الصعيد وكر للإرهابيين.. عقود من الصراع بين الدولة والجماعات التكفيرية.. وخبراء يكشفون مفاجآت مدوية

تقارير وحوارات

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


تزامنًا مع احتفالات الأقباط بعيد القيامة، يطل علينا الإرهاب مجددًا بالتفجيرات في محاولة منهم لإرهاب المواطنين، وإفساد فرحتهم، إلا أنهم لم ينالوا من عزيمة المواطنين، الذين يؤكدون على تماسكهم وتحديهم ضد الإرهاب، وآخر تلك التفجيرات شهدتها كنيستي مارجرجس بطنطا، والمرقسية بالإسكندرية، حيث كشفت وزارة الداخلية أن تحديد هوية منفذ حادث تفجير كنيسة مارجرجس بطنطا، من قنا، أما  منفذ الهجوم بكنيسة الإسكندرية ترجع أصوله إلى محافظة السويس.

 

وعانى صعيد مصر من العمليات الإرهابية في فترة التسعينيات، وتبنَّت الجماعات التكفيرية هذه الأعمال، ولا زالت الجماعات الإسلامية المتشددة تتبنى الإرهابيين من محافظات الصعيد.

 

اقتحام مديرية أمن أسيوط

 تعتبر من أشهر عمليات الجماعة، حيث قام بعض أفراد الجناح العسكري للجماعة الإسلامية بمهاجمة المديرية في 8 أكتوبر 1981 وقتلوا عددًا من كبار رجال الشرطة والقوات الخاصة والتمثيل بجثثهم وهي العملية التي انتهت بالقبض على منفذي العملية وعلى رأسهم ناجح إبراهيم وكرم زهدي وعصام دربالة، والحكم عليهم فيما عُرف في وقتها بقضية "تنظيم الجهاد" وحُكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عامًا.

 

 اغتيال ضباط الشرطة

كما استكمل نشاط الجماعات الإرهابية، في الصعيد، ضد ضباط الشرطة في محافظات الصعيد، بدأتها بأسيوط ثم المنيا فسوهاج فأسوان؛ قتل على إثرها مجموعة كبيرة من قادة الأجهزة الأمنية منهم اللواءات: محمد الشيمي وعبدالحميد غبارة ورءوف خيرت ورفعت أنور وجمال فائق، وكذا العمداء: ممدوح عثمان وشيرين فهمي وعصام الزمزمي، والعقيد مجدي فائق والعقيد أحمد شعلان، بالإضاقة إلى عدد كبير من الضباط من ذوي الرتب الصغيرة.

 

كما اغتال الجناح العسكري للجماعات الإرهابية، المقدم أحمد علاء مسئول النشاط الديني في الفيوم ثم المقدم مهران عبدالرحيم مسئول النشاط الديني في أسيوط وبصحبته نجله محمد الذي يبلغ من العمر ثماني سنوات، كما قامت بحرق سيارة العقيد محمد البدوي مسئول النشاط الديني بالمنيا وخططت لقتله لكن المحاولة فشلت.

 

فيما نجحت في اغتيال مفتش أمن الدولة في أسيوط العميد ممدوح عثمان وحاولت اغتيال مفتش أمن الدولة في أسوان.

 

 الهجوم على السياحة

وفي عام 1992م، استهدفت الجماعات الإرهابية، الهجوم على السياحة، حيث أطلقت مجموعة من الإرهابيين النار على باخرة سياحية تقل 140 سائحًا ألمانيا بالقرب من أسيوط، مما أسفر عن إصابة ثلاثة من طاقم الباخرة المصرية.

 

 وتستمر العمليات الإرهابية ضد السائحين وتصل إلى ثلاث عمليات في شهر واحد من العام 1992 م، ففي 21 أكتوبر نصبت مجموعة إرهابية كمينا لأتوبيس سياحي، أسفر الكمين عن مقتل سيدة بريطانية وإصابة اثنين آخرين، وكانت السيدة أول امرأة أجنبية تلقي مصرعها في إحدى عمليات الإرهاب ضد السائحين الأجانب.

