العرضحالجى رافع شكاوي الشعب إلي السلطة

منوعات

بوابة الفجر


ظهر مسمى "عرضحالجي" في مصر لأول مرة في القرن التاسع عشر الميلادي، وهو مكون في الأصل من ثلاث عناصر. 

"عرض حال، جي"، كلمتا "عرض حال" بدأ استخدامهما بمعنى "الشكوى" ابتداء من القرن الـ 19 وكانتا حتى بداية السبعينيات من القرن العشرين تستخدمان للإشارة إلى نفس المعنى، أما "جي" فهي كلمة تركية تستخدم لنسبة شخص إلى مهنة بما يعني قيامه بها، وهو الدور الذي تلعبه مثلاً في كلمات "قهوجي، بوسطجي.."، وبالتالي يصبح معنى كلمة عرضحالجي هو: "الرجل المختص بالشكاوى أو بكتابتها".


العرضحالجى هو ذلك الشخص الذى يحرر شكاوى ومظالم البسطاء وفى أواخر الأربعينات أضيف إلى مهامه كتابة الخطابات، أما الآن فقد إقتصرت مهام العرضحالجى على مساعدة الأميين فى تحرير إستمارات السجلات المدنية.

شهدت مهنه العرضحالجى ازدهارًا منذ عام 1970م، عند انشاء أول محكمة بدمياط مرورًا بالثمانينيات، ففي
 أكشاك خشبية متجاورة بجوار محكمة دمياط ومجلس المدينه والنيابه الاداريه كان يوجد ما يقرب من 20 "عرضحالجي" على الأقل، وعلى كل كشك لوحة ضخمة تحمل إسم صاحبه، وداخل الكشك لوحات نقشت عليها آيات من القرأن الكريم. 

بعض العرضحالجية كانوا يزينون الأكشاك بصورهم الفوتوغرافية، أما عن آثاث الكشك فهي دكة ثابتة وكراسى كي يجلس عليها الزبائن، 

جميع العرضحالجية يعملون بإستمرار لا يكاد أحدهم ينتهى من عريضة حتى يبدأ غيرها، ودخل العرضحالجى الثابت كان يصل إلي 50 جنيه يومياً . 

كانت مهمة "العرضحالجي" أساسًا هي بيع "ورق الدمغة" الذي أصبح من الواجب وضعه على "العرضحال" (الشكوى)، ثم امتدت لكتابة الشكاوى ذاتها، ومع تأسيس المحاكم الأهلية 1883 كان العرضحالجية يشكلون نسبة كبيرة من المحامين الذين ترافعوا أمامها.

بمجيء ثورة 23 يوليو 1952 كان مقدرا لمهنة العرضحالجي أن تشهد ازدهارا ورواجا كبيرين، ففي إطار الآمال التي أنعشتها ودعمتها إلى حد كبير السلطة الجديدة في التخلص من مظالم "العهد الملكي الإقطاعي البائد" تعاظمت مكانة "الشكوى" في المجتمع، وزاد من ذلك ما كان معروفا عن أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الإهتمام الشديد "بالشكوى"، حتى أنه كان يقرأ جانبًا كبيرا منها بنفسه ويسترشد بها في قراراته.

من ناحية أخرى كانت عمليات التحديث التي أعقبت الثورة وما صاحبها من تغلغل لأجهزة الدولة في المجتمع وتشابك مصالح الناس معها بشكل غير مسبوق، تدفع إلي تعاظم أهمية "العرضحالجي" في المجتمع واتساع مهامه لتضم إلى جانب كتابة الشكاوي تيسير مصالح الناس بالجهات الحكومية"، وهكذا زاد تواجد العرضحالجية بجانب المحاكم والنيابات وأقسام الشرطة ومكاتب البريد والجوازات والتأمينات الاجتماعية والتموين والشهر العقاري ومصلحة الأحوال المدنية.. وإلى جانب ذلك استمر هناك تقريبا في قرى مصر شخص ما، أو أكثر، يلعب دور "العرضحالجي"

شهدت مهنة العرضحالجي الآن تغيرات نوعية كبيرة، ربما يراها البعض بمثابة جرس إنذار على أن المهنة مهددة بالانقراض 
فقد بدأت فى التراجع بدايه من التسعينيات، وحتى وقتنا الحالى مع انتشار التعليم وانحسار الأمية وإنتشار أجهزة الطباعه بكافة المكتبات ساهمت فى تراجع تلك المهنه. 

هناك أيضا "الدخلاء" الذين انضموا إلى المهنة مع تزايد معدلات البطالة وبحث الناس عن أي فرص للعمل، والذين تحولت المهنة على أيديهم من مهنة ذات أبعاد فنية وخدمية إلى مهنة "ارتزاق ونصب".