الخروف العثمانى فى الفخ الأوروبى

العدد الأسبوعي

أردوغان، رئيس تركيا
أردوغان، رئيس تركيا


■ هولندا وألمانيا تمنعان اجتماعات لحث الأتراك على التصويت على تعديلات أردوغان للدستور التركى


تشهد العلاقات التركية - الأوروبية سلسلة من الخلافات على نحو يؤكد أن العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين فى طريقها لحرب سياسية قد تستمر طويلا خاصة مع صعود تيار اليمين المتطرف فى أوروبا، والرافض بقوة الأحلام التركية بالانضمام للاتحاد الأوروبى وهى الأحلام التى تحولت إلى سراب بعد سنوات حكم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.

بدأت الخلافات عندما رفضت السلطات الهولندية السماح لطائرة وزير خارجية تركيا، مولود جاويش، بالهبوط فى مطار امستردام، حيث كان جاويش يعتزم لقاء الجالية التركية فى هولندا، كما منعت السلطات الهولندية وزيرة الأسرة والسياسة الاجتماعية، فاطمة بتول سايان كايا، من الدخول إلى المدينة أيضاً، فى المقابل توعد الجانب التركى باتخاذ إجراءات صارمة ضد هولندا.

السلطات الهولندية أوضحت أنها اتخذت هذه الإجراءات، لأن زيارات المسئولين الأتراك تعكر النظام العام، وأنها كانت تتوقع ردود الأفعال هذه، حيث سبق وأعلن رئيس وزراء هولندا، مارك روته، عن تعزيز الإجراءات الأمنية بسبب زيارة جاويش أوغلو، موضحاً أن مثل هذه اللقاءات غير محبذة فى هولندا، وأن المقصود ليس زيارته إلى هولندا، فهو يمكنه زيارة المتاحف أو مشاتل الزهور، لكننا لا نريد أن يعقد أى اجتماعات.

ويبدو أن السلطات الهولندية ترفض مثل هذه اللقاءات التى تجمع بين مسئولى تركيا وبين الجالية التركية على أراضيها.

وتجدر الإشارة إلى أن الوزير التركى كان ينوى الاجتماع بالجالية التركية بمناسبة الاستفتاء المقرر على الدستور الجديد لتركيا فى 16 إبريل المقبل والذى ستوسع بنتيجته صلاحيات الرئيس أردوغان.

وأثارت هذه الإجراءات غضب أنقرة وخرجت سلسلة من التصريحات النارية التى تطالب هولندا بتقديم اعتذار رسمى، ومن جانبه، أعلن رئيس الحكومة الهولندية أن «أى تصعيد للأزمة سنرد عليه، ولكننا سنبذل كل ما فى وسعنا من أجل تخفيف التوتر».

وأمام الهدوء الهولندى، صعدت أنقرة الموقف وطلبت الخارجية التركية من السفير الهولندى الموجود حالياً خارج تركيا عدم العودة إلى عمله، وتم وضع مقر إقامته فى أنقرة والقنصلية الهولندية فى اسطنبول تحت حراسة مشددة.

على ناحية أخرى شهدت العلاقات الألمانية التركية بدورها توتراً مماثلاً عندما قال الرئيس التركى أردوغان إن ألمانيا لجأت إلى ممارسات نازية عقب إلغاء مدن ألمانية فعاليات لبعض وزرائه كانت تهدف لحث الأتراك على تأييد التعديلات الدستورية المزمع الاستفتاء عليها الشهر المقبل من أجل توسيع صلاحيات الرئيس التركى.

وألغت مدينة هامبورج تجمعاً كان من المفترض أن يلتقى فيه وزير الخارجية التركى مولود جاويش بمواطنيه هناك وحثهم على تأييد التعديلات الدستورية. وجاء الإعلان عن إلغاء فعالية جاويش، بهامبورج عقب منع ولايتى بادن فورتمبرج، وشمالى الراين فعاليتين متشابهتين، لوزيرى العدل والاقتصاد التركيين، ومطالبة تيارات سياسية ألمانية حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، بإعلان رفضها مشاركة أردوغان بفعاليات انتخابية بالبلاد.

ورد شتيقان زايبرت، المتحدث باسم ميركل، على هذه الدعوات، بقوله إن برلين لم تتلق أى إخطار رسمى من أردوغان برغبته فى الحضور لألمانيا، وعلق زايبرت على إلغاء فعاليتى الوزيرين التركيين قائلاً إن هذه الفعاليات ترتبط بحريات التعبير عن الرأى والتجمع السارية على الجميع، وتخضع للتقديرات الأمنية للسلطات المحلية.

وقررت الدنمارك التضامن مع هولندا وألمانيا ورفضت بشكل غير مباشر استقبال رئيس الوزراء التركى، واقترح رئيس وزراء الدنمارك، لارس لوكه راسموسن، تأجيل زيارة مقررة يقوم بها رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم، هذا الشهر، بسبب الخلاف الدبلوماسى بين تركيا وهولندا.

من جانبها رفضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تصريحات أردوغان ضد هولندا ووصفه لها بالنازية والفاشية وقالت إن ألمانيا ترفض تماماً أى مقارنات أخرى مع «الحزب النازي» تصدر عن الرئيس التركى. وفى السياق نفسه قال وزير الخارجية الفرنسى، جان مارى إيرو، إن ذكر الرئيس التركى للنازية والفاشية خلال خلاف دبلوماسى مع هولندا، أمر غير مقبول.

ودخلت المنظمات الأوروبية على الخط، وصرحت المفوضية الأوروبية، بأن الاتحاد الأوروبى سيقوم بتقييم التعديلات الدستورية التركية فى ضوء وضع تركيا كدولة مرشحة للانضمام إلى عضوية التكتل.

أما الأمين العام لحلف شمال الأطلسى، «ناتو»، ينس ستولتنبرج فوجه دعوة لتركيا وهولندا لنزع فتيل الخلاف المتفاقم بينهما، وقال ستولتنبرج: «النقاش القوى هو فى صلب أنظمتنا الديمقراطية وكذلك الاحترام المتبادل، أحث كل الحلفاء على إظهار الاحترام المتبادل والتزام الهدوء».

يعكس هذا الخلاف الدبلوماسى المتصاعد الأزمة التركية التى يلعب بطولتها الرئيس التركى الذى وصفه الصحفى البريطانى ديفيد بلير، كبير المراسلين الغربيين فى صحيفة إكسبرس البريطانية بأنه شخص انتقامى، سريع الغضب وديكتاتور، ولأول مرة يجد زعماء القارة الأوروبية أنفسهم فى مواجهة مباشر مع هذه الصفات للرئيس التركى.