كبير الأطباء الشرعيين يروي أسرار الجرائم في عهد الرؤساء السابقين.. وهذه حقيقة تعذيب "مكين" (حوار)

تقارير وحوارات

فخري محمد صالح
فخري محمد صالح


- وقائع التعذيب موجودة في مصر.. ونكشف الإعتداءات بآلات معينة 
- "الفاعل المجهول" متواجد فى أى دولة.. ولا يمكن كشف الجرائم بنسبة 100%
- تقرير "مجدى مكين" غير جيد.. و"الجندي وسعيد" تعرضا للتعذيب
- إجراء تحليل البصمة الوراثية في 40 ساعة .. ومفجر "البطرسية" تم كشفه من خلال الوجه
- القضايا التي نتولاها مصيرية.. والجهات الأمنية لا تطلع على تقارير الطب الشرعي
 

فى عهده بدأت العمليات الإرهابية والتفجيرات التي اعتمدت في البداية على الأعيرة النارية والآلى، حتى تطورت للقنابل اليدوية والأحزمة الناسفة، حيث شهد كرئيس لمصلحة الطب الشرعى العديد من العمليات الإرهابية  بداية من عهد عبد الناصر حتى السادات ومبارك، إنه الدكتور فخري محمد صالح، رئيس مصلحة الطب الشرعي، وكبير الأطباء الشرعيين السابق بوزارة العدل - هو أبرز من تولوا منصبه لأكثر من 10 سنوات، نظر خلالها ما يصل لـ 19 ألف قضية داخل مصلحة الطب الشرعي.
 
وأوضح خلال حواره مع "الفجر"  تشابه قضية اغتيال حسن الألفى، وزير الداخلية الأسبق، مع حادث تفجير الكنيسة البطرسية، مؤكداً تطور الجريمة فى مصر، ووجود نسب كبيرة من العنف مثل التمثيل بالجثث  وتقطيعها.. إلى نص الحوار.
 
 

بداية من حادثة تفجير كنيسة البطرسية ؟ كيف يتم الوصول إلى تحديد هوية الإرهابي المفجر من خلال أشلاء صغيرة؟
 
تقوم مصلحة الطب الشرعي من خلال فريق العمل  في قضايا التفجيرات بالفصل بين الضحايا ما بين الضحايا كاملة الأجسام، ومتقطعة الأجزاء، ثم تقوم بتجميع الأشلاء الصغيرة ويتم ضمها لجثة واحدة حسب مضاهاتها، حيث أنه في حادثة تفجير الكنيسة تم تجميع الأشلاء الصغيرة المتهتكة والتي كانت عبارة عن فتات لحمية مع بقايا ملابس سوداء، حيث تبين وجود رأس المفجر بشكل واضح مع وجود الساقين والقدمين، وانفجار الجزء الأوسط، والذي يدل على أن المتفجرات متواجدة فى المنطقة الوسطى من الجسد، سواء على هيئة حزام ناسف أو قنبلة بدائية الصنع، والأقرب لى أنها حزام ناسف، حيث أن تفتت الجسد كاملا يدل على قرب جسده من المتفجرات، وظهور الرأس بملامحة أظهر حوالى 90% من ملامحه والفقد من أسفل الذقن للقدم، تلك الملامح التى كانت مشابهة لملامح محمود شفيق المتهم، حيث يتم الربط بين الأشلاء حسب البنيان والطول واللون والملابس من خلال كشف الطبيب الشرعى، ثم تقوم الأجهزة من خلال البصمة الجينية بالمقارنة مع أهاليهم.
 
حيث أن تحاليل البصمة الوراثية، تتم من خلال أجهزة حديثة تنتهى سريعاً من إعداد التقارير، وخاصة عندما تكون ملامح الشخص واضحة عند مقارنتها مع شكل المتهمين بالارهاب، فكشف هوية الشخص تكون سهلة.
 

ماذا عن تحليل البصمة الوراثية DNA واستخدماته؟ وكم يستهلك من الوقت؟
تحليل  DNAيتم من خلال أجهزة حديثة، حيث يتم تحديد المدة الزمنية له حسب الحالة، ففي حالة إجرائه كمقارنة لتأكيد المعلومة يتم خلال ساعات قليلة، بينما في حالة إجرائه في البحث عن مجهول وسط أشياء كثيرة يأخذ حوالي 40 ساعة، بدأت مصر فى هذه التحاليل بداية من 95، ومع تطور الأجهزة أصبحت تقريرها سريعة.
 
