كيف يستولى الفلسطينيون على أراضى سيناء?

أخبار مصر


فجرت تصريحات أديب سيناء مسعد أبو فجر عن شراء الفلسطينيين أراضى فى شرق العريش بغرض الاستيطان لتصبح وطنا بديلا، قلق الجماعة الوطنية المصرية كونها دقت جرس إنذار مشاريع التسوية التى اقترحتها الولايات المتحدة الأمريكية لمشكلة اللاجئين وآخرها مشروع «الأرض المتصلة» الذى اقترحته كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بعد العدوان الإسرائيلى على غزة عام 2008 والقاضى بتوطين الفلسطينيين فى المنطقة من شرق العريش وحتى غزة لتقام فيها دولة فلسطينية متصلة تنهى مشكلة اللاجئين وهى الفكرة التى رفضها الفلسطينيون فى ذلك الوقت، لذلك كان لزاما علينا التحقق من قضية شراء الفلسطينيين أراضى شرق العريش والمفاجأة التى فجرها التحقيق أن الفلسطينيين اشتروا بالفعل مساحات كبيرة من أراض شرق العريش.

تقع مدينة العريش على مسافة 220 كيلومتراً شمال شرق مدينة القاهرة وهى من كبرى مدن محافظة شمال سيناء.. ويبلغ عدد سكانها 220 ألف نسمه طبقا لإحصائيات عام 2008، ويبلغ تعداد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين بمدينة العريش وشمال سيناء ثلاثين ألف لاجئ طبقا لإحصائيات عام 2008 التى ذكرها شيخ الفلسطينيين السابق بالعريش محمود الجورانى، وعن ذلك يقول الناشط « السيناوى » أشرف أيوب: إن اللاجئين الفلسطينيين توافدوا على سيناء ثلاث مرات الأولى كانت فى الثلاثينيات، حينما جاءت قبيلة الأذعر، والثانية بعد هزيمة 1948 جاءت 17 عائلة منها عائلات زعرب الطويل وأبو عرب والشراب وأبو عمرة ودار القاضى وأبوعزيز وبطيبط والخطيب والشاعر وأبو شاح والشريف والدرة، أما الهجرة الثالثة فكانت بعد حرب1967 بمجىء قبيلتى البراهمة والشراب.

ومنذ قدوم القبائل الفلسطينية كلاجئين، رحبت بهم قبائل العريش بسبب وجود صلات نسب كون أهالى سيناء كانوا طوال الوقت أقرب إلى بلاد الشام منها إلى مصر، واستقرت عائلات اللاجئين فى شمال سيناء حيث تزوجوا من سيدات مصريات وأقاموا بها فضلا عن أن ظهور الحدود بين مصر وفلسطين بعد اتفاقية «سايكس بيكو » القاضية بتقسيم الوطن العربى أدت إلى شطر قبائل إلى نصفين يتواجد النصف الأول فى رفح المصرية والنصف الثانى فى رفح الفلسطينية وحصل عدد من أبناء هذه القبائل على الجنسية المصرية مؤخرا بسبب تعديلات قانون الجنسية الأخيرة التى تمنح الجنسية لأبناء الأم المصرية.. وهو ما أدى لحصول أبناء قبيلة الأذعر بكاملها على الجنسية المصرية.

فى البداية سكن اللاجئون الفلسطينيون فى شقق إيجار ولاقوا معاملة مصرية حسنة، بإصدار الرئيس جمال عبد الناصر قرارا بمعاملتهم أسوة بالمواطنين المصريين فى الحقوق والخدمات حسبما ذكر محمود إسماعيل أبو نار 65 سنة المولود فى قرية عاقر الفلسطينية بقضاء الرملة.. الذى هاجرت أسرته إلى مصر عام 1950 وقال: عبد الناصر أصدر تعليماته بأن يتم تعليمهم بالمجان، وخصص راتبا شهريا للجامعيين منهم، وقام بتوظيفهم فى الحكومة إلا أنه بعد قدوم الرئيس أنور السادات حرمهم من تلك الميزات.. ففرض رسوماً جامعية وسحب بطاقات التموين والهوية واستبدلها بإقامة تجدد سنويا من جوازات العريش ونقل تجديد جوازات اللاجئين الذين جاءوا بعد 1967 لتجدد من القاهرة بعد انسحاب الإسرائيليين عام1982.

