رامى رشدي يكتب: تقارير رقابية أوصت بإقالة رئيس جامعة الأزهر قبل الإساءة لـ"بحيرى"

مقالات الرأي

رامى رشدي
رامى رشدي


تضمنت مخالفات إدارية وأموراً شخصية

■ الرئاسة لم ترد على ترشيحات «الطيب» للمنصب منذ مارس الماضى ورفضت تعيين «الهدهد»


لم يقم الدكتور أحمد الطيب، بإقالة الدكتور أحمد حسنى، القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر، من أجل عيون الباحث إسلام بحيرى، على خلفية وصف حسنى لبحيرى بالمرتد، إذن إ الأمر أكبر بكثير من خطأ أستاذ أزهرى اعتذر عنه فى اليوم التالى، وكان يمكن للأزهر وشيخه أن يكتفيا بإقرار الرجل بغلطته، خصوصاً أن الاعتراف بالخطأ أمر نادر من جانب علماء الأزهر.

البعض تصور أن إقالة حسنى خضوعاً وتراجعاً من الأزهر، أمام بحيرى، ولكن ما يدور داخل جامعة الأزهر أمر مختلف تماماً، لا يتعلق بهفوة حسنى أو فوبيا بحيرى، ولكن الأمر أكثر تعقيداً بكثير من مواجهة باحث مغرم بالهجوم على الأزهريين، أو معاقبة أحد أبناء المشيخة على غلطة.


1- مخالفات مالية لـ"حسنى" الموجودة على مكتب شيخ الأزهر عجلت بالقرار

لو لم يخطئ حسنى فى حق بحيرى، لجرت إقالة الأول، لكن هذه الخطوة كانت ستفجر فضيحة للمشيخة وللدكتور الطيب صاحب قرار تعيين حسنى قائماً بأعمال رئيس الجامعة، فوفقاً للمصادر فإن هيئة الرقابة الإدارية وجهازى الأمن القومى والأمن الوطنى، يمتلكون أدلة على وجود مخالفات مالية وإدارية للدكتور حسنى، بجانب أمور شخصية، وتم إرسال الملف الكامل بكل هذه الأشياء إلى مكتب الطيب للتعامل مع الأمر.

لذا كان التضحية بحسنى قبل شهرين فقط من انتهاء مدته كقائم بالأعمال فى أغسطس لوصوله لسن المعاش، هدفه الحفاظ على سمعة المشيخة ومكانتها وعدم تطاول الألسنة عليها، ومن ناحية أخرى لا يملك التجديد للقائم بالأعمال، أو تعيين رئيس الجامعة، سوى رئيس الجمهورية، حسب المادة 182 من قانون تنظيم الأزهر بأنه إذا بلغ عضو هيئة التدريس سن التقاعد خلال السنة الجامعية وخلال مدة خدمته يتم التمديد له إلى نهاية المدة، بناء على طلب من مجلس الجامعة واقتراح مجلس الكلية المختص، وتنتهى السنة الجامعية بانتهاء أعمال الامتحانات فى الكلية الموجود بها العضو، وهذا النص يتعلق بعمل عضو هيئة التدريس فى كليته.

أما فى المناصب الإدارية فهى محكومة بالقرار الصادر بشأنها، فلا يمكن التمديد إلا بقرار ممن أصدر القرار الأول، وهو رئيس الجمهورية، وقرار التعيين صادر من الرئيس وحدد نهاية المدة صراحة فلا يملك أحد تعديله إلا الرئيس، فإذا بلغ العضو سن المعاش أثناء العام الجامعى فلا يمكن أن يُجدد له إلا الرئيس ذاته، ولا يمكن للأدنى -مجلس الجامعة أو المشيخة- أن يُصدر قرارا للأعلى -رئيس الجمهورية- الذى يملك السلطة الأعلى هو مصدر القرار.

ومنذ ديسمبر 2015 وعقب إقالة الدكتور عبدالحى عزب من رئاسة جامعة الأزهر، لم يصدر قرار رسمى من قبل رئاسة الجمهورية بشأن تعيين رئيس لجامعة الأزهر، رغم مخاطبة الدكتور الطيب الرئاسة عدة مرات لتعيين رئيس للجامعة، من بين 3 مرشحين أرسلهم، إلا أنه لم يتم الرد عليه.

قام الطيب بتزكية الدكتور إبراهيم الهدهد، القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر، الأسبق، عقب الدكتور عبدالحى عزب، ليكون رئيسا للجامعة وقتها، إلا أن الرئاسة رفضت طلب الشيخ ما دفعه إلى الإبقاء على الهدهد قائماً بالأعمال لحين بلوغه سن المعاش أوائل العام الحالى.

وخاطب الشيخ الرئاسة منذ مارس الماضى بتعيين أحد الأسماء التى زكاها الإمام الأكبر وعلى رأسها الدكتور عبدالفتاح العوارى، عميد كلية أصول الدين الحالى، والدكتور محمد المحرصاوى، عميد كلية اللغة العربية والدكتورعبدالحكيم الشرقاوى، عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، ولكن لم يتم الرد على الطيب، الذى لم يكن أمامه سوى حيلة الانتداب حيث كلف الطيب الدكتور محمد المحرصاوى، عميد كلية اللغة العربية، بالقيام بأعمال رئيس الجامعة، اعتباراً من السبت الماضى بصفة مؤقتة لحين تعيين رئيس جديد للجامعة التى تعانى من عدم وجود رئيس لها منذ سنتين.


