تمثال الحرية لفلاحة مصرية على الطريقة الأمريكية

منوعات

بوابة الفجر


"الحرية أثمن ما في الوجود"، لذلك كان ثمنها باهظًا"، لذلك فإن الحرية دائمًا وأبدًا ستظل غاية يصبو إليها كل إنسان ويدفع في سبيلها باهظ الأثمان، وهذا ما تحقق في "تمثال الحرية"، حيث كان التمثال في بادئ أمره قبل السفر لأمريكا مصري الهوية ولكن لم يجد التمثال له مكانًا على أرض الكنانة ولم تحتضنه "أم الدنيا" مصر.

جاءت فكرة صنع التمثال عندما جاء النحات الفرنسي "بارتولدي" مصر، وذهب في رحلة نيلية من القاهرة حتى أسوان فوقع في غرام مصر وقرر أن يعر عن ولعه بها بعمل فني من صنع يديه، فذهب ليصمم نموذج مصغر لمنارة على شكل فلاحة مصرية ترتدي ثوبًا طويل "أي زي إسلامي"، وتحمل في يدها شعلة تخرج منها آشعة الضوء لأرشاد السفن، وعلى رأسها سبعة أسنة ترمز للسبعة أبحر التي تطل عليها قارات العالم أجمع، وقد أُخذت تلك الأسنة من عملة مصرية قديمة تعود إلى عصر الثالث.

وفي عام 1869 ذهب "بارتولدي" إلى الخديوي إسماعيل ليعرض عليه التصميم، كما اقترح عليه وضعه في مدخل قناة السويس ليكون رمزًا لحرية الملاحة، وذلك تأكيدًا لمكانة مصر بين دول العالم التي تنظر إلى مصر بأنها "أم الدنيا".

ولكن قوبل تصميم "بارتولدي" بالرفض من الخديوي إسماعيل الذي رأى أن تكاليفه باهظة في مقابل تكاليف حفر قناة السويس وكذلك تكاليف الافتتاح، وقام الخديوي إسماعيل ببناء منارة بارتفاع 18قدم.

وفي المقابل تبنت فرنسا تصميم التمثال وقامت بتطويره ليناسب طبيعة دولة أمريكا، حيث تم نحته على شكل امرأة تحررت من أغلال الاستبداد تحمل في يدها اليمين شعلة الحرية، وتحمل في يدها اليسار كتابًا منقوشًا عليه باللغة الرومانية تاريخ استقلال أمريكا "4يوليو1776، كما ترتدي تاجًا به سبعة أسنة ترمز إلى السبع بحار على هذا الكوكب.

حيث أهدت فرنسا لأمريكا تمثال الحرية كعربون صداقة، وذلك لتقوية أواصر العلاقة بين البلدين، فكان من المقترح في البداية أن يوضع التمثال في سنترال بارك ولكن قوبل الاقتراح بالرفض، حيث ظل "بارتولدي" يبحث عن مكان مناسب للتمثال إلى أن وُضع في مكانه الحالي، ولكن التمثال كان يحتاج إلى قاعدة يرتكز عليها ولم تكن أمريكا في ذلك الوقت تمتلك من المال ما يكفيها لبناء قاعد خرسانية للتمثال.

وفي هذا الصدد أثار الصحفي الأمريكي جوزيف بوليتزر" بمقالة كتبها في صحيفة "The World" بعنوان "العار الوطني" كشف فيها عن عجز الدولة عن بناء قاعدة خرسانية لتمثال، فجاء الرد من أمريكا بتدشين حملة قومية بأن من يتبرع لبناء التمثال سيكتب اسمه في لوحة الشرف في تلك الجريدة، وبعد حوالي شهر جمعت أمريكا 25ألف دولار ليبدأ العمل في بناء تلك القاعدة.

وأصبح "تمثال الحرية" رمزًا عالميًا ومزارًا سياحيًا يقصده عشرات الملايين من كل عام ليحقق لأمريكا دخلاً لا بأس به بعد أن لم يكن يجد مكانًا له ليستقر به.