 

وفي 12 نوفمبر من العام نفسه أطلقت مجموعة إرهابية النار على فوج سياحي ألماني؛ مما أدى إلى إصابة خمسة سائحين واثنين من المصريين وذلك بمدينة الأقصر.

 

وتصاعدت العمليات ضد السائحين الأجانب لتصل في عام 1993 إلى 8 حوادث راح ضحيتها 6 سائحين بينهم اثنان من الأمريكيين، بالإضافة إلى مقتل ثلاثة من المصريين وإصابة 33 سائحًا أجنبيًا و 25 مصريًا.

 

وفي أغسطس 1993، أطلق خمسة إرهابيين النار على مركب سياحي، بالقرب من المنيا ولم تحدث إصابات.

 

وفي 14 فبراير 1994، أطلق إرهابيون النار على أتوبيس يحمل سائحين رومانيين بمحافظة أسيوط ولم يسفر الحادث عن أية إصابات.

 

وفي 17 فبراير أطلقت مجموعة من الإرهابيين، النيران على باخرة نيلية بأسيوط ولم يسفر الحادث عن أية إصابات.

 

وفي 28 فبراير هاجم مسلحون قطارًا سياحيًا مارًا بأسيوط؛ مما أسفر عن إصابة سائحين بولنديين وآخرين تايوانيين.

 

وفي 23 فبراير أيضًا وهو الحادث الرابع في شهر واحد فجَّر إرهابيون قنبلة بقطار سياحي مار بأسيوط؛ مما أسفر عن إصابة ستة سائحين أجانب: استراليين وألمانيين ونيوزيلانديين.

 

وفي مارس 1994 قام الإرهابيون بثلاث عمليات ضد السياح؛ حيث قاموا في 4 مارس بهجوم علي باخرة نيلية بأسيوط أسفر عن إصابة سيدة ألمانية توفيت عقب وصولها إلي المنيا.

 

وفي 13 مارس أطلقت مجموعة من الإرهابيين النار علي باخرة سياحية بمنطقة بين أسيوط وسوهاج ولم يسفر الهجوم عن أية إصابات.

 

وفي نهاية أغسطس، قتل إرهابيون صبيا ألمانيا في هجوم على أتوبيس سياحي كان متجها إلى الأقصر وأصيب والده في الهجوم.

 

وفي سبتمبر من العام نفسه أطلقت مجموعة إرهابية النار علي فوج سياحي بمدينة الغردقة بالبحر الأحمر مما أدى إلى مقتل اثنين من السائحين الألمان ومصريين.

 

وفي أكتوبر قامت الجماعات الإرهابية بقتل سائح بريطاني و إصابة ثلاثة آخرين وسائق الأتوبيس في هجوم بالأسلحة الآلية على أتوبيس كان متجها أيضًا إلى الأقصر.

 

مقتل السياح بأسيوط

وفي 17 نوفمبر 1997، قُتل 62 شخصًا بمن فيهم 58 سائحًا في الأقصر، وتبنَّت الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد العملية، وأقيل على إثرها وزير الداخلية حسن الألفي.

 

استهداف الأقباط

أما عن خطة الجماعة الإسلامية المسلحة، لاستهداف الأقباط، بدأ في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات في المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا، والذي وصل حد تطبيق الحدود عليهم في مسجد الرحمن بأرض المولد بالمنيا علي مرأي ومسمع من أجهزة الأمن، وكذا تعليق الرؤوس علي أعمدة الإنارة بعد عمليات القتل، كما حدث بين عامي 1992 و1994 في أبوقرقاص بالمنيا، فإن الإعتداءات علي الأقباط بلغت ذروة لم تبلغها من قبل في تلك المرحلة التي شهدت مقتل أكثر من مائة قبطي في حوادث متفرقة وظل الأمن كعادته يصف هذه الحوادث المنظمة بأنها حوادث فردية يقوم بها بعض الموتورين غير صحيحي العقيدة، ووصل الأمر بمدير أمن أسيوط اللواء مجدي البسيوني أن وصف مذبحة عزبة الأقباط بأسيوط في فبراير عام 1996 - والذي راح ضحيتها ثمانية من الأقباط - بحادث عشوائي!.

