لمحات من التراث الشعبي المصري.. ذاكرة الوطن وهويته

منوعات

أرشيفية
أرشيفية


يقول المثل الشعبي المصري القديم "من فات قديمه تاه"، "واللى مالوش ماضى مالوش حاضر" و"قديم الإنسان هو تراثه وتاريخه"، فالشخصية المصرية هى حصيلة التقاء ثقافي فريد، وإسهام حضاري فذ، وتاريخ ممتد، تواصلت فيه مصر مع غيرها وأنتجت شخصية مصر التراثية التى نبعت من حواريها وشوارعها وأقاليمها المختلفة ، وأفرزت تفردها وعبقريتها التى ظهرت من خلال كافة أشكال الفنون التراثية التى تزخر بها مصر، حكايات أبو زيد الهلالى وعاشق المداحين والست خضرة والسقا والأراجوز والحكواتى وع الأصل دور  وخليك فاكر مصر جميلة.

التراث الشعبي يتكون من عادات الناس وتقاليدهم، وما يُعبرون عنه من آراء وأفكار يتناقلونها جيلاً بعد جيل، وهو استمرار للفولكلور الشعبي كالحكايات الشعبية، والأشعار والقصائد المتغنى بها، وقصص الجن الشعبية، والقصص البطولية، والأساطير، ويشتمل على الفنون والحرف، وأنواع الرقص واللعب، والأغاني، والحكايات الشعرية للأطفال، والأمثال السائدة والألغاز، والمفاهيم الخرافية، والاحتفالات والأعياد الدينية.

عاشق المداحين وملك الموال فى حب مصر:

ارتبط الفن الشعبى فى مصر باسم زكريا الحجاوى الذى تنقل بين الموالد والأسواق والقرى والنجوع في ريف مصر باحثا عن تحفة فنية أو صوت حقيقى واعد يكتشفه ويعود به إلى القاهرة ليقدمه إلى النجومية.. كان يرى أن الفن ولد في مصر والتاريخ لا يزال طفلا يلعب بين أهراماتها، ومع الهجرات والأجناس الوافدة على مصر والخارجة منها هاجر الفن من مصر إلى بلدان المنطقة ولكن عوامل كثيرة جعلت من فنون هذه البلاد فنا قوميا محليا. قال عنه صلاح جاهين "إنه يشبه سقراط والحواريون حوله" ووصفه يوسف إدريس بأنه رائد القصة القصيرة الواقعية، ولقبه النقاد بعاشق المداحين، دخل الحجاوي الإذاعة بتمثيلياته ومسلسلاته ، وكان زكرياعاشقا للقراءة أسيرا للأساطير الشعبية،.. تتبع خطوات الشيخ سيد درويش وغنى بصوته الأجش كثيرا من مقطوعاته في جلسات بين أصدقائه.. ثم احترف الصحافة وبدأ في كتابة القصة القصيرة والنقد والبحوث الفنية.

عاش كما أراد.. لا كما أراد له الناس.. زكريا الحجاوي عاشق المداحين والبسطاء والفقراء والفلاحين.. الرجل الذي أحب مصر فأعطته أفضل نبتها من قراها الطيبة، فحمل الريس متقال إلى العالمية ، وقدم محمد طه وشوقى القناوي وجمالات شيحة وأبودراع إلى جمهور الغناء وخضرة محمد خضر التي تزوجها ولمع صوتها في"أيوب المصري" و"ملاعيب شيحا" وكتب زكريا آخر موال في خضرة التي غنت (زرعت فدان جمايل وأربعة معروف.. ورويتها يا ما شهامة بالزوق وبالمعروف)، وسافر إلى صعيد مصر واكتشف "ناعسة المزاتية" وتعد أم كلثوم الفن الشعبي وكون لها فرقة غنائية وطاف معها الصعيد، وأسس فرقة الفلاحين التي قدمت عروضها في احتفالات عيد الثورة عام 1957، ضم "زكريا الحجاوى محمد طه إلى فرقة الفلاحين للفنون الشعبية التى كلفته وزارة الثقافة بتشكيلها، وضمه الإذاعى "جلال معوض" لإحياء حفل أضواء المدينة فى غزة ، اسمه الكامل "محمد طه مصطفى أبو دوح"، كان يغنى على مسارح الفن الشعبى فى القاهرة، ومنها مقاهى حى الحسين والسيدة زينب  فى الاحتفال بالموالد والمناسبات الدينية، شارك الفنان الراحل فيما يقرب من 30 فيلمًا سينمائيا أشهرها "حسن ونعيمة" و"دعاء الكروان" و"خلخال حبيبي" و"السفيرة عزيزة" و"ملك البترول".     

 محمد طه.. فنان  شعبى تلقائى صاحب الـ10 آلاف موال منها ، "ع الأصل دور" و"مسا الجمال والدلال" و"كلامنا بلدي اسمع يا ولدي" وغيرها من المواويل الشهيرة. ألف ولحن وغنى، كما كان صاحب فرقة موسيقية وشركة أسطوانات، ومن أهم مواويله الوطنية “خليك فاكر مصر جميلة .. انتي الأصيلة يا مصر وكلنا عارفين ، انتي الأصيلة يا مصر وكلنا شاهدين .. بحق محمد نبينا وعيسي نبي الله ، دي مصر أم العَلم ، مصر جميلة وأصيلة فيها ولدي وفيها بلدي وسيدي كان فلاح وأصلي فلاح وحي على الفلاح .. موصيني أبويا بكل فَـلاح وقالي  مصر جميلة , مصر جميلة, خليك فاكر, مصر جميلة.


الغناء الشعبي في أرض مصر:

الغناء الشعبي هو لسان الشعب، غالبا ما كان يتغنى بقضايا الطبقة الكادحة، وتمتلك مصر كمّا هائلا من التراث الغنائي والموسيقي، الذي يختلف ويتنوع وفقا للبيئة التي خرج منها، ويعتقد أن المصريين هم أول من ابتكر الغناء الشعبي، معبرا عن وجدان الشعب وأحلامه وآماله وآلامه.

تمتلك مصر كمًا هائلُا من التراث الغنائي والموسيقي، الذي يختلف ويتنوع وفقاً للبيئة التي خرج منها. من أغاني البدو وصولاً لأغانى النوبة


أغاني البدو.. السامر:

يطلق البدو على مجالس الغناء اسم السامر، و هو حفل من نوع خاص يتمّ فيه غناء الشعر والرقص.. يصاحب الغناء آلة المقرونة وهي ألة عزف مصنوعة من بوص الغاب الفارسي، بالإضافة إلى الآلات الأخرى كالطبلة والدف. ينقسم غناء السامر ثلاثة أقسام هي الشتيوة والغنيوة، والمجرودة، يختلف السامر في سيناء عن السامر في مناطق البدو الأخرى نظراً لقرب البدو في سيناء من الحدود .                                      


أغاني الصعيد .. السيرة والمديح:

يضم الصعيد في جنوب مصر تراثاً غنائياً متفرداً وأصيلاً، يتمثل في السيرة الهلالية (سيرة بني هلال)، وامتدت أحداثها من نجد إلى تونس مروراً بالصعيد، ورغم مرور قرون على وقائع هذه السيرة، فإن الذاكرة الشعبية لأهل الصعيد أصرّت على إحيائها والتغني بها.

تختلف طرائق أداء وعرض السيرة الهلالية، لكن الطريقة الأكثر انتشاراً هي غناؤها، فيما يعرف لدى أهل الصعيد بـ”فن الواو”، كانت السيرة قديماً تقدّم على لسان “الراوي”، وهو يعزف على الربابة، تغيّر الرواة مع الوقت، وكثيرون راحوا يحفظون السيرة عوضاً عن ارتجالها، ويؤدونها بصحبة عازف للربابة وفرقة من ضاربي الدربكة والدف والرق.

أبرز من أدى السيرة وأكسبها مكانتها هو الشاعر الراحل جابر أبو حسين . . سجل السيرة بصوته في نحو تسعين حلقة إذاعية ، برفقة الشاعر عبدالرحمن الأبنودي.

بطولات ومغامرات وسيرة شعبية شديدة الثراء، كان لعبد الرحمن الأبنودى الفضل فى حمايتها من الضياع، عندما سافر فى بلاد الله يجمع فصولها من أفواه منشديها، ويسجلها كاملة سنوات طويلة من التعب والسفر والتدوين، جعلت عبد الرحمن الأبنودى فى مصاف الأدباء والشعراء الأوائل فى تاريخ الإنسانية ، فالسيرة الهلالية.. ثروة قومية أنقذها الأبنودى من الضياع.

