الإسلام عقيدة وشريعة

إسلاميات

الإسلام عقيدة وشريعة
الإسلام عقيدة وشريعة


من نعم الله على المسلمين أن حفظ القرآن الكريم ، ليظل الحجة القائمة على العالمين ـ عبر الزمان والمكان ـ وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها { إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9) { لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ (17) فَإذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (القيمة: 16 ـ 19).. 

ومن نعم الله على المسلمين أن جعل العقائد الأساسية للدية منصوصا عليها في آيات القرآن القطعية الثبوت.. وذلك حتى لا يحتاج المسلم إلى أخذ هذه العقائد من النصوص الظنية الورود ـ ومن باب أولى الظنية الدلالة.. 

وعن هذه الحقيقة التي تميز بها الإسلام وامتاز تحدث الإمام الأكبر الشيخ محمد شلتوت (1310م – 1383هـ) (1893 – 1963م) فقال: 

"إن الطريق الوحيد لثبوت العقائد هو القرآن الكريم وذلك فيما كان من آياته قطعي الدلالة (لا يحتمل معنيين فأكثر) .. وأما ما كان غير قطعي في دلالته محتملا لمعنيين فأكثر فهذا لا يصح أن يتخذ دليلا على عقيدة يحكم على منكرها بأنه كافر، وذلك كالآيات التي استدل بها بعض العلماء على رؤية الله بالأبصار في الدار الآخرة .. وكل القرآن قطعي الورود. 

نصوص العلماء من المتكلمين والأصوليين مجتمعة على أن خبر الآحاد لا يفيد اليقين فلا تثبت به عقيدة، وذلك ضروري لا يصح أن ينازع أحد في شئ منه .. ومن قال أن خبر الواحد يفيد العلم فمعناه العلم بمعني الظن أو العلم بوجوب العمل، وليس العلم بمعني اليقين الذي تثبت به العقيدة .. ومن الناس من يحدث العلم في نفسه بما هو أقل من خبر الواحد، ولكن لا يكون ذلك حجة على أحد، ولا تثبت به عقيدة يكفر جاحدها، فإن الله لم يكلف عباده عقيدة من العقائد عن طريق من شأنه ألا يفيد إلا الظن. 

فأحاديث الآحاد لا تفيد عقيدة ولا يصح الاعتماد عليها في شأن الغيبيات وهذا قول مجمع عليه وثابت بحكم الضرورة العقلية التي لا مجال للخلاف فيها عند العقلاء". 

هكذا أجمل الشيخ شلتوت في كتابه الفذ "الإسلام عقيدة وشريعة" هذه القاعدة الذهبية التي اجتمع عليها علماء الأصول: 

- العقائد الأساسية التي لا يقوم الإيمان الإسلامي إلا بها، والتي يكفر منكرها لا تؤخذ إلا من النصوص قطعية الورود وقطعية الدلالة أي النصوص التي لا تلحقها الظنية بحال من الأحوال .. فلقد أنعم الله علينا بأن جعل عقائد إيماننا جميعا واردة في النصوص المفيدة لليقين كي يتحقق بها الإيمان الذي هو تصديق قلبي يبلغ مرتبة اليقين.

- أما النصوص التي تلحقها الظنية من حيث الورود والدلالة مثل أحاديث الآحاد فإنها وإن أفادت العلم وثبتت بها الأحكام العملية فإنها لا تفيد اليقين، ومن ثم لا تثبت بها العقائد التي يكفر منكرها .. كما أنها لا تثبت بها عقائد عالم الغيب. 

ولو أن فكرنا الإسلامي التزم هذه القواعد التي اجتمع عليها العلماء العقلاء لاسترحنا من الجدل العبثي الذي يهرف به الذين لا يعلمون!.