حكايات "أبو السعود الإبيارى" .. فوجئ بمنع "البوسطجية اشتكوا" خوفاً من عبدالناصر

أبو السعود الإبيارى لا يحتاج لمقال واحد بل لمئات المقالات ، فلم يكن مجرد سيناريست إنما حمل عدة مواهب، فكان شاعراً ومؤلفا سينمائياً، ومخرجاً وصاحب فرقة مسرحية، والحديث عن أعماله وأفلامه ومسرحياته يحتاج إلى كتب ومقالات، التقيت منذ فترة بحفيده د.عمر الإبيارى أستاذ بكلية الإعلام بإحدى الجامعات، وكشف عن مجموعة من الوثائق النادرة، وأوراق بخط يد جده السيناريست الكبير الراحل أبو السعود الإبيارى، نحكى خلال السطور التالية عنها.

بعدما كون أبو السعود الإبيارى فرقة مسرحية مع صديقه الفنان إسماعيل يس، اتفقا على إرسال مبلغ حوالى 2000 جنيه مصرى إلى القوات المسلحة للمساعدة فى تسليح الجيش المصرى فما كان من الرئيس عبد الناصر وكان وقتها رئيساً لمجلس الوزراء إلا إرسال خطاب شكر لهما على تلك المساعدة، موقعا من رئاسة مجلس الوزراء.

لم يكن أبو السعود الإبيارى مجرد سيناريست فقط بل كان شاعرا، وكتب العديد من الأغنيات الشهيرة والمهمة مثل أغنية « البوسطجية اشتكوا» التى غنتها رجاء عبده، ولحنها الموسيقار عبد الوهاب وحققت نجاحاً كبيراً، والغريب فى الأمر أن تلك الأغنية فوجئ بمنعها من الإذاعة المصرية، وعلم بعد فترة أن مسئولى الإذاعة قلقوا من أن تكون بها إهانة للرئيس عبد الناصر لأن والده كان يعمل بوسطجيا فتم منعها.

وبمناسبة الأغانى وكتابتها لا يعلم كثير من الناس أن الأغنية الشهيرة «يا رايحين للنبى الغالي»، التى غنتها الفنانة الكبيرة ليلى مراد فى أحد أفلامها هى من كلمات أبو السعود الإبيارى وفى الصور المرفقة بالموضوع مخطوط بخط يده يؤكد ذلك، وينشر لأول مرة، وحكى د.عمر حفيد الإبيارى قائلاً: إن الفيلم من إنتاج أنور وجدى، ولم يكن يهوى كتابة تفاصيل كثيرة على التيترات لذا كتب كلمات الأغانى فتحى قورة، فحسبت له كل أغانى الفيلم، لكن فى إذاعة الأغانى هذه الأغنية مسجلة باسم الإبيارى.

حدث خلاف كبير بينه وبين الفنان الكبير أنور وجدى، بسبب تعمده حذف اسمه فى أعمال كثيرة، وتدخله بشكل كبير ومبالغ فيه، لكن الصدمة الكبرى كانت بعد عرض فيلم «قلبى دليلى»، وفوجئ بحذف اسمه من تيترات وأفيشات الفيلم ، وربما يعد هذا الفيلم هو الوحيد الذى عرض بدون اسم مؤلف بسبب رغبة أنور وجدى فى الاستحواذ على كل شيء، وحدثت خناقة كبيرة بينه وبين وجدى وأنقذته ليلى مراد.

هناك أكثر من فيلم تم عرضه بعد وفاة السيناريست الكبير أبو السعود الإبيارى، وأشهر هذه الأفلام «البحث عن فضيحة»، لعادل إمام وسمير صبرى وميرفت أمين والسيناريو والحوار لفاروق صبرى، ويقول حفيده إن هناك فيلماً آخر هو «زوجة وخمس رجال» تم عرضه بعد وفاته بحوالى سنة تقريبا وكان من بطولة النجمة الكبيرة ماجدة.

