أحمد سامي يكتب: نعم نحن فقراء جدًا !

مقالات الرأي

أحمد سامي
أحمد سامي


على مر العصور ومنذ 7000 سنة تاريخ نشأة مصر، وهي غنية بمواردها الطبيعية التي حباها الله إياها من آثار ومناظر ومحميات طبيعية وشواطئ سياحية ومعادن سواء ذهب كما في منجم السكري الذي لا نعرف أين تنفق أمواله وأين يذهب هذا الذهب، أو نفط كما في حقل ظهر الذي اكتشف مؤخرًا وغيرها وغيرها، ومن ثروات وإمكانات مادية وبشرية هائلة.


ومنذ نشأتها وهي تسرق وتنهب إلى يومنا هذا، وهو ما تكشف في وقائع الفساد التي ظهرت، إما بالرُشى وآخرها واقعة رشوة "الـ150 مليون جنيه" وبطلها مدير مشتريات مجلس الدولة، وإما بالسرقة المباشرة، وآخرها واقعة اختفاء 23 مليار جنيه من وزارة المالية.


كل هذا على مدار السنوات والعصور الماضية، ما يشير إلى أن مصر ليست فقيرة ماديًا فمواردها المادية والبشرية كفيلة بأن تجعلها في مصاف الدول الكبرى اقتصاديًا، وتتفوق على الكثير من الدول الكبرى، ومن أهم تلك الموارد التي باستغلاها جيدًا، تستطيع أن تنقل مصر نقلة كبيرة، حتى تصبح من الدول الغنية:


1- قناة السويس، أحد أهم الموارد الاقتصادية لمصر، والتي تدر عملة صعبة، تتراوح ما بين 3 إلى 6 مليارات دولار سنويًا، وساهمت بجزء كبير قبل ثورة يناير في زيادة الاحتياطي الأجنبي لمصر، والذي وصل إلى 35 مليار دولار.


2- البترول والغاز الطبيعي.. فجميع آبار البترول والغاز الطبيعي، التي اكتشفت في سيناء وفي الصحراء الغربية وفي البحرين الأحمر والمتوسط وفي خليج السويس، تمثل ثروة قومية هائلة لمصر، وكذلك مصادر البترول في الإسكندرية، حيث تكفي الموارد البترولية، أن تجعلنا في منزلة دول الخليج، ولننظر كيف استفادت ليبيا من آبار البترول وغطت تكاليف مشروعاتها الكبرى حتى أصبح الريال الليبي يساوي 6 جنيهات مصرية، ولم يكن لها أي موارد أخرى سوى النفط.


3- وسائل النقل والمواصلات، سواء كانت سكة حديد أو مترو الأنفاق أو أتوبيسات النقل العام أو حتى النقل الخاص والتي تتحصل الدولة منها على "الكارتة"، وهي موارد تدر مليارات الجنيهات على الدولة، وبعيدًا عن نغمة أنها تحقق خسائرًا كبيرة، ما يتطلب رفع تكلفة تذاكرها كما يحدث الآن، فهناك طرق كثيرة يمكن من خلالها تغطية تكلفة التذاكر أو الصيانة أو صناعة أو استيراد مستلزماتها، مثل وضع الإعلانات على التذاكر أو داخل المحطات أو على وسائل المواصلات أتوبيسات كانت أو قطارات كما يحدث في الخارج.



4- المعادن، وهي من الهبات التي منحها الله مصر، وعندنا منجم السكري الذي ينتج أطنانًا من الذهب لا نعلم أين تذهب ولا أين العائد منها، وكأنه سر من أسرار الدولة لا ينبغي أن يعلمه أحد من عامة الشعب.


5- الثروة البشرية، فتعدادنا السكاني يفوق بكثير دولًا تحقق نجاحات اقتصادية مثل ألمانيا وتركيا وغيرها.. وليس عبئًا كما يصوره البعض، فلو أمكن استغلال الطاقات البشرية الكبيرة في مصر في استصلاح الأراضي أو في الصناعة، لكان لمصر شأن آخر غير التي هي فيه الآن...


وغيرها وغيرها من الموارد التي لا تعد ولا تحصى، يطول الحديث فيها، والتي ترد مقولة أن مصر بلد فقير جدًا.


تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي في أثناء جلسات المؤتمر الشهري الوطني للشباب في أسوان، وقال نصًا "إحنا فقرا أوي أوي"، وهذا مردود منطقيًا وفق ما ذكرناه سابقًا، ولكن تفسيري لمقولة الرئيس تنحصر في أننا فقراء جدًا في العقول المبتكرة التي يمكنها تحقيق طفرة ونجاحات سواء اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو فنية أو رياضية إلخ....


هذه العقول أراها سمة أساسية في كل الحكومات المتعاقبة، عقول نمطية بيروقراطية روتينية فقيرة عقول طاردة للاستثمارات ذكية في تجويع الشعب وتعذيبه لسان حالها "شد الحزام يا شعب معلش نستحمل شوية".. عقول تفتقر إلى الضمير.. فساد يوجد اختلاس ورشاوي "ميضرش" نهب وسرقة عادي، إنما تفكير في كيفية القضاء على البطالة "لا يوجد".. في تعليم جيد "صفر".. في جذب المستثمرين "ربنا يسهل".. في تشغيل مصانع معطلة "منين؟".. في تقليل خسائر النقل والمواصلات "الشعب موجود يساعدنا"..

مبررات طبيعية لعقول عفا عليها الزمن، تعفنت ولا يمكنها مجاراة الظروف الراهنة، بعيدة كل البعد عن آلام الناس ومعاناتها، لا يوجد فيها أمل للتقدم ولا إنقاذ مصر التي ذكرها الرئيس في جملتين لخص بهما وضعنا الآن "أشباه دولة".. و"إحنا فقرا أوي".. بعد الجملة الشهيرة التي بدأ بها مشواره الرئاسي "وبكرة تشوفوا مصر"..