كابوس الهجان الذى يوقظ إسرائيل منذ 30 عاماً

العدد الأسبوعي

رفعت الجمال
رفعت الجمال


خبراء إسرائيليون يفضحون كذب عمالته المزدوجة ويؤكدون: ولاؤه كان لمصر

■ «ميلمان»: من الصعب تعاون «رأفت» مع تل أبيب.. والعميل المزدوج عادة يخون الطرف الثانى

قبل حوالى 29 عاماً، وتحديداً فى 16 أبريل عام 1988، والذى وافق أول أيام شهر رمضان، بدأ التليفزيون المصرى فى عرض حلقات المسلسل الشهير «رأفت الهجان» الذى اعتمدت أحداثه على ملفات المخابرات العامة المصرية، عن قصة شاب مصرى تمت زراعته من قبل مصر فى إسرائيل نهاية الخمسينيات، ليكون عين للمخابرات هناك.

المسلسل لقى استحساناً كبيراً لدى المشاهدين فى مصر والدول العربية، وأحدث حالة من الفزع لدى الإسرائيليين، وخرجت تساؤلات حول شخصية هذا المصرى الذى خدع اليهود ببساطة واكتفى الإعلام الإسرائيلى وقتئذ بمحاولة التقليل من شأن الهجان، وزعم أنه شخص من خيال المؤلف صالح مرسى.

ومع عرض حلقات الجزء الثانى لـ«رأفت الهجان» عام 1990، بدأت الصحف الإسرائيلية فى إثارة القضية من جديد باهتمام أكبر خاصة مع إبراز المسلسل لأهمية شخصية الهجان داخل المجتمع الإسرائيلى، والعروض التى تلقاها بتولى مناصب حساسة داخل إسرائيل، ورئاسة أحد الأحزاب والحصول على عضوية الكنيست، إلى جانب علاقته الوطيدة برئيسة الوزراء الإسرائيلية، جولدا مائير، ووزير الدفاع موشيه ديان.

ومع زيادة شكوك الإسرائيليين، فى كفاءة أجهزتهم الأمنية، تم الكشف عن شخصية «الهجان» لأول مرة فى الصحف الإسرائيلية، وادعى مسئول بالجيش الإسرائيلى، أن اسم الهجان الحقيقى هو «جاك بيتون»، وأن المخابرات الإسرائيلية كشفته بعد وصوله لإسرائيل بفترة قصيرة، وعمل عميلاً مزدوجاً لصالح تل أبيب.

وزعم أحد الخبراء النفسيين الإسرائيليين، أن بقاء الهجان فى إسرائيل 17 عاماً كاملة من 1956 لـ 1973، أمر لا يمكن أن يتحمله أى جاسوس، حيث لا يمكن لعملاء المخابرات تحمل الضغط النفسى جراء العمل أكثر من 6 سنوات، ما يعنى أن «الهجان» كان يعمل وسط أجواء هادئة، جاءت نتيجة التنسيق بينه وبين المخابرات الإسرائيلية حول المعلومات التى كان يرسلها إلى مصر، وزعم كاتب آخر عام 1994، أنه لو أن «الهجان «بطل قومى، لمنحت مصر جنسيتها لابنه دانيال.

ومؤخراً نشرت صحيفة هاآرتس تقريراً يزعم أن المخابرات الإسرائيلية، استغلت «جاك بيتون» وطُلبت منه إبلاغ مصر أن إسرائيل لا تنوى استهداف سلاح الجو المصرى خلال حرب 1967، واعتبرت الصحيفة أن المعلومات المضللة التى نقلها الهجان لمصر، أسهمت كثيراً فى هزيمة المصريين فى الحرب .

رغم الأكاذيب الإسرائيلية المتواصلة التى لم تتوقف حتى اليوم، حول شخصية «الهجان» إلا أن بعض الروايات الإسرائيلية شككت أيضاً فى مدى ولائه لإسرائيل، حيث قال رئيس الموساد الأسبق، إيسر هارئيل، «إن السلطات الإسرائيلية كانت تشعر وقتها باختراق قوى فى قمة جهاز الأمن الإسرائيلى، لكننا رغم ذلك لم نشك مطلقاً فى جاك بيتون»، كما رفض المحللان، إيتان هابر و«يوسى ميمان، فى كتابهما «الجواسيس» فكرة عمالة «جاك بيتون» لإسرائيل مؤكدين أنه كان جاسوساً مصرياً خالصاً.

وقبل عشرة أعوام تدخلت أجهزة الشاباك والموساد، لمنع إصدار كتاب عن رأفت الهجان يحمل عنوان «لدغة النحلة _قصة عميل مزدوج»، بحجة احتوائه على معلومات مغلوطة وطالبت بإدخال تعديلات عليه، لأنه يقول إن ولاء الهجان كان لمصر فقط.

أما التأكيد على ولاء الهجان فى مصر فجاء على لسان زوجته «فالتراود بيتون»، أرملة البطل المصرى «رأفت الهجان»، والتى أكدت قبل سنوات أن زوجها هو من تسبب فى الإيقاع بالعميل الإسرائيلى إيلى كوهين والذى وصل إلى منصب رفيع فى سوريا حيث تعرف الهجان عليه وعندما شاهد صورته بجريدة عربية، وهو بصحبة ضباط سوريين يتفقدون أحد الحصون العسكرية على هضبة الجولان، حيث أبلغ المخابرات المصرية فوراً، بأن «كامل أمين ثابت»، هو الجاسوس «إيلى كوهين» وبدورها نقلت المخابرات المصرية الأمر للمخابرات السورية التى قبضت على كوهين، وصدر وقتئذ حكم بإعدامه فى ساحة المرجة بدمشق فى 18 مايو عام 1965.

أدت هذه الرواية إلى تشكك الكاتب الإسرائيلى، خبير الشئون العربية بصحيفة هاآرتس»، يوسى ميلمان»، فى ولاء « الهجان لإسرائيل، وقال نصاً «إنه من ا لصعب أن يكون «جاك بيتون عميلاً مزدوجاً، لأنه من المعروف أيضاً أن جعل العميل مزدوجاً.