 

اقتحام كنيسة بأبي قرقاص

كما جاء اقتحام كنيسة ماري جرجس بأبي قرقاص في فبراير عام 1997 وإطلاق النار على المصلين من الخلف، وهي الحادثة التي خلفت ثلاثة عشر قتيلا.

 

مسلحون يهاجمون مطرانية بقنا

وفي 7 يناير 2010، فتح مسلحون النار على مطرانية نجع حمادي في محافظة قنا، وراح ضحية العمل الإرهابي 6 ضحايا ما بين مسلمين ومسيحيين، أثناء قداس الاحتفال بعيد ميلاد المسيح، واتهم بارتكاب الجريمة ثلاثة أشخاص، هم: محمد أحمد حسين وهنداوي محمد وقرشي أبو حجاج. ويعد كل من عمر عبدالرحمن وكرم زهدي وناجح إبراهيم وعصام دربالة وعاصم عبدالماجد وعبود الزمر وطارق الزمر وصفوت عبدالغني رئيس حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة، وخالد الإسلامبولي من أبرز وجوه الجماعة الإسلامية التي ارتكبت أعمالًا إرهابية أبرزها اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات.

 

ولاية الصعيد

وعقب عزل محمد مرسي عن الحكم، وإقصاء جماعة الإخوان، أعلن أحد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في مصر -أو ما يعرف بـ"ولاية سيناء"- عن قرب إعلان "ولاية الصعيد".

 

وأعلن أبو سفيان المصري، أحد أعضاء تنظيم الدولة (ولاية سيناء) في مصر، عن تأسيس فرع جديد للتنظيم في محافظات صعيد مصر، وذكر في تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أنه "قريبًا الإعلان عن ولاية الصعيد".

 

استهداف الكنائس

وبرز عاصم عبدالماجد، القيادي بالجماعة الإسلامية والتنظيم الجهادي، بعد إقصاء حكم الإخوان، ليعيد شرارة الأحداث الدامية والعنف والشغب التي تزامنت مع فض اعتصامي رابعة والنهضة، حيث حرض على استهداف رجال الشرطة، واقتحام وحرق الكنائس والأقسام والمنشآت العامة والحكومية والبنوك والتظاهر وقطع الطرق، كما أعطى إشارة البدء في اقتحام نقطة الشرطة وحرق كنائس ومنازل ومحال تجارية مملوكة لأقباط بدلجا، لكن نظرًا لطبيعة القرية الجغرافية الصعبة والوعرة وقربها من الظهير الصحراوى الغربى والدروب والمدقات الجبلية، ووجود كميات هائلة من السلاح، تعذر القبض عليه واقتحام القرية في بداية الأمر، حتى تم وضع خطة محكمة لتطهيرها من العناصر الإرهابية، وقبل اقتحام القرية كان "عبد الماجد" تمكن من الهرب، خاصة أنه كان دائم التنقل والتحرك فى الصحارى، بمساعدة عناصر الإخوان.

 

الإخوان السبب

فيما قال النائب جمال الطويقي عضو مجلس النواب، إنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يتم ترويج معلومات عبر وسائل الإعلام تفيد بأن محافظات الصعيد ما هي إلا وكر للإرهابيين بعد كشف الداخلية عصابة تفجير كنيستي "المرقسية بالإسكندرية – مارجرجس بالغربية".

 

وأضاف الطويقي، في تصريحاته الخاصة لـ"الفجر"، أن الأوضاع في الصعيد منذ ثورة 25 يناير غير مُستقرة على الإطلاق، وتم انتشار السلاح هناك في ظل الانفلات الأمني الذي شهدته مصر حينها من قبل مجهولين، مؤكدًا أنه نظرًا للظروف الاقتصادية التي يعاني منها أهالي الصعيد تم استغلال مجموعة من الشباب لإحداث عمليات إرهابية وهذا ما حدث مع مُتهمي تفجيري الكنيستين الأخيرة.