2- أزمة أبوهاشم الساعى ليصبح قائما بالأعمال

المأزق القانونى فى جامعة الأزهر سهل لبعض الراغبين والمدفوعين من خصوم الطيب من خارج المشيخة وداخلها، للتنغيص على الشيخ، حيث خرج الدكتور محمد أبوهاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر ليشكل أزمة جديدة لـ»الشوشرة» على المشيخة وشيخها ليصبح أول منازع لهما بإعلانه رغبته على غير العادة ليصبح قائما بالأعمال، وليس رئيساً للجامعة.

وعلى غير عادة أستاذة الجامعة اتهم أبوهاشم، الطيب بأن قراره بتعيين المحرصاوى مخالف للقانون وأنه الأحق بالمنصب المؤقت باعتباره أقدم نواب رئيس الجامعة سناً، وقدم التماساً للشيخ يطالب بذلك، ولم ينته الأمر عند هذا الحد، ولكنه نظم فى خطوة شديدة الغرابة، وقفة احتجاجية داخل حرم جامعة الأزهر للاعتراض على القرار.

ولم ينته الأمر عند هذا الحد، ولكن أبوهاشم لجأ لبعض المقربين من الطيب وعلى رأسهم أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية ومحمود الشريف وكيل مجلس النواب، خلال لقاء جمع بينهم بأن يطالبوا الطيب بتعيينه قائماً برئاسة الجامعة بدلا المحرصاوى إلا أن الطيب رفض طلبهما.

ووفقا للمصادر فإن أبوهاشم على خلاف دائم مع رجال مشيخة الأزهر وعلى رأسهم الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء ووكيل المشيخة، لكنه فى المقابل مؤيد ومتضامن بشكل كامل مع الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، فى كل مواقفه السابقة ضد المشيخة وضد الطيب حيث تربطهما علاقات قوية.

ويعتقد القائمون فى المشيخة، أن وزير الأوقاف هو من يقف وراء الأزمة التى اختلقها الدكتور أبوهاشم، لذا تصدى محمد عبدالسلام، المستشار القانونى للمشيخة فى الرد على أبوهاشم، بالقول إنه لا يحق له التعيين كقائم بالأعمال وأن شيخ الأزهر لم يتخطه بتكليف الدكتور محمد حسين المحرصاوى بالمنصب.

وقال عبدالسلام، إن تعيين المحرصاوى، لا يمكن تطبيقه إلا عند توافر عدة شروط منها: أن يكون رئيس الجامعة موجوداً وقائما بعمله وشاغلاً لمنصبه، وفى هذه الحالة إذا تغيب عن منصبه بصورة عارضة ومؤقتة سواء لإجازة أو مرض أو عارض صحى أو سفر أو مأمورية، يحل محله أقدم نائب لحين عودة رئيس الجامعة.

وأضاف: إنه لا محل لتطبيق الحلول عند الغياب الدائم لرئيس الجامعة، كما هو حاصل الآن، لأن غياب رئيس الجامعة الدكتور عبدالحى عزب، بالاستقالة ترتب عليه خلو المنصب، وبالتالى لا محل لتطبيق قاعدة الحلول لانتفاء شرطها، وهو أن يكون رئيس الجامعة موجوداً بالخدمة وغيابه مؤقت.

ومن جهة أخرى فإنه يشترط أيضا للتمسك بتطبيق الحلول القانونى أن يكون نائب رئيس الجامعة هو أقدم نواب رئيس الجامعة، والثابت أن الدكتور أبوهاشم، ليس الأقدم، لأن النائب الأقدم هو حسنى الذى تمت إقالته وإنهاء قيامه بأعمال رئيس الجامعة والذى تنتهى خدمته فى أغسطس المقبل.

وأوضح عبدالسلام، أنه ليس من حق الدكتور أبوهاشم المطالبة بالمنصب لافتقاده أحد شروطه وطالما تم إقصاء الأقدم، ولم يكن هناك ثمة نص قانونى أو لائحى يخول للنائب الثانى الحلول فى المنصب، أن التكليف فى هذه الحالة يخضع للقواعد العامة باعتباره سلطة تقديرية لمن يرى الطيب تكليفه.

وأشار إلى أن مثل هذا القرار هو سلطة تقديرية ولا يخضع لأى قيد كقيود الأقدمية وغيرها وهو أمر مؤقت لا يكسب المكلف ثمة حق أو أفضلية فى البقاء بالوظيفة وينتهى التكليف بقوة القانون بمجرد صدور قرار شغل المنصب بالتعيين الدائم لرئيس الجامعة.

والسجال القانونى بين الطرفين استمر حيث قام أبوهاشم بالرد، وفقاً لنص المادة 44 من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التى يشملها ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما والذى جاء على النحو الآتى: يكون لجامعة الأزهر أربعة نواب لرئيس الجامعة يعاونونه فى إدارة شئونها العلمية ويقوم أقدمهم مقامه عند غيابه.

كل تلك الأزمة يمكن أن تحل بصدور قرار الرئاسة بتعيين رئيس لجامعة الأزهر وينتهى الأمر برمته بدلا من الجدل الدائر حول شيخ الأزهر والنيل منه فى إطار حملة يراها البعض أنها تهدف لمضايقة الطيب، وتستغلها جماعة الإخوان، لتشويه النظام وأنصاره.