إيمان كمال تكتب: شيريهان.. سيدة القلوب

مقالات الرأي



«شيريهان» أكثر صدقا وهى على المسرح وتقدم استعراضا بالفعل، هى الأصدق فى الاستعراض فكثيرات حاولن الاقتراب من حلمها.. الفوازير والمسرح الاستعراضى، إلا أنه ليست الفساتين وحدها والشو هو سر نجاح شيريهان، فالروح والشغف والاجتهاد باعدوا بينها وبين كل من حاول الوصول إلى حلمها ليقدموا تجارب استنساخية لم تجد نفس الصدى ولا النجاح فمرت مرور الكرام،وظلت الساحة الفنية تفتقد شيريهان.. سنوات طويلة باعدت بينها وبين جمهورها تقول عنها شيريهان بأنها عاشت فى غربة مع شيريهان فكانت تعيش الغربة اضطرارا تخشى العودة ولا تدرك متى تعود وكيف تعود؟!

سنة كاملة من المفاوضات بينها وبين العدل جروب من أجل الخروج إلى النور بعد عروض قدمت لها لم تكن ترضيها ولا ترضى شغفها وحبها للفن، فلا يمكن أن تقبل على المنافسة الدرامية لتقدم عملا لا يقدم (شيريهان) التى عرفها الجمهور،فيقول دكتور مدحت العدل إنها لم يكن لها أى طلبات مادية أو شروط صعبة فكانت سهلا ممتنعا كل ما طلبته هو عمل استعراضى كبير يليق بها وكان لابد من الوصول إلى صيغة مناسبة حتى وجدت ضالتها فى تقديم 13 مسرحية سيتم تصويرها سينمائيا وليس عملا دراميا كما أشيع، وأشار إلي أنها بمجرد الاتفاق بدأت بتقليل وزنها بالفعل والتدريب على قدم وساق على الاستعراض والرقص لتكون بكامل لياقتها بالرغم من كونها لم تفقد رشاقتها بالفعل ولكنها تحرص كثيرا على التفاصيل الصغيرة.

وأوضح أن العمل سيتولاه عدد من المخرجين سواء مسرح أو سينما وكذلك عدد كبير من المؤلفين كورش عمل فليس شخصا واحدا ومن المؤلفين أيمن بهجت قمر وتامر حبيب ومحمد أحمد بهجت ومن فريق الإخراج خالد جلال على أن يكون العرض حصريا على قنوات dmc.

واقيمت احتفالية مؤخرا بعودة شيريهان التى ظهرت بها لمدة عشر دقائق.. دقائق صغيرة لكنها كانت الأكثر تأثيرا وحضورا بالرغم من وجود عشرات الفنانين والاعلاميين مثل منة شلبى ونبيلة عبيد ودرة التونسية وريهام عبد الغفور وبشرى ومنال سلامة التى حضرت بصحبة زوجها عادل أديب وبحضور أنس الفقى ومنى الشاذلى وخيرى رمضان ومجدى الجلاد.. الكل فى انتظار لحظة الظهور التى تأخرت 15 عاما.

بدأت شيريهان كلماتها بالشكر لكل الموجودين من جميع المجالات وشكرت الله على أن الحب لا يزال موجودا بعد كل هذا الغياب، وتابعت بقولها: «شكرا لمن يكتبون بأن عمرى 52 عاما ولكنى أقول بأننى أصبحت بلا عمر فقد أكون أكبر أو أصغر أو بلا عمر تحديدا متخطية حاجز الزمان، فالحالة المرضية التى مررت بها بالرغم من قسوتها ولكنى أشكر الله بأنه منحنى هذه التجربة المرة والصعبة والتى غيرت فيا الكثير والكثير فالمرض قوانى».

