أحمد متولي يكتب: تخاريف "عم شكشك"

مقالات الرأي

بوابة الفجر


إذا كنت من جيل الثمانينات والتسعينات، فأنت تعلم جيدًا (عم شكشك)، هذا الرجل الذي كان يظهر دائما ببجامته الكستور المعروفة وفي يده منشته وينظر من شباك منزله المطل على الشارع ليشاهد ما يدور في الحي الذي يسكن فيه، ويقوم بأداء صوته الفنان الراحل رأفت فهيم صاحب جملة (فوت علينا بكرة يا سيد.. كوباية مياه يا إبراهيم – وهي أشهر جملة إذاعة على الإطلاق منذ إطلاق الإذاعة المصرية فى عصرها الذهبي)، كنت انتظر (عم شكشك) من العام للعام في موسم رمضان خلال ظهوره في مسلسل الكارتون الشهير (بوجي وطمطم) للمخرج العبقري رحمي، هذا المسلسل الذي كان سببًا في تشكيل وعي مواليد أبناء جيلي وللأسف أصبحنا نترحم على هذه الأيام لأننا لم نجد حلاوتها فى مرور الأيام.

 

للأسف انقطعت رحلة (عم شكشك) برحيل مخرجه العبقري الذي استطاع أن ينقل لنا خبرته في فن تحريك العرائس ويشكل وجداننا بخيوط عرائسه، وعلى الرغم من وجود بعض المحاولات مؤخرًا لإحياء (بوجي وطمطم) بعد رحيل رحمي على شاشات التلفزيون؛ إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل إلى أن استطاع الفنان الشاب مصطفي خاطر أن يحول شخصية (شكشك) من عروسة ماريونت إلي شخصية حقيقية تتفاعل مع الأحداث والمشاكل والمواقف الكوميدية مع الفنان أشرف عبدالباقي على خشبة (مسرح مصر) بأسلوب كوميدي ساخر استطاع (خاطر) أن يضع عليه بصمته وخفة دمه بشكل عصري جعلت المشاهد يرتبط كثيرًا بهذه الشخصية وبشدة وفي وقت قصير، وهذا ما جعل القائمون على (مسرح مصر) يدرسون تكرار ظهور هذه الشخصية في أكثر من مسرحية من مسرحياتهم لشدة تعلق الجمهور بها، وهو سبب مباشر في أن تقوم شبكة MBC بالتعاقد مع الفنان مصطفي خاطر على تسجيل 14 حلقة دفعة واحدة وتحويل شخصية (شكشك) إلى برنامج كوميدي ساخر.

 

(شكشك شو) هو اسم البرنامج الذي اختارته MBC لتنافس به القنوات الفضائية الأخرى خلال خطة برامجها الكوميدية الفترة المقبلة، هذا البرنامج الذي شاهدت منه حلقته الأولي السبت الماضي ولم أخرج منه سوى بمعلومة واحدة وهى أن الفنان مصطفي خاطر صاحب شخصية (عم شكشك) أصبح يعتمد عليه الآن في أن يتصدر اسمه تتر برنامج أو فيلم أو حتي مسلسل من بطولته منفرًا وبعيدًا عن أصدقاءه من أعضاء فريق (مسرح مصر) الذين انتشروا في الوسط الفني وشارك أغلبهم في العديد من المسلسلات والأفلام وأصبحوا نجوم دائمين ومفضلين على موائد البرامج التلفزيونية، وانتهز هذه الفرصة وأعاتب إدارة MBC وفريق (شكشك شو) في أنهم جعلوا شخصية (عم شكشك) حكيم حارة (بوجي وطمطم) الذي أرتبط به الكثير من أبناء جيلي أن يصبح (مبصبصاتي وبتاع ستات) ويتباهى بعلاقاته النسائية الغير شرعية أمام الجميع حتى ولو كانت فى إطار كوميدي ساخر، وتجاهلوا جمعيًا أن الغالبية العظمي من مشاهدي البرنامج من فئة الأطفال.