وبمرور الوقت ظهرت حاجة اللاجئين الفلسطينيين إلى بناء بيوت خاصة بهم وتملكها.. وهو ما اصطدم بقانون منع تملك الأجانب، فقام اللاجئون الفلسطينيون بشراء المنازل وكتابتها بأسماء زوجاتهم أو أمهاتهم المصريات بعقود عرفية، وهو ما أكده محمد محمود أبو بكر 37 سنة المولود بالعريش وأوضح انه اضطر للزواج من مصرية وكتب المنزل باسمها ثم كتب ورقة أخرى بتنازلها عن المنزل له.

أما عائلة شهيد الانتفاضة الثانية محمد الدرة فتقطن أيضا بالعريش مع أبناء عمومته فى منزل بسيط من طابق واحد، التقينا أحدهم محمد محمود الدرة 37 سنة، عامل يعمل فى مخبز، وأوضح أن الأب جاء من قرية الجورة بقضاء الرملة بفلسطين عام 1948 وتزوج محمد من سيدة مصرية وكتب المنزل باسمها فى عقد عرفى وتعرضت أسرته لمضايقات أمنية بعد استشهاد محمد الدرة فتم إبعاد احمد الدرة إلى السودان ليعول محمد الدرة «العم» أمه المريضة.

ولخص محمود الطويل 40 عاما، المعاناة التى يعانى منها اللاجئون الفلسطينيون بسيناء بقوله إنهم يلاقون صعوبات شديدة فى التعليم بسبب ارتفاع المصاريف الدراسية واشتراط الأمن تجديد الإقامة سنويا حتى لو كانت لطفل عمره أيام وعدم وجود تأمين صحى لهم واشتراط الدولة حصولهم على تصريح عمل فضلا عن اشتراط الأمن على اللاجئين عدم إقامة عائلاتهم دواوين أو مقاعد.. مما اضطرهم لإقامة مناسبات الأفراح والجنازات بالشوارع، ويؤكد الطويل انه اضطر إلى كتابة عقد شراء ارض المنزل الذى يقيم فيه باسم والدته المصرية ليقوم بتوصيل الكهرباء والمياه، ويؤكد الطويل أن اللاجئين قبل الثورة كانوا يفقدون إقامتهم إذا غابوا عن مصر ما يزيد على العام، مثلما حدث مع عائلة الجورانى التى تقيم بالعريش منذ عام 1948.

مستوى دخل اللاجئ الفلسطينى متدن للغاية حيث يعمل معظمهم أعمالاً يومية بالمعمار أو فنيين ميكانيكا أو سائقين أو بائعى خضار، لذلك فليس لديهم فائض لشراء مساحات أكبر من الأراضى للسكن.

