العرب اللندنية: عودة مثيرة لرجل قطر "الخفي"

عربي ودولي

حمد بن جاسم - أرشيفية
حمد بن جاسم - أرشيفية


قالت صحيفة العرب اللندنية، إن رئيس وزراء قطر السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، عاد إلى الظهور مجدّدا تحت أضواء الإعلام، من خلال حوار تلفزيوني تحدّث فيه بوثوق عن الخيارات السياسية الكبرى لبلاده مظهرا اطلاعا واسعا عليها، ومؤكّدا بذلك ما يروج بشأن امتلاكه شبكة واسعة من الموالين له داخل أجهزة الدولة القطرية يضمنون له موقعا وتأثيرا في صنع قرارها، رغم خروجه رسميا من السلطة في إطار صفقة أشمل كان تنازل بموجبها أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، صيف سنة 2013، عن السلطة لنجله الأمير الحالي الأمير تميم بن حمد، وكان لا بدّ من إزاحة الشيخ حمد بن جاسم، الرجل بالغ التأثير، من طريقه ليتمكّن من إحداث تعديلات ضرورية في السياسة القطرية كانت مطلوبة من الخارج قبل الداخل.

 

وتابعت الصحيفة: وبدا ظهور رئيس الوزراء القطري السابق، الذي كان قد شغل أيضا لفترة طويلة منصب وزير للخارجية، في حوار على قناة بي بي سي بالعربية أمرا مدروسا للحفاظ على وتيرة منتظمة من الظهور الإعلامي عبر منابر وازنة وذات صيت عالمي، على غرار صحيفة فاينانشال تايمز التي كانت قد أجرت معه لقاء في أبريل الماضي.

 

ومنذ مغادرته السلطة، لم يعرف أن للشيخ حمد بن جاسم منصبا رسميا في الدولة القطرية، إلى أن فوجئ الجميع في يناير الماضي بأنّه يتمتّع بالحصانة الدبلوماسية لشغله منصب “وزير مفوّض في السفارة القطرية بلندن”، وهو منصب بدا أنه قد أسند إليه على عجل لمواجهة نزاع قضائي أمام المحاكم البريطانية مع مواطن قطري يحمل أيضا الجنسية البريطانية يدعى فواز العطية، وسبق له أن شغل منصب متحدث باسم الدولة والخارجية القطرية، على خلفية دعوى رفعها الأخير أمام القضاء البريطاني واتهم فيها الشيخ حمد بن جاسم بمحاولة الاستيلاء على أرضه دون موجب قانوني وباختطافه وحبسه وتعذيبه بين سنتي 2009 و2011.

 

وبحسب متابعين للشأن القطري، فإنّ حرص حمد بن جاسم على الظهور الإعلامي ورفضه الابتعاد عن الأضواء، قد يعكسان رغبة لدى الرجل المعروف بطموحه وبراغماتيته بالحفاظ على حظوظه في لعب دور مستقبلي أكبر في سياسة بلاده.

 

ولم يكن استئثار قسم هام من اللقاء التلفزيوني الأخير مع الشيخ حمد بمناقشة سياسة قطر في دعم الجماعات الإسلامية مصادفة، نظرا إلى تزامن اللقاء مع بلوغ القضية السورية منعطفا جديدا ينذر بدخول الثورة في سوريا نفقا مسدودا يراه البعض نتيجة مباشرة للتدخلات القطرية في أدق دقائق تلك الثورة ومحاولتها تجييرها لمصلحة جماعة الإخوان المسلمين وجماعات أخرى متشدّدة دينيا، الأمر الذي أدخل معارضي نظام دمشق في حالة من التنافس والتشتت بلغا أحيانا حدّ المواجهة بالسلاح.

 

وعلى اعتبار حمد بن جاسم هو المهندس الفعلي لسياسات قطر للتدخل في البلدان العربية نصرة للإسلاميين واستغلالها موجة الربيع العربي للدفع بهم إلى السلطة، فإن التعقيدات التي تشهدها تلك البلدان من تونس إلى سوريا مرورا بمصر وليبيا، هي في بعض وجوهها فشل لتلك السياسة القطرية.

 

ووفقا للصحيفة رفض الشيخ حمد خلال اللقاء مع بي بي سي الاعتراف بنهاية الثورات العربية، محمّلا بلدانا أخرى مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في سوريا قائلا “كان هناك اتفاق بأن تقوم قطر مع دول عربية أخرى بدور في سوريا”.

 

كما أنكر أن يكون للدوحة قرار مسبق بدعم جماعة الإخوان المسلمين في كل مكان، قائلا “نحن في قطر استقبلنا إسلاميين وغير إسلاميين، وقطر هي أول من حارب الإرهاب.. أنا شخصيا لست مع الإخوان أو ضدهم”.

 

وحاول تبرير التدخل القطري في بلدان مثل تونس وليبيا ومصر بالانحياز لشعوبها والدفاع عن الديمقراطية، لكنه لم يسلم من الحرج والارتباك حين سئل بشأن الموقف مما يجري في تركيا على يد نظام رجب طيب أردوغان من خنق للحريات ومن عنف ضدّ المعارضين ومن توقيفات تعسفية وطرد من العمل لعشرات الآلاف من الموظّفين لمجّرد الاشتباه بانتمائهم لما يسمى الكيان الموازي.

 

واكتفى بالقول ردّا على سؤال بهذا الخصوص، إن “العلاقة مع تركيا متوازنة، ولسنا مكان الأمم المتحدة للتعليق على هذه المسألة في بلد فيه حكومة منتخبة”.

 

ولدى سؤاله عن الديمقراطية في قطر، أجاب بأن في بلاده “دستورا أقرّه الشعب وتطبق فيه الديمقراطية على مراحل”، مستدركا “بالطبع لا أشبّه الديمقراطية في قطر بالديمقراطية في بريطانيا.. لكن غالبية الشعب القطري راضية عن نظام الحكم”.

 

ولم يفوّت الشيخ حمد بن جاسم، الذي يعتبر أحد أكبر المليارديرات العرب، وسبق له أن تولى رئاسة جهاز قطر للاستثمار، فرصة الظهور على بي بي سي دون أن يدلي بدلوه في قضية تراجع أسعار النفط معتبرا أنّ تعامل دول أوبك مع الأزمة خاطئا، وأنّه كان على تلك الدول ألا تبادر بخفض الانتاج وأن تتحمّل تراجع الأسعار لفترة أطول حتى يتم إغلاق الشركات المنتجة للغاز الصخري التي يعتبرها المتسبّب الرئيس بالأزمة.