في الصعيد نوع آخر من الغناء، أقل انتشاراً من السيرة، هو المديح. والمقصود به مدح النبي ويسمّى مؤدّيه “المداح”. يغني قصائد عربية موزونة ومقفاة، بعضها من التراث مثل نهج البردة للإمام البوصيري، و أبرز المداحين الشيخ أحمد التوني، والشيخ زين محمود، والشيخ ياسين التهامي الذي أنشد قصائد صوفية للإمام ابن الفارض والحلاج.


أغاني الدلتا .. القصص الشعبية والابتهالات:

لريف المصري ثري بعاداته وتقاليده ومخزونه الثقافي الشعبي، وتتميز أغاني الدلتا بطابعها الهادئ بعيداعن الإيقاعات السريعة الصاخبة، والآلات الموسيقية المستخدمة تقتصر على الناي أو العود أو الكمان.

تقوم أغاني الدلتا على القصص الشعبية، وهي حكايا منظومة في شكل شعري شعبي تتضمن أحداثاً وشخصيات مستمدة من التاريخ، أو من التراث الديني، مثل قصص الأنبياء والكرامات والمعجزات، مثال قصة سارة وابراهيم الخليل، التي يقال فيها (لما كملت أيامها/ ولدت ولد هو أملها/ زعلت وغارت ضرتها) ،أو قد تكون مستمدة من التراث الاجتماعي وتكشف عن علاقات الناس بعضهم مع بعض، فتدور حول علاقة الغني بالفقير، والقوي بالضعيف، والعلاقات الأسرية، مثل: (اسمع وشوف فعل الدنيا في قصة عن سامي وسامية قاسى عذاب وأسيه والدهر ما يرحمش الناس من صغر سامي الناس ظلموه حتى الأيام لم يرحموه)، تمتاز الدلتا كذلك بفن المديح والابتهالات الدينية، ولا تخلو قرية من أتباع الطرق الصوفية الذين يحرصون على إقامة الحضرات بصفة دورية ، وأشهر من قدم الابتهالات الدينية في مصر من الدلتا الشيخ نصر الدين  طوبار وسيد النقشبندي ،عرفت الدلتا أيضا غناء السِيَر أو الملحمة، ومنها السيرة الهلالية ولكن بشكل مختلف عن السيرة في الصعيد.


أغاني مدن القناة.. الصحبجية :

لمناطق القناة السويس وبورسعيد والإسماعيلية أغانٍ بنكهة مختلفه فتشتهر بآلة "السمسمية" وهي آلة وترية شعبية تشبه في تركيبها آلة "الطنبورة" ، طوّر أهل القناة الطنبورة وابتكروا منها السمسمية، أما أبرز أغاني القناة فهي "الضمة". إنها عبارة عن طقس شعبي غنائي ارتجالي يلتقي خلاله الناس ويرددون الغناء مصحوباً بالسمسمية والرق والطبول والدف والمثلث. تُلقب مجموعة مغني الضمة وعازفيها باسم “الصحبجية”، ويؤدون رقصة فلكلورية تعرف باسم البمبوطية، تتنوع أغاني الضمة فمنها الطقطوقة والموشح والموال والأدوار الفكاهية، ومن أشهر أغانيها ( نوح الحمام والأمري على الغصون).

يعدّ الريس زكريا من أشهر صحبجية الضمة ، و أسّس فرقة "الطنبورة" عام 1989 ليحافظ على تراث بورسعيد من أغاني الضمة وتجمعات الصحبجية، وشاركه "لريس إمبابي" و"محمد الدشناوي" الذي أسس بعد ذلك صحبة "ولاد البحر"، أصدرت فرقة الطنبورة العديد من الألبومات منها "نوح الحمام" و"أصحاب البمبوطية" و"سمسمية بورسعيد".


أغاني النوبة..  كوبانا ومنير:

تقع النوبة في أقصى جنوب مصر في محافظة أسوان، لقّبت بـ"بلاد الذهب|، ينقسم مجتمع النوبة جماعتين "الفاديجا" و"الكنوز"، وكلتاهما تتحدث باللغة النوبية "الرطان" إلى جانب العربية. ساهمت الأغاني التراثية النوبية في استمرار اللغة النوبية بين الأجيال الجديدة، لحرص الكبار على تنظيم حفلات للأغاني ضماناً لاستمرار اللغة الأم، والغناء النوبي غالبًا ما يكون جماعيًا وتصاحبه آلة الطار، يغني النوبي للنيل والأرض والحبيبة، والشكل الشعري الذي يعتمده هو الرباعية، خرج من رحم فن النوبة الأصيل مطربون وموسيقيون حققوا نجاحًا كبيرًا، مثل “علي كوبانا” أول من أسس فرقة نوبية في مصر، طافت هذه الفرقة العالم تحصد المراكز في المهرجانات الدولية، فشاركت الأوبرا الفرنسية الأوركسترا الخاصة بها، وقد حصد كوبانا على عضوية اتحاد الموسيقيين العالميين. من مطربى النوبة المعروفين أيضاً حمزة علاء الدين، ومحمد حمام، وأحمد منيب، ومحمد منير.