حيث بدأ استخدام البصمة الجينية للشخص من الناحية الجنائية بداية من التسعينات أى فى القضايا الجنائية والمدنية، وفي حالات الكشف عن الأجزاء المجهولة ، والتعرف على الأشخاص، كما يستخدم فى قضايا الإعتداءات الجنسية، أى أن من خلاله تستطيع تحديد المعتدى على الفتاة فى حالة الإعتداء الجنسى وتحديد من تعدى عليها فى حالة وجود عدة أشخاص، كما يتم استخدمها فى مكان الجريمة وتحليل كل شىء بداية من السيجارة التى بالمكان، حتى عينات الدم والبول كمقارنة مع المتهمين، كما تستخدم فى قضايا إثبات البنوة ، والمحكمة تأخذ بتقرير الطب الشرعى، لأن القضاء يعتمد على الأدلة الفنية التى لا تقبل الشك، وإثبات البنوة يعتمد على أدلة فنية، ولكن من الممكن المحكمة تأخذ قرار البنوة من الناحية الشرعية بأن الطفل أبن الفراش،  ولكن اثباتات تقارير الطب الشرعى التى لا تقبل الشك تأخذ بها المحكمة، ومن حق الشخص أن يعيد فحص إثبات البنوة، وتكون إعادة تاكيدية له من عدمه.
 
 
ما أوجه التشابه بين قضية تفجير "البطرسية" ومحاولة اغتيال حسن الألفى كما أشارت؟ 
 
فى قضية محاولة اغتيال حسن الألفى، وزير الداخلية الأسبق، فى التسعينات، كان التفجير يدوى عكس كلام الأدلة الجنائية وقتها التى أقرت بأنه عن بعد، وذلك ما أثبته تقرير الطب الشرعى من خلال وجود آثار التفجير برجل المفجر، بجانب أن رأسه كانت سليمة، وتم تحديد هويته من خلال أسماء الإرهابيين، وكان هناك إنكار من عائلته لذالك، وانتظرنا يومين حتى أعلنا أسمه، حتى تم أثبات ذلك بمراقبة زوجته وتم القبض عليهم داخل مقر تصنيع القنابل اليدوية، كما يحدث الآن مع المتهم محمود شفيق، الذى ينكر أهله ذلك، حيث أن الناحية الفنية تؤكد ذلك، والناحية الواقعية من ذاهبة للكنيسة قبلها بيوم للاستكشاف.
 
ففى قضية حسن الألفى كان التفجير من خلال قنبلة يدوية متواجدة فى صندوق حديدى على موتوسيكل يعتليه المفجر، والتى أدت لوفاة 10 أشخاص، وتقرير الطب الشرعى عن المفجر كان مشابه لحالة محمود شفيق، حيث كان مفتت لـ3 قطع وكان الرأس سليم، مع الساق وانعدام الأجزاء الوسطى، وأطراف الأصابع التى استخدمها فى التفجير.
 
 
كطبيب شرعي كيف ترى تطور الإرهاب عبر السنوات الماضية حتى الآن؟
 
توليت رئاسة المصلحة لمدة 10 سنوات، وشهدت البلاد آنذاك العديد من العمليات الإرهابية، بداية من طعن نجيب محفوظ بالسكين، حتى استخدام الأعيرة النارية، ثم استخدام الآلى كقضية المحجوب، ثم التفجيرات مع بداية التسعينات ورجوع أشخاص من أفغانستان، بداية من حادث قهوة وادى النيل بميدان التحرير الذى تم من خلال وضع حقيبة وتفجيرها من خلال نظام التايمر، ومحاولة اغتيال حسن الألفى وزير الداخلية الأسبق، ثم القنبلة فى نفق الهرم، حتى تفجير المنصورة الذى حدث من خلال وضع القنبلة بالمجارى.
 
وكانت أغلب العمليات الإرهابية فى التسعينات عن طريق قنبلة بشكل يدوى، أو عن طريق التايمر، مثل التى كانت تحت نفق الهرم، وحاليا تطورت القنابل مع تطور الأدوات، بداية من القنبلة البدائية من وضع المسامير مع بودرة الحديد، تلك التى تحدث ذبذبات تميت أى شخص، وتؤدي لتفتيت الأشخاص لأشلاء، حتى القنابل التي تزيد لها المواد المتفجرة وكميتها.
 

