هل ينتقم شيخ الأزهر ويرد الإهانة لبابا الفاتيكان؟

العدد الأسبوعي

شيخ الأزهر فى مكتب
شيخ الأزهر فى مكتب البابا فرانسيس


أجلسوا الطيب على كرسى صغير بجوار مكتب فرنسيس


لا يختلف اثنان على أهمية زيارة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، لمصر فى إبريل المقبل، بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولا يمكن أن نجهل أن زيارة الرجل تعطى انطباعاً سياسياً ودبلوماسياً إيجابياً كبيراً لصالح تعزيز مكانة مصر العالمية، لأنه أكبر رجل دين فى العالم كله.

خبر الزيارة تصدر وكالات الأنباء والمحطات الإخبارية العالمية والدولية حول العالم والتى تسابقت لإعداد تقارير عن الزيارة وأهميتها لمصر خصوصاً أن الرجل سيقضى 3 أيام كاملة فى القاهرة، وسيلتقى خلالها الرئيس وسيزور مشيخة الأزهر للقاء الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وسيزور أيضاً الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ويلتقى البابا تواضروس الثانى، رأس الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، بجانب لقاء الكاثوليك المصريين فى استاد القاهرة.

بابا الفاتيكان يعرف القائمين على صنع القرار السياسى والدينى فى مصر حيث سبق له واستقبل الرئيس السيسى فى الفاتيكان، وتكرر الأمر مع شيخ الأزهر الذى زار الفاتيكان فى لقاء اعتبره البعض قمة تجمع أكبر شخصيتين دينيتين فى العالمين الإسلامى والمسيحى، ولكن اللقاء المرتقب يتضمن ألغاما وملاحظات .


1- مواقف شيخ الأزهر

نختلف مع الدكتور أحمد الطيب أحياناً ونتفق معه أحياناً أخرى، باعتباره شيخاً للأزهر وشخصية عامة، ولا يوجد فى الأمر مسألة شخصية، لأنه يحظى رغم الاختلاف معه باحترامنا له شخصياً للمؤسسة التى يترأسها، ونشير إلى أنه اتخذ مواقف فى الماضى، تحسب للأزهر مكانته فى مواجهة الفاتيكان، منها تجميد الحوار بين الطرفين منذ 2011 وحتى فترة قليلة ماضية، بسبب الإهانات المتكررة للإسلام من جانب البابا السابق بنديكت، على خلفية تفجير قنبلة خارج كنيسة بالإسكندرية أسفر عن استشهاد 23 من الأقباط والمسلمين، حيث وصف البابا بنديكت الحادث بأنه استراتيجية للعنف تتخذ المسيحيين هدفاً.

لكن منذ تنصيب البابا فرنسيس فى عام 2013، كان بداية لتحسين العلاقات مع الأزهر، حيث قال تعليقاً على بعض الحوادث الإرهابية بأنها لا علاقة لها بالإسلام، وأنه لا يجب الربط بينه وبين العنف وعمل على إعادة الحوار مع الأزهر وتجلى ذلك فى زيارة شيخ الأزهر للفاتيكان.


2- استقبال بابا الفاتيكان فى مشيخة الأزهر

ينتظر الجميع تفاصيل زيارة بابا الفاتيكان وكيفية استقباله فى مشيخة الأزهر خصوصا بعد الصورة الشهيرة التى جمعت فرنسيس والطيب فى الفاتيكان والتى اعتبرها كثيرون رسالة واضحة موجهة للطيب والإسلام والمسلمين، وهو جلوس البابا على كرسيه الباباوى الكبير، فى مكتبه، فيما جلس شيخ الأزهر، أكبر مؤسسة معبرة عن المسلمين السنة، على كرسى أصغر بكثير من كرسى فرنسيس، وبجوار مكتب البابا، ولم يجلسا على كرسيين متساويين ووجهاً لوجه، فى إشارة إلى أنهما غير متساويين فى القيمة والمقام.