الرقصات الشعبية المصرية:

أبتدعت الشعوب فنون الرقص الشعبي بأشكاله وألوانه المختلفة ومن أشهر الرقصات التراثية المصرية : البمبوطية، التحطيب، التنورة ، الحجالة، التربلة، الأراجيد وغيرها.


الموالد..  سير أولياء الله الصالحين:

تعتبر الموالد الشعبية بانوراما مصرية خالصة لخصتها المخيلة الشعبية بتراكم الخبرة والسنين، وترتبط بسير أولياء الله الصالحين وتخليد ذكراهم، كما تعدّ سوقا مفتوحة لكل صنوف البشر، من الفقراء وأبناء السبيل والأغنياء والمشاهير، لذلك طالتها خفة دم المصريين،  فى المثل الشعبي الشهير «مولد وصاحبه غايب» في دلالة على متاهة الفرح وسط الجموع.

يحتشد دفتر أحوال مصر بنحو 2850 مولدا شعبيا، يبلغ عدد زوارها نحو 40 مليون شخص على مدار العام، ولا تخلو محافظة أو مدينة مصرية من مولد، يجدد لغة الوصل بين البشر وموروثهم الروحي والديني.


الزار.. فى حضرة التراث:

يُنظر إلى الزار في مصر باعتباره وسيلة لطرد الأرواح الشريرة بهدف تخليص النفس البشرية من الشياطين وهو أحد أشكال الدجل والشعوذة، وبدأ الزار في الماضى كممارسة دينية ثم سرعان ما تطور إلى شكل ثقافي بصعيد مصر، وينظر إليه حاليا على أنه أحد أنواع العلاج الذي يُلهم الانسجام والسلام مع النفس.

أما أدوات الزار وآلاته فتتمثل أساسا في الطبول والمزمار والصاجات والطنبورة التي تشبه الجيتار، والطنجور وآلة الأرغول.

يعتبر الزار شكلا من الأشكال الموسيقية التى تحتل فيها المرأة دورا أساسيا، وتعود أهميته لكونه من الفنون التى عاشت بعيدا عن عمليات التأثير الحضارى، نظراً لمحاصرة المجتمع المثقف والدولة لها فاحتفظت بقوامها وأصولها القديمة التى تعود للعصور المصرية القديمة، ويمتد فن الزار حتى الجزيرة العربية واليمن والخليج العربى والعراق وإيران.


فرقة حسب الله:

انطلقت الفرقة الموسيقية النحاسية من قلب شارع محمد علي بوسط القاهرة التاريخية، سنة 1860، على يد صاحبها "محمد حسب الله"، الذي كان أحد أفراد فرقة السواري، التي تعمل في خدمة الخديوي عباس حلمي، لتصبح جزءاً من التراث والفلكلور الشعبي المصري، حتي وصل صيتها إلى كل أنحاء العالم العربي.

اشتهرت الفرقة بالملابس الحمراء منذ تأسيسها، ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى اللونين الأزرق والأخضر، كما عرفت الفرقة على المستوى العالمي؛ فسافرت إلى عدة دول أوروبية وشاركت في بعض المهرجانات في فرنسا وألمانيا وإنجلترا، وعدة دول عربية، وشاركت أيضاً في عدة أفلام سينمائية؛ كان أبرزها فيلم شارع الحب ودور عبد السلام النابلسي حسب الله السادس عشر، و حاليا أصبحت تابعة لمركز إبداع وكالة الغورى بوزارة الثقافة.


الوشم:

أحد الفنون التراثية التى عرفتها معظم الحضارات القديمة وكان  جزأ من حياة الناس اليومية ، لارتباطه بمجالات مختلفة من العلاج والتفاخر والتزين ، ومازال يستخدم  حتى يومنا الحاضر فى  بعض  المناطق محتفظًا بدلالاته الثقافية المتوارثة . وكان النساء والرجال يستخدمونه قديما  فى التزين على غرار الحلي كالعقود والأساور ، كما أستخدم أيضا للوقاية من الحسد، ومواجهة القوي الغيبية الشريرة ، وعلاج  الأمراض العصبية والنفسية. وتنوعت أشكاله التصويرية من الأشكال الهندسية إلى  الزهور والأشجار والكواكب والطيور والحيوانات ، والحروف والكلمات. 


الأمثال الشعبية المصرية ..على رأى المثل:

عامل نفسه من بنها.. جرت عادة الإستئذان من الجالسين في القطار ليسمحوا لهم بالجلوس مكانهم بحجة أنهم سيغادرون القطار في محطة بنها ، وبذلك يجلسون مكانهم ، فمن أراد أن يجلس على كرسي قطار مزدحم يعمل نفسه من بنها .. فجرى المثل على لسان المصريين وأطلقوه على أى شخص يحاول أخذ شئ من غير حق.

إقلب القدرة على فمها.. يعود إلى إمرأة كانت قلقة على مستقبل إبنتها فأرادت أن تعرف كل شيء عن حياة إبنتها قبل زواجها بفترة قصيرة ، وبالفعل ذهبت المرأة مصطحبة إبنتها معها إلى "العرّافة" التي تقرأ الطالع باستخدام "الحصى ،الرمل ،الجرّة " فوضعت العرافة الحصى داخل الجرّة وقامت بقلبها على فمها فخرجت من الجرّة حصوة صغيرة وأخرى كبيرة فقالت العرّافة للمرأة ” إن ابنتك ستكون مثل أمها.

آه ماهي كوسة.. والقصة الحقيقة لهذا المثل ترجع إلى عصر المماليك حين كانت تقفل أبواب المدينة ليلا ولا يسمح لأحد بالدخول وكان التجار ينتظرون حتى الصباح لكى يدخلون المدينة ويتاجرون ببضاعتهم ولكن كان هناك إستنثاء يمنح لتجار الكوسة وذلك لأن الكوسة من الخضروات سريعة التلف ولذا كان يسمح لبائعي الكوسة فقط بالدخول والمرور من الأبواب فحدث وصاح أحد التجار بصوت مرتفع قائلا اه ما هي كوسة.


الملابس الشعبية:

كانت الملاية اللف واليشمك والطربوش والبيشة من التراث الشعبى المصرى، الذى اختفى من قرابة نصف قرن من الزمن، وذلك بفعل التقدم وصعوبة ارتداء هذا الزى المميز.

فى النوبة ترتدى المرأة ملابس مطرزة بالخرز، بينما يلبس الرجال دائماً "الطاقية"، وفى الشرقية ترتدى المرأة عباية أو جلباباً مشغولاً من الديل والأكمام وتسمى "بروان"، وتشتهر سيدات الوجه البحرى عموماً بارتداء العبايات الواسعة ويطلق عليها "الملس"، أما فى واحة سيوة فيلبس الرجال جلبابًا قصيرًا وتحته سروال وعليه "صدرية" وطاقية على الرأس،. وهذه الانماط التقليدية يتوارثها جيل بعد جيل فى ربوع مصر وتعكس فى طياتها المعتقدات والمفاهيم الشعبية لطبيعة البيئة.


مهن فى طى النسيان:

السقا:

امتازت وظيفة «السقا» بأهمية كبيرة في مصر منذ القرن العاشر الميلادي، و"السقا" هو العامل المسؤول عن توصيل المياه من الخزانات إلى المنازل والمساجد، وكان "السقا" يحمل "قِربة" مصنوعة من جلد الماعز يملأها بالماء العذب على ظهره، وفي بعض الأحيان كان يضع الماء في أوعية كبيرة وبراميل ويضعها على عربات كارو  ولجأ "السقا" إلى طريقة ليحصل بها على أجرته عن طريق إعطاء "ماركات" وهي حصوات مشغولة أو خرز لصاحب البيت، وكل عدد حصوات مساو لعدد المرات المطالب فيها بملئ "الزير" لصاحبه، فكلما ملأ الزير أعطاه «مارك» حتى ينتهي العدد فيتلقى أجرته كاملة .. بعد إنشاء شركة المياه سنة 1865 أخذت مهنة «السقا» تتوارى لكنها لم تنته تماما.


