ميادة عبدالعال تكتب: مراكز الأبحاث.. ضرورة عصرية لبناء المجتمع

ركن القراء

أبحاث
أبحاث


احتلت المعلومة أهمية بالغة في العصر الحالى، وبات لها مراكز ومؤسسات،تُعنى بجمعها وتوثيقها وفهرستها وتصنيفها، حتى بتنا نسمع عبارات من قبيل، عصر المعلومات، وثروة المعلومات.

فأصبح الاهتمام بمراكز الأبحاث والدراسات بشكل واضح وملحوظ في العقود الأخيرة. فقد أصبحت تمثِّل أحد الدلائل الهامّة على تطور الدولة وتقديرها للبحث العلمي واستشرافها آفاق المستقبل؛. وتعد عملية دراسة القضايا والمشكلات التي تواجه المجتمع والدولة وتحليلها من أهم الأدوار التي تضطلع بها المراكز البحثية عموما. كما أصبحت مراكز الأبحاث والدراسات جزءا لا يتجزّأ من المشهد السياسي والتنموي في العديد من البلدان المتقدمة.

وقد لا نبالغ إذا قلنا إن لها دورا أساسيا في نهوض الأمم وتقدُّم الشعوب نحو تحقيق أهدافها. ويتضح أن مراكز الأبحاث والدراسات تكتسب أهميتها وضرورة وجودها من الحاجة لها، ومن مقتضيات الضرورات السياسية والاقتصادية والإعلامية والأكاديمية والاجتماعية والتنمويّة؛ وذلك “باعتبارها الطريقة الأمثل لإيصال المعرفة المتخصصة،من خلال ما تقدمه من إصدارات علمية وندوات متخصصة.

فيجري تصنيف مراكز الأبحاث والدراسات، بناء على معايير وأسس تتّصل بالتخصّصات التي تعمل وفقها. فهناك مؤسسات بحثية تركِّز على قضايا السياسة والشئون العالمية، وهناك مؤسّسات أخرى تتبنّى الأبحاث المعنيّة بالسياسات المحلية؛ بما فيها القضايا الاقتصادية بأنواعها المختلفة، كما تُصنّف المراكز وفق معايير أخرى. فهناك مراكز أكاديمية، وهي التي تخضع للجامعات أو تتبعها؛ وهناك المراكز الخاصة، التي لا ترتبط بالقطاع الحكومي إداريا أو قانونيا؛ وهناك المراكز البحثية التابعة للدولة، أو التي تخضع لملكية القطاع العام. وهذا التصنيف لا يبتعد عن تصنيف مراكز التفكير في الولايات المتحدة؛ وذلك بالاعتماد على عدة معايير. وأوّل هذه المعايير يتمثّل في استقلالها عن الأجهزة الحكومية أو تبعيتها إليها أو إلى إحدى المؤسسات التعليمية مثل الجامعات (فضلا عن مراكز الأبحاث المستقلة، ومراكز الأبحاث الرسمية التابعة للحكومة). وثاني هذه المعايير تخصّصها أو مجالات اهتمامها؛ فهناك مراكز متخصّصة في مجال معين، بينما توجد مراكز أخرى ذات اهتمامات متنوعة واختصاصات متعددة.

الأمر الذي بوأ المؤسسة الإعلامية مكانة مهمة في الاستراتيجيات والسياسات التي تستهدف تحديث المجتمعات وإعادة بنائها لمواكبة عصر المعلومات والتطورات العالمية في كافة المجالات.. و صارت محركا مركزيا في تشكيل منظومة العلاقات الدولية سواء على المستوى الرسمي بين الحكومات والأنظمة، أو المستوى الحضاري بين الثقافات المختلفة. ومع تطور صناعة الإعـلام تطوراﹰ كبيراﹰ ، فأصبحت صناعه ضخمه لها استثماراتها و مواردها الماديه و البشريه التي تكفل إدارة عملها بشكل فعال ، و بجانب كونها صناعة إعـلامية لها ربح إقتصادي ، فإن لها أيضاﹰ رساله إجتماعيه تجاه جماهيرها و مجتمعها الذي تعمل فيه . و تتعامل المؤسسات الإعلامية مع فئات جماهيريه متنوعه سواء من داخل المؤسسه أو من خارجها ، مما يؤكد علي أهمية إدارة العلاقات العامه ؛ في إدارة عملية الإتصال مع هذه الجماهير بشكل منظم و هادف.