لا أحد يعلم أن الفنانة الكبيرة سعاد حسنى وافقت على تقديم مسرحية وحيدة من أجل عيون أبو السعود الإبيارى وكانت صديقته المقربة واتفقا معاً على مسرحية معينة، فى مطلع سنة 1969 لكن القدر لم يمهله لاستكمال المشروع وتوفى فى مارس فى نفس العام، ورفضت بعدها سعاد تقديم أى عروض مسرحية.

لا أحد يعلم فى الوسط الفنى أن السيناريست أبو السعود الإبيارى هو الذى اكتشف لبلبة وقدمها للجمهور وكان اسمها «نونيا» وحينما قدمها لأنور وجدى وجد أنها «بتتكلم كتير» لذا أطلق عليها اسم «لبلبة» وأصبح هذا الاسم هو اسمها الفنى الذى عرفها به الجمهور.

هناك سر وراء كتابة أبو السعود الإبيارى لأغنية قالوا البياض أحلى ولا السمار أحلى وتغنت بها سعاد محمد فى أحد أفلامها، وكشف حفيد الإبيارى هذا الأمر قائلا: «جدى كتب كلمات تلك الأغنية لأنه كانت إحدى عماتى بيضاء البشرة والأخرى سمراء لذا كتب تلك الأغنية خصيصا لهما وتلك المعلومة لا يعرفها أحد سوانا فى العائلة».

وتابع حفيد الإبيارى أن جده كاد أن يفقد حياته عندما غضب أهالى شارع محمد على منه لأنه كشف تفاصيل حياتهم اليومية فى هذا الفيلم، وكانت هذه التفاصيل تعرض لأول مرة على شاشة السينما، وقيل وقتها أنه نجا من محاولة الاغتيال التى كانت مدبرة من أهالى الحى وكان معه المخرج الشهير نيازى مصطفى وهذا الفيلم لعب بطولته عبد الغنى السيد.

يقول عمر الإبيارى إن جده حسبما حكى له والده أن فيلم «فاطمة وماريكا وراشيل» الذى لعب بطولته كل من محمد فوزى ومديحة يسرى وإسماعيل يس ، كان الأقرب لقلبه ويحبه بشكل خاص، لذا قام بإعادة كتابة قصته مرة أخرى من خلال فيلم «هارب من الزواج» الذى لعب بطولته فؤاد المهندس وشويكار بعد مرور 10 سنوات من فيلمه الأول.

نفى الدكتور عمر الإبيارى حدوث أى خلاف بين جده وبين الفنان الكبير الراحل إسماعيل يس كما تردد فى وقت من الأوقات بعد انفصالهما مسرحياً مؤكداً أن هذا الكلام غير حقيقى بالمرة، لكن سر الانفصال هول إصابة الفنان إسماعيل يس بمرض « النقرص» وحاول البعض الوقيعة بينهما وقتها وقالوا لإسماعيل يس إن أبو السعود الإبيارى» فض الفرقة لأنك مريض لكن صداقتهما كانت أقوى، والدليل استعان إسماعيل يس بعد سفره إلى الشام بعدها بمسرحيات جدى لتقديمها على المسارح هناك ووقتها قال له جدى « أنا مش عايز منك فلوس يا إسماعيل اللى يجيلك حلال عليك».

لقصة زواج أبو السعود الإبيارى من زوجته فاطمة وأم أولاده قصة طريفة جدا، حيث كان يسكن فى باب الشعرية بينما تسكن هى فى حى الضاهر، ويروى عمر تفاصيل القصة قائلاً: «إن جده كان يحب شقيقة جدته فى البداية وتقدم لها لكنها رفضته لأنها لم تكن تحبه، ووقتها حينما رأى شقيقتها الصغرى فاطمة قال لوالدها «أنت عندك بنت أحلى من اللى جاى أخطبها أنا عايز أتجوز التانية فقال أحسن لأن الأولى» ما كانتش موافقة عليك»، وبالفعل تزوج شقيقتها الصغرى وكانت الزوجة الوحيدة وظلت معه حتى وفاته.