الأم العاملة دايم ماري.. من صاحبة محل نظارات إلي أغني سيدة في بريطانيا!

الفجر الطبي

دايم ماري
دايم ماري


ترعرعت دايم ماري بركنز في منزل تابع لمشاريع الإسكان الحكومية، والآن هي أول مليارديرة صنعت نفسها بنفسها في بريطانيا، وأغنى بثلاث مرات من ملكة بريطانيا إليزابيث، وقد حققت كل ذلك وسط أجواء مطبوعة في ذهنها بتغيير حفاضات أطفالها وصراخهم وتوالي المربيات والأمسيات الطويلة، والشعور الحتمي بالذنب الذي تشعر به كل الأمهات.

تصل ثروة بركنز صاحبة مؤسسة "سبكسايفرز للنظارات" إلى 1.6 مليار جنيه استرليني، لكنها ما زالت تعمل سبعة أيام في الأسبوع، على الرغم من بلوغها الـ 73 من عمرها، وتشتري ملابسها بالخصومات، وترفض التباهي بما لديها، باستثناء الدراجة الجديدة التي تستخدمها للتنقل بين المنزل والعمل.

وهي تقود دراجتها إلى العمل كل يوم من بيتها المتواضع المؤلف من أربع غرف نوم في غورنسي، وتتناول الطعام في كافتيريا الموظفين، وترتب منزلها قبل أن تأتي عاملة التنظيف لأنها تحب الترتيب، وتقر بأن ذلك يثير انزعاج العائلة التي تقول لها: "أتركي لها شيئاً تقوم به!".

وتشير إلى أنها تشعر بالحرج عندما يتودد إليها الناس احتراماً: "من اللطف أن ألقاك دايم ماري"، وهي ترد دائماً: "أرجوكم أن تدعوني ماري فقط". وقد سمت دايم، اعترافاً بخدماتها في مجال الأعمال والمجتمع في غورينساي.

وعلى النقيض من الكثير على لائحة الأغنياء، صنعت ماري ثروتها مع زوجها من عملهما، وكان جزءاً كبيراً منه انطلاقاً من مكان مؤقت بديل على طاولة تنس في غرفة جانبية، وسط أجواء مطبوعة في ذهنها بتغيير الحفاضات وصراخ الأطفال والمربيات وأمسيات الأهل والشعور الحتمي بالذنب لدى الأمهات. وترعى حالياً مكافأة "نات وست"، وهي جائزة لدعم الأمهات الرائدات اللاتي افتتحن عملاً تجارياً ولديهن أولاد دون 12 عاماً.

كانت حياتها كفاحاً شاقاً ليس أقله أنها باشرت مع زوجها دوغ في تكوين عائلة مع افتتاح أول شركة لهما، وهي سلسلة نظارات "بيبنغتون وبركنز" في بريستول.

تقول: "لم أكن أعرف شيئاً عن الأطفال ولم تكن هناك إجازة أمومة في وقتها". وعندما رزقت بابنتها الأولى كاثي، أخذت إجازة عشرة أيام ثم مضت تعمل ستة أيام وثلاث أمسيات في الأسبوع، ثم ولدت جولي بعد عام. تقول: "لا بد أن الأمر كان رهيباً، ولم تكن لديّ فكرة عما كنت أفعل، لكن بالنظر إلى الوراء، لم أكن أفكر في الأمر".

وكان لديّ كرسيّ كراج وكانت طفلتاي ترضعان من القنينة، وكنت أحصل على مساعدة، فواصلت العمل، لكنني كنت مشغولة كثير. وعندما رزقت بابنها جون بعد ثلاث سنوات، مضت الأمور في السياق نفسه، واستمرت هي وزوجها في العمل على مدار الساعة.

عندما كانت بركنز تذهب إلى أحد الاجتماعات، كانت تصطحب معها الأطفال ليملأوا المظاريف ويساعدون في وضع النظارات في العلب، تقول: "كانوا دائماً يشاركونني في العمل. وشاهدوا بأم أعينهم مقدار التعب الذي نبذله، الآن جميعهم يعملون في الشركة".

في عام 1980، كان للشركة 23 متجراً، وبيعت في مقابل مليوني جنيه استرليني، لكن الزوجين كانا في الثلاثينات من عمرهما وفي مقتبل العمر، كان بإمكانهما أن يتقاعدا، فالمبلغ كان كبيراً بالنسبة لهما، إذ إن والد دوغ يعمل في جهاز الشرطة، وهي عاشت حياة متواضعة في منزل للإسكان في بريستول.

لكن والدها كان ملهماً لها، وكان قد أمضى أربع سنوات في مدرسة ليلية للتدرب على دراسة البصريات، فحذت حذوه ودرست في جامعة كارديف. وكادت لا تحصل على فرصتها، لكنها كانت طالبة مجدّة، فسجلت لامتحانات الرياضيات والفيزياء في المدرسة وحققت نجاحا باهرا.

التقت زوجها دوغ في الجامعة، لكنها لم تتذكره إلا بعد ثلاثة أسابيع عندما وصل إلى إحدى الحفلات ومعه سيارة. تقول: "كان الشخص الوحيد الذي أتى بسيارة! وقد أوصلني بسيارته إلى المنزل من الحفلة وهكذا بدأت الأمور، لم يكن هذا السبب الوحيد، أنا أكره أن يفكر أحد بأن هذا هو السبب لتقربي منه، لكنه كان مساعداً".

بعد أن باعا شركتهما الأولى انتقل الزوجان إلى غورنسي، وحاولا التقاعد. كان دوغ يحاضر بدوام نصف جزئي في كلية محلية، فيما تطوعت بركنز للقيام بالأعمال الخيرية.

في عام 1984، خففت رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر الأنظمة المشددة على متاجر النظارات، وسمحت لهما بالإعلان عن منتجاتهما وخدماتهما لأول مرة، فرأت ماري ودوغ ذلك فرصة سانحة لعرض نظارات وعدسات لاصقة قليلة التكلفة.

وتشكل متاجر "سبكسايفرز" الآن أكثر من 40% من السوق البريطاني، زائد 1800 فرع في عشر بلدان.وقد حافظ الزوجان على نمط حياتهما كما هو بشكل مثير للدهشة. وما زالا يقيمان في المنزل المتواضع الذي اشتراه الزوج في عام 1980. ولا يوجد في المنزل أي خدم أو مدبرة للبيت أو طاه أو مساعدين.