر الأمر فى 2010  للمرة الثالثة على التوالى، وكانت وقتها مصر تمتلك أفضل وأمهر فريق من حيث المواهب الكروية، منتخب قدم أبوتريكة الخبرة، والنضج الفنى والكروى، والمبدع محمد زيدان الذى برع فى ترسيخ تجربته مع بروسيا دورتموند الألمانى، ومُتعب الحراس عماد متعب، ورمانة خط الوسط حسنى عبدربه ومحمد شوقى، وصخرة الدفاع وائل جمعة، والجوكر أحمد فتحى وراءهم السد العالى عصام الحضرى.

الشاب الأربعينى كان شاهدا على الحسرة والندم على أقرب بطولة وصلت لها مصر فى عام 2010، لكن فى لعبة ما وفساد ما داخل الاتحاد الإفريقى، أجبرت مصر على لعب مباراة فاصلة، كانت فى غنى عنها، عندما تعادلت مع منتخب الجزائر فى كل شىء عدد النقاط والأهداف، ولكن كانت مصر لها الأسبقية على منتخب الجزائر فى لعبة الحسابات الشهيرة، بأنها له هدف خارج ملعبها حيث فازت الجزائر على مصر فى الجزائر 3 أهداف مقابل هدف، وفازت مصر على الجزائر فى القاهرة بهدفين مقابل لا شىء، «وفقا للوائح التى تبلدت وتغيرت فى عشية وضحاها» تكون مصر هى الفائزة والصاعدة، ولكن أجبرت مصر على لعب مباراة فاصلة خسرتها مصر بهدف مقابل لا شىء، وضاع الحلم من أيدينا وكانت الحسرة هى الواقع المرير.

هل من حق أجيال بأكملها أنها تتابع منتخب بلادها فى كأس العالم؟ حلم كان عصيا على جيل  السبعينيات ودفع فواتيره جيل الثمانينيات، وكسر طموحات جيل التسيعنيات، وبات مطلبًا أساسيًا لجيل القرن الجديد، فرحة واجبة على هذا المنتخب لإسعاد هذا الشعب الذى انتهك وأنهك من السياسة والاقتصاد وتعويم الجنيه، فرحة باتت لازمة لإحياء الروح فى هذا الشعب الطيب الأصيل.

من حقنا الحلم ومن حقنا الفرح، ولكن ماذا فعلنا لكى نصل لكأس العالم لم نلعب سوى مباراة واحدة أمام منتخب الكونغو، بداية مبشرة لكنها لم ولن تصل بنا إلى كأس العالم، موقفنا أفضل فى المجموعة التى أوقعتنا القرعة بها مع غانا التى أقصتنا من البطولة الماضية بخسارة قاسية ومريرة بــ6 أهداف مقابل  هدف واحد، ولم يشفع لنا الفوز فى القاهرة بهدفين لهدف.

مباراة مصر مع غانا التى تقام على استاد برج العرب فى الإسكندرية مساء الأحد القادم، لن تصلنا إلى المونديال، هى مجرد مباراة  من مجموع 6 مباريات بنظام الذهاب والعودة وتجميع النقاط من يحصد أكثر النقاط هو من  يحمل كارت العبور للمونديال.

يجب أن نغيير ثقافتنا فى التعامل مع تلك التصفيات، والتى عانينا كثيرًا من حجم التوقعات والتحليل والخبراء،  وفى كل مرة نحصد المرار الكبير ويصعد غيرنا، علينا التعامل مع كل مباراة على حدة على أنها مباراة كأس، لا مباراة واحدة تكون هى بوابتنا للمونديال الحلم.

لابد أن نعمل العقل والمنطق على أن مباراة غانا هى مباراة عادية وصعبة وليست نهاية الكون، الخسارة منهم واردة، والتعادل أيضا، والفوز هو الهدف الأوحد والكبير.

كل المعطيات معنا المباراة على ملعبنا ووسط الجماهير، متصدر المجموعة بـ3 نقاط فزنا بها خارج ملعبنا، والفريق المنافس تعادل على ملعبه مع منتخب أوغندا العنيد والقوى ولا يستهان به، الفوز يضعك فى موقف أفضل وأحسن فى ترتيب حصد النقاط وتجاوزك المرحلة الثانية، عليك أن تفكر بعدها فى المرحلة الثالثة والمباراة التى تليها وتعد العدة لها.

 90 مليونًا سوف يجلسون يدعون اللاعبيين فى استاد برج العرب مساء الأحد، لأن الشعب المصرى كرة القدم هى عشقه الأول ومحبوبته التى يترك لها الغالى والنفيس.

يجب أن نقف جميعا ورا المدير الفنى وجهازه المعاون  نتفق معاه نختلف عليه، ونترك تشكيلة اللاعب واختيار اللاعبين له فهو المسئول عنها والمخول لها، ولديه من الإمكانات  المادية والبشرية والخبرات التى تمكنه من اجتياز تلك المهمة، وندع الــ90 مليون محلل على جنب، وكل ما يمكننا فعله غير الدعاء هو  الدعم المعنوى والظهير الشعبى القوى، ونترك المحلليين وأصحاب المصالح فى الصراع على كعكة حقوق بث المباراة التى سيتابعها المصريون حتى لو أذعيت على تليفزيون اليابان.

اللاعبون ندعمهم ونثق فيهم خصوصا أن كل الإمكانات متاحة ليست كما كانت فى تصفيات مونديال 2014  والخسارة المريرة من غانا، لدينا دورى قوى جدًا فى الفترة الحالية ينافس فيه الأهلى والزمالك وسموحة وإنبى ومصر المقاصة وغيرهم.

لدينا محترفون نتابعهم فى الدوريات الأوروبية الكبرى محمد صلاح تميمة المصريين لدى نادى روما الأيطالى الذى يشجعه ما يقرب من 90 مليون مصرى، ومحمد الننى نجم نادى أرسنال الإنجليزى ورمانة خط الوسط، ورمضان صبحى الذى تألق مؤخرًا مع ستوك سيتى الإنجليزى، وعمر جابر نجم بازل السويسرى، ومحمد المحمدى نجم هال سيتى الإنجليزى، ومعهم عبدالله السعيد نجم النادى الأهلى وطارق حامد نجم الزمالك والسد العالى عصام الحضرى وغيرهم من كتيبة منتخب مصر والتى نحلم بهما فى روسيا 2018.