مينا ميلاد يكتب : تفنيين الإعلام وتوسيط الصحافة المثال الامثل للتقدم في دولة البظرميط

ركن القراء

مينا ميلاد
مينا ميلاد


ظهر في الآونة الأخيرة، ما يعرف إعلاميًا بتفنين الإعلام، فأصبح لكل قناة فضائية فنان ما يذيع برنامجًا، صار هذا النهج المسخ، حتي نزول شبكةُ فضائية كاملةٌ، معتمدة كليًا على سلسلةُ الفنانيين في تقديم كافة برامجها، فتمادى النهج إلي "ممثل" لكل برنامج، ناهيك عن عدم تكافؤ الفرص، أو أن الربح هو الهدف الأول لتلك الفضائيات، وعن انتهاك الخصوصيات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكن يتبقى السؤال، هل كل ما يريده الجمهور يحتاجه !؟ . 


لم ولن أشك ولو مثقال ذرة، أن يتفهم الممثلون "هؤلاء المذيعون ذو الخلفية الفنية" هذا السؤال رغم بساطته، فكل ما يشغل بالهم هو الربح ليس إلا، فأذاعة البرامج بالنسبة لهم وقبلهم اصحاب تلك القنوات الذين يعملون بها، ليست إلا "نحتاية"، لكسب الرزق .

سبق و أن درسنا بالجامعة أن للإعلام أربعةْ عشر وظيفة، ولكن الدراسة غير الواقع الذي نراه الأن، فحاليًا، وظيفة الإعلام الأولى و الأخيرة هي "الترفية"،والمبرر الدائم والذي لا يتغير هو "هذا ما يريده الجمهور"، فأصبح المحتوى فارغ تمامًا، من أي قيمة يمكن للمشاهد أن يستفاد منها، وأي قيمة يمكن أن يستفادها المرء من شخصيةٍ، عملها الأساسى هو "التسلية"!؟.

فبعد أن كان المذيع يستضيف فنان ليشاهدهم المُشاهد، أصبح الفنان يستضيف فنان، ليشاهدهم "المذيع"، ويبقى السؤال الاخير، متي سيُصبح لدينا إعلام هادف ؟، متي سيصبح لدينا إعلام أخباري، تثقيفي ، توجيهي، اجتماعي، تعليمي، إداري، رقابي، إعلاني، ترفيهي، مُستقل ؟ .

وحينما ينتشر الوباء في مجال بعينه، فتكون الجوانب السلبية مصطحبا لمعاونيه، فأول تلك الجوانب هي الصحافة، وأول هذه السلبيات هي الاستقلال، ففي خارج المجال يأتي الكثير من السلبيات أهمها الوسائط أو بما يُعرف بـ "الواسطة"، فتحولت الصحافة من مهنة الدفاع عن الحق، إلي دائرة معارف كبيرة لا تضم وسطها الغرباء، فتجد تلك الاخبار التي تتصدر الصفحات الأولى واحدة، ولكن يظنون الكُتاب أن الحرفية تتلخص في "تغيير عنوان الخبر"، ولكن القالب واحد وأن اختلف الترتيب، فتحولت الصحافة من دفاع عن قضية بعينها تخص الشعوب، إلي ما يُعرف بـ "السبق الصحفي" و الغريب و المضحك حزنًأ، هو نشر نفس الخبر بكل الجرائد في الوقت ذاته.

من وسطتك؟، من الذي أرسلك ؟، أين عملت من قبل ؟، ما هي مصادرك ؟، تلك هي الجمل الشائعة التي تحكم الوسط الصحفي، فأن كنت لا تمتلك تلك الإجابات، فيجب أن تترك المجال، لمن يمتلك تلك الإجوبة، وأن قتلك الأصرار مثلما قتلنى و بدأت في العمل حتي وأن كان بدون مقابل، فأنت مقبل على هدف من أصل هدفين، أن تعمل وتعمل وتعمل لتجمع ما يُعرف بالملف الشخصي، ومن ثم تعمل مرة أخري وتتعرف على شخصيات "وسايط"، وتتبع منهجهم في محاولةٍ منك للتشبث بأي جريدة مشهورة، أو أن تظل فى تلك الجرائد "الصفراء"، حتى يأتي اليوم وتذهب تلك المواقع هبائًا، ويذهب معها عملك وتعبك، وترجع إلي مرحلة ، من وسطتك؟ ، من الذي ارسلك؟ .

وايضًا يأتي السؤال، إلي متي ستظل تلك القاعدة الميؤوس منها ؟، متي سنُفعل قانون الطبيعة "مبداء تكافؤ الفُرص ؟"، متي ستصبح الصحافة سلطة رابعة؟ ، متي ستعمل الصحافة على مراقبة اجهزة الدولة و كشف جوانب التقصير داخلها وليس العكس؟.

قالوا لنا، من ضمن وظائف الصحافة ،الاستطلاع و التحذير والتي تتمثل في نقل المعلومات بشفافية ووضوح دون العبث بالمعلومات، قالوا ايضًا يجب ان تتسم الصحافة بالتكامل و الموضوعية و الوضوح ومراقبة اقطاب الدولة ككل ونشر الإيجابيات اكثر منها السلبيات، فبات الأمر مخطلط علينا الأن، هل ما تعلمناه هو الصواب، ام ما نراه على ارض الواقع هو الصواب ؟.