فى ذكرى ميلاد نجوى سالم .. عاشت طيلة حياتها ناكرة زواجها

الفجر الفني

بوابة الفجر


تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنانة الراحلة نجوى سالم، والتي عرفت بأدوارها في المسرح والسينما في فترة الخمسينيات والستينيات القرن العشرين، كما اشتهرت باسم "نينات".

"الفجر الفني"، يرصد أهم المحطات التي مرت في حياتها في ذكرى ميلادها.

1ـ ولدت 17 نوفمبر 1925 بالقاهرة لوالدين حاصلان على الجنسية المصرية فوالدها لبناني الأصل وأم إسبانية يهودية الأصل.


2ـ أول ظهور لها على المسرح كان في مسرحية استنى بختك أمام نجيب الريحاني.


3ـ لعبت الصدفة دورا كبيرا في اتجاه نينات للتمثيل، ففي حوار قديم لها قالت "كان بيتنا مجاورا لمكتب متعهد الحفلات المشهور "فيتسايون"، الذي جاء لأسرتي ذات يوم ببون مجاني لحضور أحد العروض بمسرح الريحاني، وكان نجيب الريحاني يقدم وقتها مسرحية حكاية كل يوم، وفي نهاية المسرحية طلبت من فيتسايون أن يقدمني له، وبالفعل ذهب إليه، وقال له أني معجبة بالتمثيل، وأريد الالتحاق بفرقته، فضحك الريحاني وقال لي أنت لسه صغيرة يا شاطرة ما تنفعيش، فقد كنت حينها في الثالثة عشر من عمري، ولكني لم أشعر باليأس، حيث واظبت على زيارة الريحاني كل أسبوع، حتى ضج مني، وألحقني في النهاية بفرقته كهاوية، وظللت عامًا كاملًا بلا مرتب، ثم قرر لي أربعة جنيهات في الشهر مع بداية عامي الثاني مع الفرقة، وأعطاني اسم فني هو نجوى سالم".

4ـ ميمي شكيب، ظلت نجوى سالم تلعب أدوارًا صغيرة في الفرقة، حتى لعبت الصدفة مرة أخرى دورًا في إعطائها البطولة أمام نجيب الريحاني، فكما يقول الكاتب سليمان الحكيم، في كتابه يهود لكن مصريون " في إحدى الأيام مرضت بطلة الفرقة ميمي شكيب، قبل حفل افتتاح أحد العروض المسرحية التي تقدمها الفرقة، فحدثت أزمة كبيرة، وكاد نجيب الريحاني أن يلغي حفل الافتتاح، فاقترح عليه أحد العاملين بالفرقة إعطاء الفرصة لنجوى سالم، تردد الريحاني في البداية، ثم سأل نجوى سالم إذا كانت تستطيع أداء دور ميمي شكيب، ففاجئته بأنها كانت تتابع ميمي شيكيب أثناء البروفات، وتحفظ الدور جيدًا، فوافق على قيامها بالدور، وأدت نجوى سالم الدور على أحسن ما يكون، مما أسعد نجيب الريحاني، وأصبحت بعد ذلك واحدة من نجمات فرقته".


5ـ أثناء عمل نجوى سالم في الفرقة، نشأت بينها وبين الريحاني علاقة حب، وكما أكد عبدالفتاح البارودي زوج نجوى سالم في حوار قديم، أن الريحاني طلب الزواج منها، ولكن منع زواجهما شيئان، الأول ديانتها، حيث كانت تدين باليهودية، بينما الريحاني مسيحي الديانة، الأمر الآخر أنه اشترط عليها اعتزال التمثيل، فرفضت بشدة، وقالت له أنها تزوجت المسرح ولا تستطيع أن تجمع بين زوجين في آن واحد، كما لا تستطيع أن تطلق المسرح الذي تعشقه أكثر من حياتها ذاتها.


