الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها

إسلاميات

الفتنة - ارشيفية
الفتنة - ارشيفية


ما أعظم الإسلام الذي اعتبر الفتنة جريمة أشد من القتل ، فنبذ العصبية وحارب القبلية وانتزع من النفوس كل شعار وكل دعوى تنادي بها وتدعو لها بل اعتبرها من دعاوى الجاهلية التي أتى من أجل القضاء عليها واستئصال شأفتها . 

فالوحدة القوية والاجتماع المتين الذي لا تنفك عراه لا يمكن أن تقوم له قائمة إلا إذا كانت رايته التوحيد والعقيدة ،فلا لون ولا جنس ولا قومية ولا وطنية ولا حزبية تملك من مقومات هذه الوحدة والاجتماع ، والذي يحب ويبغض ويوالي ويعادي بناء عليها وعلى رايتها فإنها بالتأكيد ستسقط لأنها دعوة صريحة من دعاوى الجاهلية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما تشاجر بعض الأنصار والمهاجرين : (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟ ! دعوها فإنها منتنة ) .

إن التعصب أو التحزب لفئة ما باب واسع من أبواب الفتنة المشتعلة في مجتمعاتنا والذي أعمى الكثير من الأفراد بحيث تراهم يوالون من يوالي حزبهم ويعادون من يعادونه يخترقون الصف بتعصبهم لأفكارهم ويبغضون من يخالفهم بل ربما يضعونهم في خانة الأعداء ويحسبون أنهم على الحق وأنهم يحسنون صنعا وغيرهم على باطل وساء ما يعملون ، لتستيقظ الفتنة من سباتها وتمتد كالأخطبوط تهدم كل صلة بيهم وكل وشائج محبة وقربى وتشتعل لتأكل الأخضر واليابس فيكون الاقتتال والإحتراب وخراب الديار.

ونحن نعايش في هذه الزمان أياما عصيبة تموج بها الفتن كموج البحر ، فتن عن أيماننا وفتن عن شمالنا ومن خلفنا ومن أمامنا ومن تحتنا ومن فوقنا ، فتن توالت وتنوعت وعمت وطمت نسأل الله تعالى العفو والعافية من شرورها .

يقول صلى الله عليه وسلم : ” يتقارب الزمان ، ويقبض العلم ، وتظهر الفتن ، ويُلقى الشّح ، ويَكثر الهَرج قالوا : وما الهرج ؟ قال : القتل ” .
وقد حذر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من هذه الفتن التي ستجتاح هذه الأمة وتعصف بها عصفا وتزلزل الأرض من تحتها حتى أنه من شدة وعظمة وكثرة هذه الفتن يمر الرجل على أهل القبور فيتمنى لو أنه منهم لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بالقبر فيقول: يا ليتني مكانه).

ومن أوصاف هذه الفتن كما بينها صلى الله عليه وسلم أنها كقطع الليل المظلم ،وأنها كرياح الصيف ، أي في تتابعها وسرعة مجيئها وتنوعها ،وأنها يرقق بعضها بعضا ، بمعنى أنها تتعاظم مع مرور الزمن أي تكون الفتنة التي تلي سابقتها أعظم منها وأشد ، وأنها تموج كموج البحر أي متتابعة لا نهاية لها بالإضافة إلى أنه عند هيجان البحر يهلك أناس كثيرون .وأنها تعرض على القلوب لا على الأسماع والأبصار فلا ينجو منها إلا من كان قلبه سليما .

وقد دلنا رحمة الله للعالمين صلى الله عليه وسلم أن سبيل السلام وقارب النجاة من هذا الشر المستطير هو :

· الاعتصام والاستمساك بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعض عليهما بالنواجذ .

· تقوى الله تعالى باب واسع ومخرج فسيح وصمام أمان من كل شر ومن كل شدة ومن كل فتنة ( فاتقوا الله ما استطعتم).

· اتباع العلماء الراسخين في العلم والمشهود لهم بالصلاح والثقة والاستقامة والأخذ منهم .

· لزوم الجماعة ، لأن يد الله مع الجماعة وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ، ولأن الجماعة رحمة والفرقة عذاب .

· الدعاء الخالص والصادق والدائم بالثبات وأن يجنبنا الله شر الفتن .

نسأل الله تعالى السلامة من كل فتنة ، والعافية من كل بلية ، وأن يثبتنا ويحفظ لنا ديننا وأعراضنا وأوطاننا وقدسنا وأقصانا ومجتمعاتنا وأن ينجينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن .