د. نصار عبدالله يكتب: حول خطاب السيدة نهال كمال إلى وزير الثقافة

مقالات الرأي



السيد وزير الثقافة أ. حلمى النمنم

تحية طيبة وبعد

نظرا لما لمسناه خلال الأشهر القليلة الماضية من رغبة القيادة السياسية فى تطوير منظومة التعليم، وفى اعادة النظر فى المناهج التعليمية وتطويرها ومواكبتها للعصر، وتقديم النماذج صاحبة التاريخ المشرف فى هذا الوطن من خلالها، وانطلاقا من دعوة السيد رئيس الجمهورية إلى الحوار المجتمعى من أجل تطوير التعليم.

فإننا نتقدم إليكم بصفتكم المسئول الأول عن الثقافة المصرية ورعاية مثقفيها وتاريخهم وإرثهم الثقافى فى وطننا الحبيب، أن يتم  تدريس إرث الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودى شعره ونثره على طلاب أقسام اللغة العربية فى الكليات المصرية المختلفة، وأن تكون قصائده بالعامية المصرية دليلا دامغا على ما وصل اليه شعر العامية فى مصر والأدب الشعبى عموما من تطور، خاصة أنه أول شاعر يحصل على جائزة الدولة التقديرية فى شعر العامية.

كذلك، يمكن إدراج ما كتبه الشاعر الكبير نثرًا (باللغة العربية الفصحى) فى موضوعات القراءة فى المدارس المصرية، فإن ما سطره عبد الرحمن الأبنودى عن تاريخ بلده الصغير أبنود وبلده الكبير مصر فى كتابه أيامى الحلوة (الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب) يستحق أن يصل إلى الأجيال القادمة، اعتزازا بفضل تراب هذا الوطن الذى عاش ومات الأبنودى متغنيا به، وتقديرا لجهد وإبداع شاعر مصرى عظيم.

 وإننا إذ نقدم إليكم هذا الخطاب، فإننا لا نقدمه كتقدير شخصى من زوجة وأبناء ومحبين إلى حبيبهم الراحل، وإنما نقدمه لأن الأبنودى شاعر كل المصريين، ولأن التكريم الذى يقابل به اسم الأبنودى فى كل بقاع الأرض أولى به أن يكون منبعه من بلده الأم الذى عاش ومات مشغولا به، وقصائده التى ترجمت الى العديد من اللغات - وتدرس الآن فى جامعات إسبانيا (جامعة الاوتونوما بمدريد)-أولى بها أن يتم تدريسها فى المدارس والجامعات المصرية..

لهذا كله، نرجو من سيادتكم مخاطبة الجهات المعنية المسئولة فى وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى وغيرها من الجهات ليحصل اسم الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودى على التقدير الذى يستحقه.. ولكم وافر الشكر والاحترام.

عنهم: نهال كمال.. زوجة الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودى السطور السابقة كانت هى نص الخطاب الذى أرسلته أسرة شاعرنا الكبير الأبنودى إلى وزير الثقافة مطالبة إياه بأن يتبنى الدعوة إلى تدريس إرث الأبنودى وإبداعاته فى مدارسنا ومعاهدنا، وهذا المطلب جدير بغير شك بأن يضعه فى حسبانه كل من سيلقى على عاتقه عبء تطوير المناهج الدراسية.. صحيح أن الإبداع المكتوب باللغة الفصحى هو وحده الإبداع الذى يتم حاليا تدريسه فى المدارس، وصحيح كذلك أن هناك من العوامل ما يوجب أن تكون الفصحى هى لغة العلم والفكر وأن تظل كذلك، لكن ليس هناك ما يوجب أن تكون هى وحدها لغة الإبداع، وألا يدرس ما هو مكتوب بسواها، على الأقل فى مرحلة الدراسة الجامعية حيث الأدب المقارن واللغات المقارنة جزء أساس مما يدرسه الطلاب فى أقسام الآداب واللغات فى الكليات المختلفة.. خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار أن ما كتبه شاعر مثل الأبنودى يرقى إلى ما كتبه الشعراء العالميون ذوو القامات السامقة.. وربما كان هذا ما جعل جامعة مثل مدريد كبرى الجامعات الإسبانية تقوم بتدريس أشعاره (وليس جامعة الاوتونوما وحدها كما ورد فى رسالة السيدة نهال).. من العار إذن أن يقوم بتدريسه الإسبان ولا يقوم بتدريسه العرب بوجه عام والمصريون بوجه خاص، وهو الذى استطاع أن يكتب بلغة شديدة القرب من الفصحى إلى الحد الذى تظنها معه فصحى ليس علامات التشكيل، وأنا هنا لا أتكلم عن الشاعرية بل عن البنية اللغوية فحسب، فإذا ما أدخلنا الشاعرية فى الحسبان فنحن إزاء لغة ساحرة يندر أن يوجد لها مثيل.