الطرابيشي:

عرفت مصر الطربوش منذ الخلافة العثمانية وقدوم محمد علي باشا لولاية مصر، وكان قطعة أساسية في المناسبات الرسمية، وساعد في إضفاء وقارًا على مرتديه، ورمزًا للوجاهة الاجتماعية، بل إن البعض كان يعيب على الرجل خروجه من منزله دون وضع الطربوش فوق رأسه، واشتهر به أفراد العائلات المصرية العريقة.

واختفى الطربوش منذ ما يزيد على 60 عامًا، ولم يبق له سوى صور الذكريات، وانتشر صانعوه في مناطق محددة، مثل: الحسين والصاغة وحارة اليهود، وكان يصنع من الورق المقوى والقماش الأحمر، وغالبًا ما كانت تستورد خاماته من النمسا قبل ثورة يوليو 1952، التي خاضت معارك ضارية للقضاء على ثقافة الطربوش الدالة على الملكية.

ويتوافر في مصر نوعان هما : الطربوش الأفندي ، وطربوش العمة الخاص بالمشايخ وطلاب الأزهر.


الاراجوز:

ازدهر في مصر منذ أواخر العصر المملوكي (1250- 1517)، وكان وسيلة للتسلية تستهدف الصغار والكبار في المناطق الريفية والشعبية، واستخدم للتعبير عن مشاكل المصريين الاجتماعية، ومن أشهر فناني الأراجوز في العصر الحديث، الفنان محمود شكوكو.

وكان "الأرجوزاتي" يختبيء تحت منضدة ويحرك العرائس بخيوط مشدودة تحتها، ويتحدث على لسانها بأصوات مختلفة، ويبدأ في سرد القصص والحكايات، وأحيانا كان يغني السير الشعبية المليئة بالبطولات، وتوعية الأطفال والكبار الذين التفوا حوله.


مبيض النحاس:

حظيت مهنة مبيض النحاس بأهمية كبيرة، وكانت تدر ربحًا كبيرًا على صاحبها، الذي كان له يوم محدد يمر فيه على القرية، ويتجمع الأهالي محضرين معهم أوانيهم النحاسية، ويقوم مبيّض النحاس باستعمال أدواته، فكان يحضر كمية من الرماد الأحمر، وماء النار، ليضعهما داخل الأواني النحاسية، ويضع طبقة كبيرة من الخيش ويقوم بالوقوف داخلها، ويحركه بقدميه بحركة دائرية منتظمة مرددًا بعض الأغاني والمواويل، إلى أن يلمع النحاس وتزول من فوقه الطبقة الخضراء.

ومع مرور الزمن توارت هذه المهنة، وبدأت تنتشر الأواني المصنعة من الألومنيوم.


صانع القباقيب:

لعب القبقاب دورًا بارزًا في الثقافة الشعبية المصرية، وارتبط بعصر المماليك، فلقيت شجر الدر حتفها بضرب القباقيب، ويقول الكبار إن القبقاب له مزايا صحية هائلة، وانتشرت صناعة القباقيب بكثافة في خمسينيات القرن العشرين، ثم تراجعت شيئًا فشيئًا، وصار استخدامها قاصرًا على المساجد، وتبدو الصناعة اليدوية البسيطة في طريقها للاندثار الآن.


صانع السلال:

حرفة يدوية تعتمد على مهارة صانعها في تشكيل المنتجات،يصنع صاحبها الكراسي والأقفاص والسجاد وغيرها من مستلزمات البيوت باستخدام الخوص وجريد النخيل، ويستخدم صانع السلال أدوات قليلة، مثل: مخرز، زوجي زرادية، سكين حادة، مقص، وإبرة كبيرة.

ويفضل البعض منتجات الخوص على المنتجات البلاستيكية؛ كونها مريحة وتدوم لفترات أطول، وحاليًا تواجه الحرفة بعض المخاطر فيما يتعلق بقلة الإقبال على منتجاتها، ومع ذلك فهى ما زالت قائمة في بعض المناطق الريفية.


حلاق الصحة:

طبيب متخصص في جميع الأمراض، ، ولديه القدرة على إسعاف الجرحى، إضافة إلى امتهان الحلاقة، واعتاد حلاق الصحة التواجد في القرى والنجوع بشنطة أدواته المصنوعة غالبًا من الجلد أو الخشب، وكانت الموالد أزهى أيامه.


