برضا الحكومة.. 3 شركات عربية تهدر ثروة مصر المائية بتصدير "البرسيم" لدول خليجية

تقارير وحوارات

المياه الجوفية في
المياه الجوفية في شرق العوينات

على مسافة 365 كم جنوب القاهرة، تحديدًا في شرق العوينات بمركز الداخلة بالوادي الجديد، شرع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، في فتح استثمارات جديدة على غرار مشروع توشكى، بعدما أثبتت الدراسات وجود خزان جوفي ضخم يمكن استغلاله في حدود الآمان لمدة 100 عام، تهافت عدد من مستثمري الخليج على الأرض لاستغلال المياه الموجودة هناك، في ظل ندرتها بدولهم، ووقعوا العقود مع هيئة التعمير والتنمية الزراعية.

نصت العقود على تحديد المقنن المائي لكل فدان بشرط ألا يزيد عن 15 مترًا مكعبًا للفدان الواحد في اليوم وبمعدل سنوي 5000 متر مكعب للفدان، وأن لكل مستثمر الحق في زراعة 5% بالبرسيم من المساحة بشرط وجود إنتاج حيواني بالمشروع، وذلك إعمالاً لنص المادة 64 من قانون الري والصرف رقم 12 لسنة 1984، التي تلزم بحصة سنوية من المياه لا تتجاوز 5 آلاف متر مكعب للفدان حفاظًا على مخزون البلاد من المياه الجوفية، لكنها ظلت حبرًا على ورق طوال تلك السنوات، وتعاملت الحكومات المتعاقبة مع الشركات العربية بالأسلوب العاطفي، متجاهلة القانون، تحت زعم "هروب الاستثمارات".

عامل بالشركات المخالفة: كويتي وإماراتي وسعودي هم من يزرعون البرسيم الحجازي فوق الحد الأقصى

المهندس "م. ع"، أحد العاملين بالشركات التي تتعدى الحد القانوني في زراعة البرسيم الحجازي، قال إن البرسيم الحجازي من المحاصيل التي تستهلك مياه كثيرة, وأي شركة استثمارية لها نسبة 5% لزراعته من مساحتها الإجمالية.

وأضاف أن "ذلك القانون على الورق بس، وأي شركة بتزرع أكتر من نصف المساحة عندها برسيم، وطبعا ده مخالف وكلنا عارفين أنه مخالف، والحكومة عارفة أنه مخالف"، محذرًا بقوله: "البرسيم بيتزرع ويتصدر لدول الخليج، وإحنا اللي هيرجع لينا إيه غير أن المياه تخلص".

عامل: "سألنا الشركات إنتوا بتزرعوا بالكميات دي ليه يقولوا لينا ملكمش دعوة إحنا مظبطين"

فيما ذكر "م. ع" أيضًا، أحد العاملين بشركات شرق العوينات، أن 3 شركات عربية هي من تتعدى الحد القانوني لزراعة البرسيم الحجازي، جنسياتهم "كويتية وإماراتية وسعودية"، لافتًا إلى أن تلك الشركات تزرع البرسيم في شرق العوينات بكميات ضخمة، وتصدره في صورة "علف جاف للحيوان"، قائلًا: "يعني نعطش ونجوع علشان خاطر الحيونات في دول الخليج تاكل".

وحول وجود أي من مسؤولي الري أو الزراعة لمتابعة تلك الشركات ومنع إهدار الخزان الجوفي لمصر، أكد أنه لم يشاهد أحد من المسؤولين أو مهندسي الإدارات الزراعية أو إدارة الري في مواقع تلك الشركات بشرق العوينات على مدار عمله طوال ما يقرب من 9 سنوات"، كاشفًا عن مفاجأة بقوله، "سألنا الشركات إنتوا ليه بتزرعوا بالكميات دي يقولوا لينا ملكمش دعوة إحنا مظبطين"، مناشدًا الحكومة بالتحرك لوقف نزيف إهدار ثروة مصر المائية.