هل تطلع جهات أمنية أو أي مسؤلين على تقارير الطب الشرعي قبل النيابة؟
لا أحد يتدخل فى تقارير الطب الشرعى، حيث أنها تعمل على تحديد مصائر البعض  سواء جاني أو مجني عليه ، كما أن الطبيب الشرعى محمي بطبيعة العمل، يعد تقريره ويوجهه للنيابة العامة.
حيث أن تقارير المصلحة من المفترض أن تتجه للنيابة ولا أعلنها قبل ذلك، بعد وصولها للنيابة ممكن التواصل مع أى مسؤل.
 
 
هل يمكن للطبيب الشرعي اكتشاف مسرح الجريمة في قضايا القتل؟
مقياس تقدم الجريمة مرتبط بمقياس تقدم الدولة، والجريمة الآن أكثر تعقيدا عن جريمة زمان، ويحاول  المتهم التفنن فى عدم كشفها، وظيفتى معرفة مسرح الجريمة، ومعرفة السبب والتاريخ ، وتصور كيفية حدوث الجريمة، وإذا كان مكان الجريمة مفتعل أم لا، وهل المتهم يخفي الأدلة أم لا، من خلال افتعال مسرح الجريمة وجعلها انتحار وهى جنائية، فالمتهم دائماً يحاول إخفاء الأدلة.
 
لا يوجد جريمة كاملة، بل هناك جريمة صعبة أى بها فنيات صعبة، فمن خلال الكشف الظاهري للمجني عليه والعلامات، يتم تحديد كيفية وقوع الجريمة من خلال الكشف على الجسد بكل تفاصيله وتحليل التغيرات الرمية، ووقت وفاته، ومكان الوفاة، بداية من وصف الملابس لانها الدليل الوحيد الثابت الذى لا يتحلل بعكس جسد الإنسان حتى أقل الأشياء، ثم يتم الدخول على الاصابات وتشريحها من الرأس للعظام وغيرها ، ثم كتابه التقرير عن الحالة.
 
 
ما تقييمك لطبيعة قضايا التعذيب في مصر؟
التعذيب خلل في أي دولة، أوضحت سابقاً وقتما كنت متولي رئاسة مصلحة الطب الشرعى وجود وقائع تعذيب في مصر، من تعذيب المتهمين واستخدام القسوة معهم عند الحصول على الاعترافات، وذلك متواجد فى كل دول العالم، وعلى الدول الاعتراف بذلك ومعاقبة كل متهم مع تعويض الشخص الذى تعرض للتعذيب، حيث أن حالات التعذيب كانت تدين أشخاص من الشرطة بتعذيب مواطنين وقد رصد ذلك فى كتابى حول التعذيب ووسائلة والناحية الفنية الطبية الخاصة به من خلال كتاب سيصدر قريبا.
 
تقرير مجدى مكين غير جيد، ووظيفتى كطبيب شرعى يكون بالكشف على الإعتداء على الشخص باستخدام آلات معينة إذا كان تم ضربه أو تم هتك عرضه ، وتوضيح ذلك فى تقرير بعيداً عن هوية الشخص، حيث أن خالد سعيد، كما أوضحت فى تقرير بأنه تم استعمال القسوه معه وعنف زائد فى التعامل أفضى بحياته، وكذلك فى قضية محمد الجندى، أثبت تقريرى الذى أعدته بشكل استشارى، أظهر تعرضه للتعذيب، عكس ما أكدته اللجنة الخامسية التى أكدتت تعرضه لحادث سيارة، حيث قمت بإعداد التقرير كاستشارى أظهر تعرضه للتعذيب والضرب، وبعدها تم ألقائه من السيارة، مما زادت من اصاباته ومات بعد دخوله المستشفى..


ماذا عن دور المصلحة فى قضايا الإعدمات؟
 
حضرت حوالي 3 قضايا إعدام ، حيث أن المصلحة تشارك فى لجان تنفيذ أحكام الإعدام القضائى مع النيابة العامة، وذلك بوجود طبيب شرعى أثناء تنفيذ حكم الإعدام لكتابة تقرير عن الشخص المعدم بقياس النبض ومدة استمراره بعد تنفيذ الحكم عليه، لتأكد من صحة وفاته، وتسليم الجثمان لعائلته.