ربيع عبد العزيز يكتب: نفحات قرآنية

ركن القراء

ربيع عبد العزيز
ربيع عبد العزيز


من عجائب البلاغة القرآنية أنك تجد الفعل مصحوبا بمتعلقه : الجار والمجرور في آية، وتجد الفعل نفسه  في آية أخرى غير مصحوب بمتعلقه فلا جار ولا مجرور؛ نجد مثلا لذلك الفعل آمن في سورتي الكهف والأنبياء ؛ قال تعالى في سورة الكهف/ آية 13:( نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى).
وقال تعالى في سورة الأنبياء/ آية 300:( أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون).
في آية سورة الكهف نقرآ ( آمنوا بربهم). هناك الفعل: ( آمن) وهناك الفاعل: ( واو الجماعة) وهناك الجار والمجرور المتعلقان بالفعل: ( بربهم).
وفي آية سورة الأنبياء نقرآ ( أفلا يؤمنون) . هناك الفعل : يؤمن ،  وهناك الفاعل: ( واو الجماعة) ولكن ليس هناك الجار ومجروره: ( بربهم....).
ومبرر مجيء الفعل آمن مصحوبا بالجار والمجرور( بربهم)، في آية سورة الكهف، هو تأكيد إيمان الفتية، وتقرير أن إيمانهم بالله نبأ يقيني.
أما مبرر مجيء الفعل آمن غير مصحوب بالجار والمجرور، في آية سورة الأنبياء،
فهو العلم به، والقرينة المعززة لمعنى علم المخاطب بالمحذوف هي الفعل( يرى) المسبوق بالنفي والاستفهام في صدر الآية : ( أو لم ير) فالرؤية المقصودة هنا ليست الرؤية البصرية، بل الرؤية العلمية. وتقدير الكلام بعد رد المحذوف:( أفلا يؤمنون بالله وكتبه ورسله ). إن الفعل واحد ولكن سياق الحدث القولي هو الحاكم فيما يذكر ويحذف من متعلقات هذا الفعل أو ذاك، والمخاطب بالفعل عنصر فعال في كل سياق؛ فالفتية المؤمنون غير القوم الكافرين وما يليق في الحديث عن مؤمن غير ما يليق في الحديث عن كافر.