الرسالة كانت مقصودة ومفهومة بأن البابا فرنسيس يقول لشيخ الأزهر إنه أكبر وأقوى إذ يخضع لسلطته مئات الملايين من معتنقى المذهب الكاثوليكى فيما لا يستطيع أحد أن يصف الطيب بنفس الوصف رغم وجود ما يزيد على مليار مسلم أغلبيتهم الساحقة من السنة، إذ إن الجمعيات والمؤسسات الإسلامية فى أوروبا تعبر عن مسلميها وتتحدث باسمهم وتقودهم بعيداً عن الأزهر والطيب، ويسيطر الفكر الوهابى على دول الخليج العربى، وتسيطر الطرق الصوفية التركية على الحركات الصوفية فى آسيا الصغرى وكذلك الوضع فى بلاد الشرق مثل تايوان وإندونيسيا، على عكس بابا الفاتيكان التى يقع تحت رايته كل الكاثوليك فى العالم المسيحى.

إذن كيف يستقبل الطيب بابا الفاتيكان فى القاهرة، هل يرد له الإهانة التى لاقاها فى روما، وفقاً لمعلوماتنا فإن شيخ الأزهر لم يستقبل أحدا فى مكتبه الخاص على مدار السنوات السبع التى قضاها فى المشيخة، حيث يستقبل ضيوفه فى صالة الاستقبال الكبرى ويجلس الجميع على المائدة الكبيرة المخصصة لذلك ويجلس الطيب ومعه عدد من أعضاء هيئة كبار العلماء ومشايخ مجمع البحوث الإسلامية، مع الطيب والوفد المرافق له وفى حال التقاط الصور التذكارية يجلس الطيب وضيفه فى الإنتريه المخصص لذلك ومع جميع أعضاء الوفدين.


3- المؤتمر الدولى للسلام

خلال القمة التى استضافها المقر البابوى فى روما اتفق شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان على عقد مؤتمر عالمى للسلام واستئناف الحوار بين الجانبين، وأكد الطيب، أن هناك حاجة إلى مواقف مشتركة من الطرفين يدًا بيد من أجل إسعاد البشرية، لأن الأديان السماوية لم تنزل إلا لإسعاد الناس لا إشقاءهم مشيراً إلى أن الأزهر يعمل بكافة هيئاته على نشر وسطية الإسلام ويبذل جهوداً حثيثة من خلال علمائه المنتشرين فى كل العالم من أجل إشاعة السلام وترسيخ السلام والحوار ومواجهة الفكر المتطرف، وأن لديهم مع مجلس حكماء المسلمين قوافل سلام تجوب العالم.

من جهته أكد بابا الفاتيكان، أن الهدف من اللقاء هو إبلاغ الجميع برسالة مشتركة عنوانها «السلام والتسامح والحوار الهادف»، وأنه يقع على الأزهر والفاتيكان عبء كبير فى إسعاد البشرية ومحاربة الفقر والجهل والمرض، مشيداً بدور الأزهر فى نشر ثقافة السلام والتعايش المشترك وجهوده فى مواجهة الفكر المنحرف.

اللقاء الذى يجمع بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان فى القاهرة، من المحتمل أن يتم الإعلان فيه عن تدشين عهد جديد بعنوان «نبذ كل أنواع الغلو والتشدد والتعصب والفكر الظلامى المتطرف»، فى إشارة لاستعادة المؤسستين الأكبر فى العالم رمزيتهما بالتسامح والحوار، فاللقاء رسالة تسامح مزدوجة، تعبر من وجهة نظر شيخ الأزهر عن ضرورة تغيير نظرة الدول الغربية للمسلمين والإسلام، وحض المسلمين على الاندماج فى مجتمعاتهم الغربية.

ومن المؤكد أن اللقاء سيخرج بنتيجة مهمة لكل من مسلمى ومسيحيى العالم مؤداها تبنى خطاب دينى مشترك فى مواجهة التطرف وبسط قيم التسامح بين الشعوب والثقافات.،خاصة فى ظل ما يموج به عالمنا اليوم من صراعات وإرهاب يتخفى وراء ستار الدين، خلف وراءه صورا من المعاناة الإنسانية التى لا يوجد مثيل لها فى التاريخ المعاصر.