مكوجي الرجل:

هي مهنة قديمة لا يمارسها إلا قليلون ،و استخدمت «مكواة الرجل» بين المصريين لتهيئة الملابس الصوفية الثقيلة التي تستعصي على المكواة الصغيرة،  وتعتمد على تسخين المكواة، وتمريرها على الملابس مع الإمساك بذراعها الطويلة المنحنية.

الحكواتى:

الحكواتى هو من يحكى السيرة ودرجت العادة على أن يروي الحكواتي السير الشعبية في مكان عام يسمى "القهوة" بما اتصف به من حسن الإلقاء واستثارة المشاعر.

يسمى الحكواتي أيضا بـ"المحدث"، ومن الحكاواتيه في مصر، العناترة، وهم محدثون اشتهروا برواية سيرة عنترة بن شداد وغيرها، وتروى السيرة شفويا، وهم ينشدون الشعر، ولكنهم يقرأون النثر بالطريقة الدارجة، ولا يستعملون الرباب.


صندوق الدنيا "البيانولا":

بيانولا وألابندا وحركات.. اطلعي بقى يا نصاص يا فرنكات ...هكذا قال عنها صلاح جاهين.. البيانولا لها عدة مسميات منها"صندوق الدنيا"، وهي كلمة مِن التراث الشعبي المصري، تطلق على جهاز "كنتوسكوب"، يدوية الصنع والتشغيل، عبارة عن صندوق خشبي في شبه وحجم دولاب صغير، لونه أسود، ومرسوم عليه رسومات شخصيات كرتونية وزخارف خشبية يوجد على جانبه الأيمن "مانفيلا"، عصا لتدوير الصور داخل الصندوق بشكل يدوي، وعلى الجانب الأيسر يوجد رافع لتشغيل الموسيقي، ويتم تشتغيل قطع موسيقية مسجلة على شريط من الورق، كان هناك شخصان، أحدهما يحمل البيانولا، والآخر يُمسك آلة الـرق ،يبدأ الأول في تدوير المانفيلا، بينما يتراقص الآخر على الأنغام الصادرة من البيانولا. و يلتف حوله الأطفال بعد سماعهم المنادي: "اتفرج ياسلام"، فيضع لهم دكة خشبية يجلسون في الفتحات الدائرية للصندوق، وتبدأ الصور تدور داخل الصندوق بشكل متتابع، وتحكي قصصا وحكايات لأبطال شعبيين.


العديد والعدودة:

العديد.. هو رثاء شعبي ونغم شعري حزين يستثير مشاعر حزينة استدرارا للبكاء واعلانا للتفجع والحزن أغلبه على الموتى يحمل دلالات تخالف صحيح الدين. يطلق على من تقوم بهذا الفن الشعبي ذي البعد النفسي “العدودة” تُخرج شحنات الألم والحزن في الجنازات ترويحا عن النفس مع لطم الخدود وشق الجيوب ، وقديما كان هناك مهنة “الشلاية” وهي التي تقود العديد في الجنازات  لكن المهنة اندثرت ، وذلك لاعتبارات الحداثة والتطور.


أماكن تقدم عروضا تراثية مصرية:


وكالة الغوري:

بناها الأشرف أبو النصر قنصوة الغوري في العصر المملوكي، وأصبحت مركزا ثقافيا تابعا لصندوق التنمية الثقافية  عام 2005، تقدم عروضا فنية لفرقة “التنورة التراثية”، بمصاحبة الآلات الموسيقية الشعبية مثل (الربابة - السلامية - المزمار- الصاجات – الطبلة)، كما يقوم بالغناء بمصاحبة الرقص منشد شعبى يعتمد على التلقائية والإنشاد الدينى، عناصر الرقص بالفرقة تعتمد على راقص التنورة (اللفيف) والراقصين (الحناتية) الذين يرقصون بآلة الإيقاع (المزهر) وجميع أفراد الفرقة من راقصين وموسيقيين هم فنانون تلقائيون تعلموا فنون الرقص والعزف والغناء عن آبائهم وأجداهم.


بيت السحيمي:

يعتبر بيت السحيمي بالدرب الأصفر المتفرع من شارع المعز لدين الله نموذجاً فريداً من نماذج عمارة البيوت السكنية الخاصة بل أنه البيت الوحيد المتكامل الذي يمثل عمارة القاهرة في العصر العثماني في مصر.