ليدخل بعدها المخرج الكبير سمير خفاجة فتنزل شيريهان من مكانها باكية وهى تحتضنه وتكمل «تعلم أننى احبك وأحبك كثيرا وانتظر وجودك معى لتؤكد لى بأننى بخير لتقول لى بأننى على ما يرام.. فاكر حينما أصبت وأخذتنى لمطار أمريكا وباريس وطلبت منك أن تذهب بى إلى مولان روج وأن تحملنى «مطبقة» بين يديك ووقتها قلت لك بأننى سأرقص رقصة الفالس الشهيرة وقدمتها بعدها»، فالكثيرون لا يدركون حجم العلاقة القوية الفنية والإنسانية التى ربطت بين شيريهان وخفاجة الذى قدمت معه العديد من الاعمال الاستعراضية فلم تنكر بأن وجوده فى التصوير معها سيكون تيمة نجاحها وعودة الروح بالنسبة لها لتذهب بعدها كالحلم الذى ظهر دقائق بإطلالة شبيهة بشيريهان كما كانت فقد كانت حريصة على ارتداء فستان صمم خصيصا لهذه الاحتفالية زاد من جمالها وحضورها القوي.

فى 2002 بسبب حالتها المرضية ابتعدت شيريهان عن الفن والذى كانت تعيش به منذ طفولتها،وتألقت بالعديد من المسرحيات منها سك على بناتك وشارع محمد على وعشان خاطر عيونك وأنت حر وغيرها من الأعمال التى قدمت فيها بجانب التمثيل الاستعراض والذى حاولت التخلى عنه فى بعض اعمالها التمثيلية على غرار تجربتها فى العذراء والشعر الأبيض ودمى ودموعى وابتساماتى والجلاد والحب وشارع السد، فكما تألقت كفتاة شقية تجيد الغناء والاستعراض كشفت عن كونها غول تمثيل فى العديد من الأعمال فلا يمكن أن ننساها فى عرق البلح والذى غير كثيرا من جلدها كفنانة ولكنه لم يمح من الذاكرة كونها فاطيما وحليمة وكريمة فى فوازير ألف ليلة وليلة الشهيرة ولا فيلم كريستال الذى قدمت فيه العديد من التابلوهات الاستعراضية التى أصبحنا نفتقدها فى الأعمال السينمائية والدرامية، شيريهان تركت بصمة الفوازير التى شكلت عقدة لكثير من النجمات اللاتى لم يستطعن تخطى حاجز النجاح والوصول للقمة مثلها.. فلا يمكن أن ننسى حاجات ومحتاجات وحول العالم وعروسة البحور وفوازير ورد شان وغيرها من الأعمال التى جعلتها تستحق لقب الأسطورة.

ربما تخوفت كثيرا من أن تفقد شيريهان حضورها وتألقها بالعودة بعد سنوات الغياب بعمل درامى قد يمر دون أن يحقق صدى كأعمالها السابقة، خوفا من أن أراها بصورة مغايرة ومختلفة كبعض النجمات اللاتى عدن وشوهن الصورة الجميلة التى كونتها الذاكرة، لكن بحضور شيريهان القوى وصدق روحها التى تؤكد بأنها لا تزال تحمل الكثير والكثير بداخلها من طاقات فنية، وحرصها على كل التفاصيل جعلنى أصدق بأن عودتها ستشكل عودة العصر الذهبى للاستعراض جعلنى أؤمن بأن الغياب يزيد البعض تألقا والعودة تزيدهم قوة.. أسعدتنا شيريهان دائما بأعمالها وأبكتنا فى حفلها الكبير الذى أقيم على شرف العودة، أبكتنا وهى تتحدث عن محنة المرض وصعوبة العودة وبأنها لم تعش يوما بعيدا عن فنها.. فالغربة التى عاشتها بعيدا كنا نعيشها ونحن نحاول عابثين العثور على نجمة كشيريهان لم تظهر بعد ولن تظهر.. فشيريهان هى الأسطورة التى لن يملأ مكانها سوى وجودها.