اسماعيل ياسين: من منادي سيارات إلي أشهر ممثل في مصر "أبو ضحكة جنان"

منوعات

بوابة الفجر


فنان موهوب مبدع بنكهة كوكتيل البهجة والسعادة والكوميديا، تألق وتربع على عرش زمن الفن الجميل، صاحب الكوميديا التلقائية التي وصلت إلي قلب كل من سمع عنه ولم يره، هو الفنان الممثل مخترع "الألش" المونولوجيست "إسماعيل ياسين".

نشأته
وُلد "ياسين" في15سبتمبر عام 1912م بمحافظة السويس، لأب ميسور الحال صاحب محل صاغة في شارع "عباس" بمدينة السويس، وكانت قد تُوفيت والدته وهو في سن صغيرة.

التحق "ياسين" بأحد الكتاتيب ليتعلم القرآن، ثم دخل المدرسة حتى الصف الرابع الابتدائي، وترك الدراسة بسبب إفلاس والده الذي تثاقلت عليه الديون حتي أدخلته السجن، فأصبح بعدها "ياسين" ذلك الطفل الوحيد الذي ارتطم بمصاعب الحياة منذ نعومة أظافره.

بداية مشواره
توجه "ياسين" للعمل كمنادي أمام أحد محلات بيع الأقمشة ليبدأ حمل مسئولية نفسه وحيدًا شريدًا بعد أن غادر منزل أبيه خوفًا وتجنبًا لبطش زوجة أبيه ليعمل بعدها منادٍ بأحد مواقف السيارات بالسويس. 

توجه إلى القاهرة في فترة الثلاثينيات في سن السابعة عشر من عمره، ليعمل كصبي بأحد مقاهي شارع "محمد علي"، وقد أقام "ياسين" بأحد الفنادق الشعبية، ثم بعد ذلك عمل مع الأسطى "نوسة" أشهر راقصات شارع محمد علي في ذلك الحين، ولكن لحاجته إلى المال ترك العمل معها ليتوجه إلى العمل بأحد مكاتب المحاماة.

كان لأغاني الموسيقار الكبير "محمد عبد الوهاب" مكانة خاصة لدى "إسماعيل يس"، فعشقها كثيرًا، وتمنى ذات يوم أن ينافس "عبد الوهاب" في تألقه. 

شغف "ياسين" الشديد بالغناء جعله يترك مكتب المحاماة ويتوجه للعمل مع "بديعة مصابني"، و ذلك بعد أن اكتشفه موليير الشرق "أبو السعود الإبياري"، فقد عملا معًا وكانا رفيقين لرحلة كفاح حافلة، حيث كون معه ثنائياً فنياً شهيراً وكان شريكاً له في ملهى "بديعة مصابني"، ثم في السينما والمسرح، وهو الذي رشحه "لبديعة" لتقوم بتعيينه بفرقتها، وبالفعل انضم إلى فرقتها ليُلقي المونولوجات في ملهى "بديعة مصابني".

شهرته
استطاع "إسماعيل ياسين" إثبات موهبته والنجاح في غناء المونولوجات، وقد استمر في غنائها لعشر سنوات في الفترة ما بين 1935 إلى 1945، حتى أصبح مونولوجيست الإذاعة المصرية في ذلك الوقت نظير أربعة جنيهات عن المونولوج الواحد شاملاً أجر التأليف والتلحين، والذي كان يقوم بتأليفه دائماً توأمه الفني "أبو السعود الإبياري".

عام 1939 كان هو "عام السعد" على "إسماعيل ياسين"، فقد اختاره "فؤاد الجزايرلي"، ليشارك في فيلم "خلف الحبايب"، حيث قدمه في  العديد من الأفلام التي لعب فيها الدور الثاني في تلك الفترة، كان من أشهرها "علي بابا والأربعين حرامي"، "نور الدين والبحارة الثلاثة"،و"القلب له واحد".

عام 1944 استطاع "ياسين" اجتذاب انتباه الفنان "أنور وجدي" إلى موهبته، حيث اختاره ليشاركه معظم أفلامه في تلك الفترة

أول بطولة مطلقة لـ "ياسين" كانت في عام 1949 عندما قرر "أنور وجدي"، أن ينتج له فيلم "الناصح"، ليصبح بذلك أول فيلم يؤدي فيه "ياسين" بطولة منفردة.

شارك كبار الفنانين، منهم الفنانة "شادية" في عدة أعمال، أشهرها فيلم "الستات مايعرفوش يكدبوا"، كما شارك "رياض القصبجي"، و"زينات صدقي"، و"حسن فايق"، و"عبد الفتاح القصري"، و"عبد السلام النابلسي" في عدد كبير من الأعمال .

العصر الذهبي
1952م حتى 1954م كانت بمثابة العصر الذهبي لـ "ياسين"، فكان يؤدي 16 فيلم في العام الواحد، وهو رقم لم يستطع أي فنان آخر أن يحققه حتى عصرنا هذا، وبالرغم من عدم وسامة "ياسين"، إلا أن خفة دمه وروحه المرحة المبهجة استطاعت أن تسيطر على شباك التذاكر في ذلك الحين.

اتجه إلى المسرح عام 1954، حيث ساهم في ترك بصمة بعالم المسرح الكوميدي وكون فرقته التي حملت اسمه بشراكة توأمه الفني وشريك مشواره الفني "أبو السعود الإبياري"، وظلت هذه الفرقة تعمل على مدى 12 عاما حتى 1966 ، قدم خلالها ما يزيد علي 50 مسرحية بشكل شبه يومي وكانت جميعها من تأليف "أبو السعود الإبياري".

ألّف له "أبو السعود الإبياري" سلسلة من الأفلام التي تحمل اسمه، و التي أخرجها له "فطين عبد الوهاب"، منها "إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين"، "إسماعيل ياسين يقابل ريا و سكينة"، "إسماعيل ياسين في الطيران"، "إسماعيل ياسين في البحرية"، "إسماعيل ياسين طرزان".

كبوة "ياسين"
بالرغم من نجاح "إسماعيل ياسين" الساحق، إلا أنه في أواخر أيامه لم يحظَ بتسليط الأضواء عليه وذلك بسبب إصابته بمرض في القلب، فابتعد الساحة الفنية لفترة، ثم بعد ذلك تدخلت الحكومة في أعماله الفنية بفترة الستينات. 

طاردت ديون الضرائب "ياسين" حتى بيعت العمارة التي بناها بكفاح عمره أمام عينيه دون أن يستطيع فعل أي شئن ودون أن يقدم له أحد يد العون فهو لم يكن مقرباً من الحكومة.

في عام 2009 أحيا الفنان "أشرف عبد الباقي" ذكرى "إسماعيل ياسين"، وذلك بمسلسل "أبو ضحكة جنان"، هذا اللقب الذي أطلقه عليه "أبو السعود الإبياري" ليدلل على مكنون شخصية "ياسين" المرحة ولما كان لفكاهته أثر في أسر قلوب جماهيره.

رحل عن عالمنا صاحب أجمل ضحكة في 24 مايو1972، عن عمر يناهز 59 عامًا.