 

مصطفي خاطر، ممثل عبقري بكل المقاييس، استطاع إثبات نفسه فى (تياترو مصر) وأظهر إمكانياته في (مسرح مصر) وأشاد به الجميع خلال مشاركته في مسلسل (نيللي وشيريهان) للنجمتين دنيا وإيمي سمير غانم خلال رمضان الماضي، و(خاطر) هو صديق عزيز تعرفت عليه خلال فترة الجامعة عندما كان يقود فريق تمثيل كلية آداب جامعة عين شمس في عام 2007 بعدما تخرجت من الجامعة، وكنت وقتها أقوم بعمل تمهيدي ماجستير وذهبت لمشاهدة زملائي هناك فى الفريق، وبالصدفة وجدت بروفة لإحدى المسرحيات التي يقودها (خاطر)، فدخلت فى صمت وذهلت بما شاهدته، وجدته شخص يرتدي فانلة حملات ويربط على رأسه شريطة سوداء فوق بشعره الطويل الناعم ويجسد شخصية تراجيدية تتحدث باللغة العربية فابتسمت بما أراه من إبداع فني وحركي وجسدي لهذا الشخص، فنظر لي مرة واحدة وردد (أنت مين وإيه اللى دخلك هنا وليه بتضحك؟)، فما كان مني إلا أنني اعتذرت وقولت له (أنا اللى شكلي بيضحك على طول أعملك إيه؟).  

 

بعد هذا المشهد بشهور ليست بالقليلة قابلته فى مهرجان المركز الفرنسي بوسط البلد، وبالصدفة شاهدت جزء من مسرحيته الذي كان يشارك بها فى المهرجان وتوقعت أن يفوز بجائزة في هذا المهرجان، وبالفعل حصل وقتها على جائزة أفضل ممثل شاب من المركز الفرنسي ومبلغ مالي مميز – اعتقد 5000 آلاف جنيه، وقابلته بالصدفة بعدها داخل إحدى عربات مترو (المرج – حلون) وسألته على أموال الجائزة فأكد لي بأنه لم يحصل عليها حتى الآن، وشاهدت له مسرحية (شيزلونج) عقب ثورة 2011 وحقق نجاحا مزهلا هو وفريق المخرج محمد الصغير، والذى استغل فكرتهم وقتها الفنان أشرف عبدالباقي وصنع من هذا الفريق الذي كان يقدم عروضه على المسرح الصغير بالمنيل إلى نجوم فى (تياترو مصر) ثم (مسرح مصر)، وتقابلنا بعدها فى كواليس كثيرة من كواليس (مسرح مصر) وفي عروض خاصة لعدد من الأفلام وفي كل مرة أكد له أنه سيصبح من أهم النجوم على الساحة الفنية إذا استمر على تقديم الأفضل.

 

نجومية مصطفي خاطر تذكرني بنجومية الفنان الكبير محمد سعد فلا أحد يستطيع أن يختلف على موهبته، ولكنها نجومية لم يستغلها بشكل جيد فحصرته أموال (السبكي) فى أن يكون ذلك الشخص المعتوه المتشرد المنبوذ من المجتمع فى عدد من الشخصيات مثل (اللمبي، عوكل، بوحة، والحاجة أطاطا) وهو ما جعل قناة MBC تنتج له برنامج (وش السعد) الذى كان بمثابة (وش النحس) عليه وقللت من شعبيته الجماهيرية وأفقدته هيبته أمام نجوم أقل منه في العمر مثل الفنان محمد رمضان، والذي استطاع أن يكون من أهم نجوم الصف الأول فى الوطن العربي وليس مصر فقط فى فترة زمنية قليلة جدًا.

 

نصيحتي لمصطفي خاطر، صديقي قبل ما أوجه له هذه النصيحة كفنان مشهور، هو أن يستغل موهبته فيما يفيد مشواره الفني، ولا يجعل أموال (السبكي) التي حرقت (اللمبي) تطاله وتحرقه نجومية ظهوره فى قناة كبيرة ومشهورة مثل MBC في مط وتطويل شخصية (شكشك) ويسرح في تخاريفها ليجعل منها برنامج (شكشك شو2 و3 و4) وأفلام على شاكلة (عودة عم شكشك)، وسلسلة مسرحيات (شكشك مصر)، وعندما يفقد قاعدته الجماهيرية تمامًا كمهرج في شخصية (شكشك) سيعيد البحث عن نفسه مرة أخري ولكن هذه المرة كممثل وكفنان موهوب حتى ولو في دور ثاني أو سنيد فى فيلم أمام شخص أكثر ذكاءً مثل محمد رمضان.  

 

للتواصل مع الكاتب Ahmed Ramadan