 

كما أكد عضو مجلس النواب، أنه في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي المُنسوب لجماعة الإخوان المسلمين انتشر العديد من الظواهر التي لم يعتاد المجتمع الصعيدي فعلها، منها بيع السلاح علنًا وكذلك سفر الشباب ذات الطبقات الفقيرة واختفائهم إلى الآن.

 

الشرطة تبذل قصاري جهدها

وفي نفس السياق، أشار اللواء جمال أبو ذكري مساعد أول وزير الداخلية الأسبق، إلى أنه في ظل حكم جماعة الإخوان الإرهابية لبلادنا كانت الأوضاع الأمنية والاقتصادية في مصر تتغير للأسوأ بتطور سريع وملحوظ بشكل مُقلق.

 

وأضاف أبو ذكري، في تصريحاته الخاصة لـ"الفجر"، أن كافة الأجهزة الأمنية في مصر تبذل قصارى جهدها لمُلاحقة الإرهابيين الذين سُمح بدخولهم أرض الوطن في عهد حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، مؤكدًا أن جهاز الشرطة يكشف ما بين الحين والآخر خلايا إرهابية في أغلب محافظات مصر ويضبط العديد من الأسلحة معهم.

 

كما أكد مساعد وزير الداخلية الأسبق، أنه لا يجوز أن نحكم على أن الصعيد يعتبر بوابة الإرهاب في مصر لمجرد أنه تم كشف الخلية الإرهابية التي قامت بتفجير كنيستي "المرقسية بالإسكندرية – مارجرجس بالغربية"، مشيرًا إلى الأزمات الاقتصادية التي يشهدها الصعيد وراء قبول المُغريات والأموال التي تم تقديمها للشباب الصعيدي لافتعال عمليات إرهابية.

 

مطالب بتنمية الصعيد

وتعقيبًا على جعل الجماعات التكفيرية، لمحافظات الصعيد وكرًا للإرهابيين، أكد ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل، أن ظاهرة وجود عدد كبير من الإرهابيين داخل قنا والصعيد يرجع إلى انتشار الجماعات الإسلامية المتشددة التي تأثرت بالفكر الوهابي المتشدد واستغلوا مناخ الصعيد وثقافته المحدودة التي يغلب عليها الجهل وانتشار الفقر فيه بشكل واسع  ليؤثروا على أهل الصعيد ويجعلهم نظرًا لفقرهم وثقافتهم المحدود أعضاء في تلك الجماعات ويقومها بعملية غسيل مخ لهم تجعلهم أداة طيعة تنفذ أي أوامر حتى الأعمال الانتحارية.

 

وأوضح الشهابي، في تصريحاته الخاصة لـ"الفجر"، أنه نظرًا للفقر في الصعيد يكون هو الأكثر قربًا من الوجه البحري بالتأثر بالأفكار الظلامية التكفيرية، مشيرًا إلى أن الحكومة لن تتعلم مما حدث ولم تهتم بالصعيد ولم تسعى لتغيير المناخ السائد فيه ولم تهتم لإصلاح أحواله الاقتصادية والاجتماعية، ولكنها ستجعل الإعلام يسلط الضوء على الصعيد بسبب الأعمال الإرهابية الأخيرة وبعدها ترجع ريمة لعادتها القديمة وتدخل في سبات عميق.

 

وأشار رئيس حزب الجيل، إلى أن تعامل الحكومة سيكون مع الجماعات الإسلامية المتوغلة داخل الصعيد وامتلاكها السلاح من أيام تمكينها من ذلك فى زمن مرسى والإخوان، بالقبض على البعض من قيادتها ثم الإفراج عنهم لعدم كفاية الأدلة، متمنيًا أن تكون الأعمال الإرهابية بداية لتطوير الصعيد وحل مشاكله الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وإنهاء مشكلة الفقر فيه وعدم تهميشه.