احد سماسرة بيع الأراضى بالعريش – رفض ذكر اسمه – قال: بعد العدوان الإسرائيلى على غزة عام 2008 اشترى عدد كبير من الفلسطينيين مساحات واسعة من الأراضى فى مناطق السكاسكة وجرادة وقبر عمير والخروبة شرق مدينة العريش، واصطحبنا السمسار إلى منطقة الطريق الدائرى قرب السكاسكة ووجدنا مزارع حديثة محاطة بأسوار مملوكة للفلسطينيين قرب منطقة غابات الصرف الصحى.. وأوضح السمسار أن المستثمرين الفلسطينيين اشتروا الأرض بأسعار عالية وصلت إلى دفع مليون جنيه فى 18 فداناً وقفز سعر المتر خلال الأعوام الثلاثة الماضية حتى وصل سعر الفدان إلى ثمانين ألف جنيه، وأن البيع تم بإبرام عقود بأسماء أقاربهم المصريين أو عن طريق وسطاء حصل الواحد منهم على خمسين ألف جنيه مقابل كتابة عقد البيع باسمه وكتب عليه ورقة ضد وإيصالات أمانة وشيكات، وأوضح أن المستثمرين الفلسطينيين اشتروا الأرض بأسعار مبالغ فيها لأنهم لا يعرفون أسعار المكان وتبارى عدد كبير من الأهالى ببيع الأراضى لهم فقاموا بتوظيف مزارعين مصريين لزراعتها.

كل ما سبق يطرح علامات استفهام كثيرة حول قبول الإخوان وحماس توطين اللاجئين الفلسطينيين بسيناء.. إلا أن أشرف أيوب الناشط اليسارى نفى ذك بقوله: اللاجئون الفلسطينيون أصروا على العودة إلى غزة أثناء العدوان الإسرائيلى عام2008 وحتى عندما اخترقوا الحدود عادوا جميعهم إلى غزة بما ينفى فكرة قبول الفلسطينيين أنفسهم لفكرة التوطين بسيناء.

محمد هنيدى منسق حركة أحرار سيناء أوضح أن شراء الفلسطينيين للأراضى ازداد فى المرحلة الأخيرة فى رفح والشيخ زويد والريسة.. وأن ذلك تم بعدة طرق إحداها أن يأتى فلسطينى ويتزوج مصرية فيكتب عقود البيع العرفى باسمها والطريقة الأخرى لجوء، ولفت هنيدى الانتباه إلى أن الأراضى التى يشتريها الفلسطينيون يقومون بزراعتها بالزيتون والخوخ والكلمنتينا والكانتلوب.

كما يوجد فلسطينيون معهم جوازات اللاجئين الزرقاء ومتزوجون من مصريات ولا يستطيعون العودة لفلسطين بسبب عدم حصولهم على هوية السلطة الفلسطينية، وأكد هنيدى أن ألف شاب فلسطينى بالعريش فقط حصل على الجنسية المصرية مستفيدا من تعديلات قانون الجنسية الذى يتيح لأبناء الأم المصرية الحصول على الجنسية، وذكر هنيدى واقعة تؤكد رفض أهالى العريش توطين الفلسطينيين وهى قيام فلسطينى ثرى بعمل نافورة بميدان النافورة على حسابه الخاص منذ أسبوع وفجأة قام بوضع لافتة على الميدان ليسميه باسم والده تيسير الجعونى.. فاحتج الأهالى وذهبوا للمحافظ فقام باستبدالها ووضع مكانها لافتة إهداء لمحافظة شمال سيناء.

من ناحيته قال الشيخ محمد المنيعى إنه توجد عائلات سيناوية تعيش على جانبى الحدود بعد الاحتلال الإسرائيلى لغزة عام 67 ورثوا أراضى أقربائهم فى غزة أو سيناء وضرب مثلا بوفاة أحد أقربائه فجاء باقى الورثة الفلسطينيين وحصلوا على نصيبهم من الأراضى الإرث برفح.. وأكد الشيخ المنيعى أنهم يرفضون تحويل سيناء كوطن بديل ويرفض فى الوقت نفسه الضجة المثارة ﻷنه لا يوجد شيء على ارض الواقع بدليل أن المزارع التى أقامها الفلسطينيون يزرعها مصريون كما أكد أن الخيام الموجودة برفح هى خيام معسكرات جيش وليست لإيواء الفلسطينيين النازحين وضرب مثلا على أن ألف فلسطينى أصروا على دخول غزة أثناء العدوان الصهيونى الأخير ولم يعبر لمصر سوى المصابين ومرافقيهم.