وحفاظاً على الموروث الموسيقى والشعبى وحرص الصندوق على رعاية فرق التراث الشعبى فى مصر وتوفير أماكن عرض ثابتة لها.. قام الصندوق بفتح أبواب بيت السحيمى لإستضافة أضخم فرق مصرية للتراث الشعبى الموسيقى وهى فرقة النيل للموسيقى والغناء الشعبى والتى يبلغ عدد أفرادها اكثر من 55 فناناً تحت قيادة المخرج عبد الرحمن الشافعى وهى من الفرق التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، وقد تم مؤخراً استضافة نوع آخر من الفنون الشعبية بمركز إبداع السحيمى وهو فن الأراجوز وخيال الظل ، ذلك الفن الشعبى الذى أخذ صندوق التنمية على عاتقه الحفاظ عليه وحمايته من الإندثار بعد أن رحل معظم فنانيه القدامى، وأصبحت تقدم بالبيت عروض دائمة للأراجوز وخيال الظل كما تقام ورش عمل لتعليم الشباب أصول هذا الفن لإعداد جيل جديد قادر على مواصلة المسيرة.

وبيت السحيمى متحف مفتوح لفنون العمارة الإسلامية و يفتح أبوابه للمعارض الفنية من خلال قاعات العرض التى يحتويها البيت والتى تتناسب مع طبيعة المكان.


مركز الحرف التقليدية بالفسطاط:

يعتبر من المراكز التى تهتم بتطوير وتنمية الحرف التقليدية والفنون الإسلامية من خلال أعمال الخزف والنجارة والزجاج المعشق بالجبس والخيامية والحلى، وكذلك من خلال التعاون مع مدرسة الأمير تشارلز للحرف التراثية، ويضم معرضاً للحرف التقليدية وورش عمل حية للحرفيين.


المركز المصري للثقافة والفنون "مكان":

هدفه الأساسي الحفاظ على هوية الشعوب عن طريق تقديم الفنون التراثية التى تنقل لكل جيل شفهيًا، يقدم فنانين مصريين، وفنانين من دول العالم المختلفة.

"مكان" يقدم حفلات ثابتة بواقع 3 حفلات في الأسبوع: منها حفلات الذكر الصوفي والإنشاد الديني وحفلة الزار المصري والذى تقدمه فرقة "مزاهر" بشكل ثابت وحفلات فن الموال اللي تقدمه رضا شيحة، موسيقى صعيد مصر لفرقة "الجعافرة" أو فرقة "أراجيد" النوبية.


مسرح الضمة للفنون الحرة:

مسرح الضمة بوسط القاهرة تابع لمركز المصطبة للموسيقى الشعبية المصرية، أنشئ عام 2000 ويقدم حفلات لفرق التراث الشعبي المصري عامة ،والضمة هى القعدة واللمة الموسيقية ، يهتم بالفن المصري خاصة موسيقى منطقة القناة من أهم الفرق اللي قدمها لجمهور القاهرة فرقة "الطنبورة البورسعيدية"، فرقة "الجركن البدوية" و"الوزيري" (الصحبجية سابقًا) من الإسماعيلية ،فرقة "نوبا نور" من النوبة وفرقة "مزامير النيل".


مركز الربع الثقافي:

مركز الربع الثقافي فى درب التمبكشية بشارع المعز لدين الله الفاطمى يقدم أنشطة مختلفة، أمسيات شعرية وموسيقى وغناء وإنشاد دينى والموسيقى الروحية "الحضرة".بالأضافة الى ورش تدريبية.

قام المركز بإطلاق الدعوة للعب ألعاب زمان تحت شعار "فاكر لما" للعودة إلى ذكريات الزمن الجميل بعيداً عن الألعاب الإلكترونية المعقدة  زمن "التابلت، والموبايل، والفيس بوك .. استغماية، كيكا على العالى وكيكا على الواطى، عسكر وحرامية، ثبت صنم، بلى، كورة كوتشينة، كيلو بامية، مساكة الملك، كهربا، بنك الحظ، السبع طوبات"، وغيرها من الألعاب المنقرضة.


اليوم العالمى للتراث:

الحفاظ على التراث، كان، ولا يزال، نواة المفهوم الجديد للتراث العالمي الذي تضمنته اتفاقية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972 التي وضعت بنودها منظمة اليونسكو.

واختير يوم 18 ابريل من كل عام لإحياء التراث العالمي بناء على اقتراح من المجلس الدولي للمعالم والمواقع وهو ما وافقت عليه الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في عام 1983 بهدف تعزيز الوعي بأهمية التراث الثقافي الإنساني وحشد الجهود لحمايته والمحافظة عليه .