فالجمهور هو أهم أطراف العملية الإعلامية والأولى بالتقديم عند التخطيط للخطاب الإعلامي وعبر إرتحال الكلمة في وسائط الإعلام.لابد للجمهور أن يكون حاضراً أولاً وآخراً . لأن المُراد هو تنويره وتعليمه وتثقيفه والترويح عليه.والمُراد توجيهه نحو الوجهات الصحيحة و تعبئة طاقاته لإنجاز المُهمات التي تُؤتي بها الحياة الطيبة السعيدة. والجمهور ليس طرفاً خامداً جامداً مُتلقياً بل لابد للجمهور أن يكون المُلهم الأول عند تخطيط الرسالة.

فتعتبر مراكز الأبحاث إنتاجا ثقافياً ومعرفياً، فهى بالفعل منجز حضاري متميز، فهي المرآة التي تعكس اهتمام الأمم والشعوب بالعلم والمعرفة واستشراف آفاق المستقبل وفق المنظور العلمي والمعرفي،تزايد الاهتمام بمراكز الأبحاث والدراسات عالميّا بشكل واضح وملحوظ في العقود الأخيرة من القرن العشرين. فقد أصبحت تمثِّل أحد الدلائل الهامّة على تطور الدولة وتقييمها للبحث العلمي واستشرافها آفاق المستقبل.

وقد لا نبالغ إذا قلنا إن لها دورا أساسيا في نهوض الأمم وتقدُّم الشعوب نحو تحقيق أهدافها. وقد ارتقت تلك المراكز الحديثة إلى حدّ، أصبحت فيه أحد الفاعلين في رسم التوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية وأحد المؤثِّرين فيها، وأحد المشاركين في وضع الحلول لها؛ وذلك من خلال توظيف البحث العلمي في خدمة قضايا المجتمع.

وينتهى بنا القول أن هذه المراكز، هي مؤسسات بحثية هدفها الأساسي توفير البحوث والدراسات المتعلقة بالمجتمع والسياسات العامة، والتأثير في القضايا الساخنة التي تهم الناس".

فنشأت مراكز الأبحاث داخل الجامعات في صورتها الأولى في العالم الغربي، حيث ظهرت أولى الجامعات الأوربية في القرن الثاني عشر الميلادي، وأن معظم هذه الجامعات أنشئت تقليداً للجامعات الإسلامية في مرحلة الحروب الصليبية، وفي تلك الأثناء أسس ما يعرف بالكراسي العلمية.

تأسيس الكراسي العلمية كان هو الإرهاصات الأولى لتأسيس مراكز أبحاث، ولكنها كانت مراكز أبحاث لإنتاج الأفكار، ليتم بعد ذلك توظيفها في السياسة، ولم تكن علاقتها بالسياسة مباشرة.

وبمرور الوقت ظهر تطور جديد فيما يتعلق بمراكز الأبحاث يسمى المركز البحثي المؤسسي، أي أن يكون لكل المؤسسات، خصوصًا الجامعات، مركز أبحاث داخلها يقوم على التخطيط، هذا النوع من المراكز يرشد صانع القرار داخل المؤسسة، ويساهم في إعادة توظيف واستخدام ما هو متاح من المعلومات لخدمة المؤسسة ورسم طريقها المستقبلي.

في عام 1831 قام دوق ويلنجتون بتأسيس المعهد الملكي للخدمات الموحّدة (Royal United Services Institute)، وأصبح المعهد أول مركز أبحاث أمني-دفاعي في تاريخ العالم. وقام الدوق – بطل معركة ووترلو– بطرح المشروع؛ وذلك بسبب تعقّد وسرعة تطوّر القضايا الأمنية، في بداية القرن التاسع عشر، حيث أصبحت الوسائل التقليدية غير الاحترافية، للتخطيط العسكري، والتعامل مع المستجدات الأمنية، سببا في تراجع النفوذ البريطاني، وأدرك الدوق أنّ هناك حاجة لإجراء تغيير نوعي في وسائل صنع القرارات العسكرية.

ووصل مفهوم مركز الأبحاث إلى أمريكا في القرن العشرين، أولاً بوقف كارنيجي للسلام الدولي (Carnegie Endowment for International Peace) في عام 1910، ولاحقاً بمعهد بروكنجز في عام 1927. وتوسّع القطاع، بشكل ملحوظ، بعد الحرب العالمية الثانية، حينما بدأت الحكومة الأمريكية تخصّص نسبة كبيرة من ميزانيتها، للمشاريع العلمية-الفكرية، كجزء من الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي، وأُنشئت مراكز كمعهد راند (RAND) بتمويل القوة الجوية الأمريكية في عام 1948، وفي العصر الراهن، تستند تقريباً كلّ حكومات العالم المتقدم على تحليلات وتوصيات مراكز أبحاث في قراراتها.

وختاماً..فإن مراكز الأبحاث تتميز عن غيرها بكونها أوعية لتحليل السياسات وتقديم النصائح العلمية والموثوق بها والمفهومة.