6ـ ورغم رفض نجوى سالم، الزواج من الريحاني، إلا أنها لم تترك الفرقة، حيث استمرت في العمل معه حتى وفاته، بعدها عملت مع بديع خيري، وقدمت أجمل المسرحيات الكوميدية، حيث امتازت بخفة الظل، وكان لها طريقة مميزة في الأداء، ومن المسرحيات التي قدمتها في تلك الفترة ياما كان في نفسي، ولو كنت حليوة، وحسن ومرقص وكوهين، بالإضافة إلى مسرحيتها الأشهر إلا خمسة مع عادل خيري، وماري منيب وسعاد حسين، ورغم نجاحها في الفرقة، إلا أنه حدث خلاف بينها وبين بديع خيري، فتركت الفرقة، وعملت مع فرق آخرى، وقدمت مسرحيات عديدة نذكر منها ذات البيجاما الحمراء مع عبدالمنعم مدبولي، وأبو بكر عزت، وعقيلة راتب، ولوكاندة الفردوس مع عبدالمنعم مدبولي وأمين الهنيدي، وغيرها من المسرحيات.


7ـ في بداية السبعينيات قررت نجوى سالم أن تخطو خطوة أكبر في مشوارها الفني، فأنشئت فرقة مسرحية خاصة بها، وأطلقت عليها اسم فرقة نجوى سالم، وكانت البداية من خلال مسرحية موزة و3 سكاكين، ولعب البطولة أمامها عماد حمدي، حققت المسرحية نجاحًا كبيرًا، ثم توالت العروض المسرحية، إلا أنها ما لبثت أن واجهت أزمة مادية كبيرة، فقامت برهن محتويات شقتها، ولكنها بعد فترة عجزت عن فك الرهن، كما عجزت عن دفع إيجار الشقة لمدة 3 أشهر متوالية، فاضطرت في النهاية أن توقف نشاط الفرقة.


8ـ واجهت نجوى سالم، أزمة نفسية كبيرة بعد وفاة والدتها التي كانت مرتبطة بها بشدة، ودخلت مستشفى "بهمان" للأمراض النفسية والعصبية، وظلت في المستشفى فترة، حيث كانت تعاني من عقدة الاضطهاد، وكانت دائمة الشكوى من أن المخرجين يتجاهلونها، ولا يسندون إليها الأدوار التي تناسب امكانياتها الكبيرة، كما أنهم يضعون اسمها بعد أسماء من هم أقل منها خبرة، ولم تكن تلك العقدة الوحيدة التي عانت منها، فكانت تشعر دائما أن هناك من يرغبون في موتها لكونها يهودية، رغم أنها أشهرت إسلامها عام 1960، وقد وقف المسئولون بجانبها خلال تلك الأزمة، وتم علاجها على نفقة الدولة، حتى تماثلت للشفاء، وعادت للعمل مرة آخرى.


9ـ لم تكن تلك المرة الوحيدة التي تم فيها علاجها على نفقة الدولة، فبعد تعرضها لأزمة نفسية وصحية مرة آخرى على إثر خسارتها أموالها في الفرقة المسرحية التي كونتها، أصدر الدكتور عبدالقادر حاتم وزير الثقافة والإعلام في ذلك الوقت قرارًا بعلاجها على نفقة الدولة، وصرف إعانة مالية لها لحين عودتها للعمل بعد شفائها التام.


10ـ لعبت نجوى سالم، دورًا وطنيًا لا ينسى بعد نكسة 67، وقدمت مع فرقتها عروضًا على الجبهة في منطقة قناة السويس، ولهذا حصلت على درع الجهاد المقدس تقديرًا لدورها الوطني الكبير، وبعد نصر أكتوبر دعت أبطال حرب أكتوبر لمشاهدة مسرحيتها "ممنوع لأقل من 30"، وكانت تقف كل ليلة مع أعضاء فرقتها ليستقبلوا ضيوفًا من أبطال أكتوبر بالزهور والتصفيق.


