إبراهيم عياد يكت :: حَنِينُ الذِّكْرَياتِ (1)

ركن القراء

إبراهيم عياد
إبراهيم عياد


"سِيرَةُ حَياةٍ لَمْ تَكْتَمِلْ"
لماذا تَتَلَذَّذُ النُّفوس بالغَوْص في أعماقِ الماضي؟!
بَين غُصَّةِ الواقِع وخوفِ المستقبل، يظَلُّ الماضي بكل أحداثِه مِنطقةَ أمانٍ لهذه النُّفوسِ القَلِقَةِ، تتلذذ بسَردِ ما تعرضت له من أحداثٍ رُبَّما أسعدتها حينا أو أحزنتها أحيانا، وحقيقة الأمر أنَّ ما أسْعدَنا مرّ مُرور الكِرام، وَبَقي في النَّفْس شيءٌ من طَيْفه، وما أحزننا مرّ أيضًا، وبَقي في النَّفس شيءٌ من حيْفه.
وشتَّان أن تَسترْجع أحْداثا أنت الفاعلُ لها، وأحداثا أُخرى لم يكن لك منها مَحْضُ اختيار، والآن سيعود بالذاكرة قَدْرَ عُمْره، ليسترجع شيئا من حنين هذه الذكريات.
حقا لا يعرف متى كان ميلاه بالتمام؟ فأمه تَرْوِي أنه وُلِد في فجر يوم الرابع والعشرين من شهر أكتوبر، وتقول إنه وافق شهر ربيع الأوَّل، ولكن قَيْده في السِّجلات قد تأخر، فقُيِّد مع ابن خالة له يَصْغُرُه بشهرين أو أكثر، وذلك في ذِكرى عيد الميلاد المَجيد في السابع من يناير، وكأنّه قد جَمَع بهذا بين مَولدِ المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ومَوْلدِ المسيح -عليه السَّلام-.
نَشَأ في أُسرةٍ بسيطة في إحْدى الحارات القديمة، في بيت قديم قد بُنِيَ بالطوب اللبن، تحكى أركانُه قصصا لشخصيات مَرَّت عليه وذَهَبت وبقي هو حتّى الآن، ومازال يتذَكَّر كلَّ مَوضع فيه بحركاته وسكناته، بأفراحِه وأتراحِه، ويبقى في القلبِ حنينُ الذكريات...