باحث زراعي: المستثمرون العرب يصدرون البرسيم الحجازي لدول خليجية في صورة "علف جاف للحيوان"

وأكد الباحث الزراعي أحمد حنفي، رئيس اتحاد تنمية مصر، أن المستثمرين يصدرون المياه في صورة برسيم حجازي مجفف بأسعار زهيدة لا تتناسب أبدًا مع قيمة المياه، لافتًا إلى أن كمية المياه التي يستهلكها فدان برسيم حجازي قادرة على زراعة 5 أفدنة قمح.

وقال "حنفي"، لـ"الفجر"، إن هؤلاء المستثمرين لا يجرؤون زراعة البرسيم الحجازي في بلادهم لعلمهم التام أن البرسيم الحجازي يعتبر من مصادر الاستنزاف الجائر للمياه، مطالبًا بمحاسبة جميع المسؤولين عن تقصيرهم وتفريطهم في استنزاف الخزان الجوفي، والذي يعد أمنًا مائيًا قوميًا للأجيال القادمة.

وكشف رئيس اتحاد تنمية مصر، أن استثمارات البرسيم الحجازي للتصدير أكثر من الخضار والفاكهة، مناشدًا الرئيس عبدالفتاح السيسي بضرورة فتح ملفات الفساد بشرق العوينات.

"الري" تلقي بالمسؤولية على "الزراعة" في مخالفة الشركات لحصتها في البرسيم الحجازي

فيما حمًّل الدكتور سامح صقر، رئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة الري، مسؤولية زراعة البرسيم الحجازي في شرق العوينات لوزارة الزراعة، لافتًا إلى أن هناك لجنة مشتركة من الزراعة والري والقوات المسلحة ومحافظة الوادي الجديد لمتابعة عملية الزراعات في شرق العوينات.

وشدد "صقر"، لـ"الفجر"، على أن المساحة المنزرعة من البرسيم الحجازي هي 3.1% من نسبة الزراعات في شرق العوينات, كاشفًا أن "شركة واحدة فقط تعدت نسبة الـ5%، وتحرير غرامات تبديد مياه للشركة المخالفة، وأنه وجه إنذارا لتلك الشركة، لكن الأرض التي يزرع بها البرسيم هي ضمن 100 ألف فدان مسؤولية وزارة الزراعة، وليس لنا شأن بالأمر".

وأكد رئيس قطاع المياه الجوفية، أن الأزمة الحقيقية في تصدير البرسيم الحجازي لعدد من الدول العربية، قائلًا إن المسؤولية هنا تقع على وزارة الزراعة، التي يجب عليها اتخاذ إجراءات صارمة تجاه الشركات المخالفة.

نائب: طالبنا الوزير بوقف زراعة البرسيم بتلك المساحات الشاسعة.. وسننهي الأمر مع المستثمرين خلال شهر

وحاولت  "الفجر" التواصل مع مسؤولين بوزارة الزراعة، دون رد، فيما قال النائب رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة والرى بالبرلمان، إن المجلس عقد جلسة موسعة مع كل من وزيري الزراعة والري، لمنع زراعة البرسيم الحجازي في شرق العوينات، لافتًا إلى أن وزير الزراعة أكد لهم أنه سيعقد جلسات موسعة مع المستثمرين هناك، لوقف نزيف استهلاك المياه الجوفية ومنع زراعة البرسيم بتلك المساحات الشاسعة.

وأضاف "تمراز"، لـ"الفجر"، أن هناك اجتماعًا موسعًا قريبًا مع وزيري الزراعة والري والمستثمرين، لمنع زراعته، مشيرًا إلى أن المجلس لديه كافة المعلومات حول الشركات التي تزرع البرسيم بالمخالفة للقانون.

وذكر النائب، أن مساحته في كل من الوادي الجديد وتوشكى 25% من نسبة الزراعات المنزرعة، لافتًا إلى أن البرسيم الحجازي يصدر لعدد من الدول العربية بكميات كبيرة, وعلى رأسهم السعودية، مشددًا على انتهاء تلك الأزمة خلال شهر.