11ـ إذا كانت الفنانة نجوى سالم، قد اشتهرت بوطنيتها وحبها لبلدها، فإنها عرفت أيضًا بانسانيتها ووفائها الشديد لزملائها وأصدقائها، ومن القصص المعروفة في الوسط الفني وقوفها بجانب الفنان عبدالفتاح القصري، في محنته، فكانت الفنانة الوحيدة التي زارته في مرضه الأخير، وكانت تدعو زملائها والدولة لرعايته وعلاجه، كما كانت الفنانة الوحيدة التي حضرت جنازته، وبالإضافة إلى عبدالفتاح القصري، كانت تقف بجانب أي فنان يتعرض لمحنة، ومن الحكايات المعروفة عنها أيضًا، وتدل على طيبة قلبها الشديدة، قيامها بدعوة أكثر من 800 من مرضى المستشفيات الخيرية لمشاهدة المسرحيات التي تقدمها فرقتها، كما كانت تطوف بفرقتها المسرحية على المستشفيات للترفيه عن مرضاها.


12ـ عاشت نجوى سالم، طوال حياتها تؤكد أنها لم تتزوج، حتى أنه عندما كرمها الرئيس السادات في عيد الفن، -وكانت حينها مرتدية فستان فرح صاحت قائلة عند استلامها الجائزة " النهاردة زفافي، أنا اتجوزت الفن، أنا ماتجوزتش لغاية دلوقتي لأني اتجوزت الفن"، ولكن هذا لم يكن صحيحًا، لأنها كانت متزوجة منذ عام 1970 من عبدالفتاح البارودي الناقد الفني بجريدة الأخبار، وظل الزواج قائمًا لمدة 17 عام حتى وفاتها، ولم يعرف أحد بتلك الزيجة إلا عقب وفاتها، حتى أعلن البارودي في حوار صحفي عن قصة زواجهما السري، فقال " عام 1960 استدعاني عبدالقادر حاتم، وأخطرني بقرار ترشيحه لي مستشارًا له، وعندما توليت هذا المنصب جاءتني ذات يوم نجوى سالم تشكو من بعض المضايقات التي تتعرض لها في عملها، ومن هنا جاء تعارفنا وحدث التقارب، وبدأت تكثر من زيارتها لي، وفي كل مرة كانت تقترب مني أكثر واقترب منها أكثر، كلانا كان يستريح وهو يحكي للآخر عن حياته وهمومه وأسراره، أحسست أني أمام أجمل وأرق امرأة في العالم، وأن نجوى سالم ليس لها فرع آخر في دنيا المرأة، قمة الدلع على خشبة المسرح، وقمة العفاف في حياتها الخاصة".


13ـ مع نشأة التليفزيون، قدمت مسلسلات تليفزيونية عديدة منها "مذكرات زوجية، والعابثة، وغارة زوجية"، أما في السينما فقدمت مجموعة من الأفلام منها "ملك البترول، وحياة عازب، وإسماعيل يس في دمشق، وشمشون ولبلب، وفايق ورايق"، وكانت تقدم في هذه الأفلام أدوار الفتاة خفيفة الظل، والخادمة التي تثير المشاكل، والفتاة "العبيطة" التي لا تفهم شيئًا.



14ـ وفي عام 1970 بعد عشر سنوات من الصداقة والحب، فوجىء البارودي بنجوى سالم تسأله عن رأيه في الزواج منها، الأمر الذي أسعده كثيرًا بسبب حبه الشديد لها، وبالفعل تم الزواج الذي طلبت نجوى سالم، أن يكون سريًا، ووافق البارودي على هذا الطلب، وعاشا معًا حياة سعيدة، فقال في حوار قديم " كانت تجهز لي الطعام في مواعيد دقيقة، ولم أجد يومًا من صنوف الطعام صنفًا لا اشتهيه، تختار لي ملابسي بعناية فائقة، باختصار لم تقل نجوى سالم الزوجة عن نجوى سالم، الفنانة عن نجوى سالم الحبيبة، امرأة من طراز فريد".


15ـ عاشت نجوى سالم، سنواتها الأخيرة بعيدة عن الفن، وفي أحد الأيام شعرت بالتعب، فذهبت للمستشفى برفقة عبدالفتاح البارودي، ولم يعرف أحد أنه زوجها، حيث قال أنه أحد أقربائها، ولم تمض ساعات قليلة على وجودها بالمستشفى، حتى رحلت في هدوء عن عمر يناهز 63 عامًا، ودفنت في مقابر البساتين بالقاهرة.